أهمية العمل الصالح في القرآن الكريم

أهمية العمل الصالح في القرآن الكريم

يُعرَّف العمل الصالح بأنه ذلك العمل الذي يحبه الله -عز وجل- ويقبله، ولصياغة عمل يعتبر صالحاً ومقبولاً عند الله، يجب أن يتماشى مع ضوابط الشريعة الإسلامية. علاوةً على ذلك، يجب أن تكون نية العبد خالصة لله -تعالى-، حيث أن النية الصادقة تُشكل أساس العمل الصالح. فإذا افتقر العمل إلى أحد هذين الشرطين، فإنه يصبح بلا أجر ولا ثواب من الله -تعالى-. كما قال الله -سبحانه-: (فَمَن كانَ يَرجو لِقاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلًا صالِحًا وَلا يُشرِك بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا). إن العمل الصالح يُعتبر سبباً للحياة السعيدة والراحة، كما ورد في قوله: (مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ).

أشارت بنت الشاطئ -رحمها الله- إلى أن العمل الصالح تم ذكره مصاحبا للإيمان في خمسة وسبعين موضعاً في القرآن الكريم. كما تبيّن الآيات الكثيرة ثمار العمل الصالح والثواب الكبير الذي يناله العبد عند القيام به، ويُعتبر العمل الصالح موضوعاً عاماً في ما يزيد عن مئتي آية في القرآن. وفي السنة النبوية، توجد العديد من الأحاديث التي تتناول العمل الصالح وأهميته وفضائله، هذا دون التطرق إلى التفاصيل الدقيقة من الجزئيّات والفرعيّات والأنواع المختلفة للعمل الصالح، حيث إن الكتاب والسنة مليئان بالدلالات المتعددة حول هذا الموضوع.

يشمل العمل الصالح جميع الأعمال والطاعات التي يقوم بها العبد تقرباً إلى الله -تعالى-، وكل الأعمال الخيرية التي تسهم في صلاح البشرية. الأمثلة على ذلك كثيرة، مثل برّ الوالدين، وإكرام اليتامى، والإنفاق في سبيل الله على الفقراء والمحتاجين، وصلة الرحم، وغيرها. وقد تم تناول العديد من الأمثلة لأعمال الخير في سور القرآن المختلفة مثل سورة الإسراء وسورة الأنعام، حيث تحث العديد من الآيات القرآنية على فعل الخير وبيان فضله، كما تمنع من ارتكاب الشر والمحرّمات. وأكثر الأعمال الصالحة التي دعا إليها القرآن هي الصلاة، لما تعكسه من روحانيّة وقرب من الله وطمأنينة للعبد، إضافة إلى كونها تمنع من الفحشاء والمنكر، قال الله -تعالى-: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ). وكذلك الزكاة، لكونها تعكس فضائل عظيمة تعود بالنفع على الفرد والمجتمع، كما جاء في قوله: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها).

ثمار العمل الصالح

تُعَدّ الأعمال الصالحة مصدراً للعديد من الثمار والفوائد العظيمة، ومن أبرز هذه الثمرات:

  • يُعتبر العمل الصالح عاملاً في زيادة تقوى العبد وإيمانه؛ حيث كلما تزايدت الأعمال الصالحة، زاد إيمان العبد. فلابدّ أن يكون العمل مصحوباً بإخلاص النية واتباع النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث تختلف الأعمال عن بعضها البعض حسب نوعها ودرجتها وفضلها، فالعمل الواجب يُعتبر أفضل من العمل المستحب، كما أن بعض الأعمال تتمتع بأجر وثواب أكبر من غيرها.
  • يُعزز العمل الصالح صلة العبد بربه ويقرّبه إليه، ويوفر له العزّة والتمكين، وكذلك يمنحه الرفعة ورفع مقامه يوم القيامة.
  • العمل الصالح مع النية الصادقة قد يكون سبباً لدخول الجنة، والمواظبة على الأعمال الصالحة توفّق العبد للخاتمة الحسنة.
  • يمنح العمل الصالح شعورًا باللذة المستمرة، مما يجعل العبد يسعى دوماً للزيادة فيه، وذلك لأن العمل الصالح يُقرب العبد من خالقه، على عكس الانشغال بأمور الدنيا التي قد تُسبب الملل وفقدان اللذة.

الإيمان والعمل الصالح

تتضح أهمية العمل الصالح في الكثير من الآيات القرآنية التي تربط بينه وبين الإيمان بالله -سبحانه وتعالى-. فالإيمان يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمل، حيث يُعبر العمل الصالح عن الصورة العملية والتطبيقية لما يعتنقه القلب، وتجسد أركان الإسلام كالشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، الحاجة لترجمة عملية وسلوكية تعكس إيمان العبد. كثيراً ما نجد في القرآن آيات تُذم من يقول خلاف ما يفعل، كما في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ*كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ). لذا نجد أن الدعوات في القرآن تدعو غالباً إلى العمل الصالح، إذ يُعتبر ثمرة للإيمان بالله ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- واليوم الآخر.

Published
Categorized as إسلاميات