يبذل المسلمون قصارى جهدهم خلال شهر رمضان لأداء الفروض والنوافل من الأعمال الصالحة، وخصوصًا الصلاة التي تعتبر عمود الدين وركنًا من أركان الإسلام الأساسية. لذلك، يحرص المسلم على الحفاظ عليها وأدائها في أوقاتها بروح من الطمأنينة والخشوع؛ فهي واجبة على كل مسلم ومسلمة. يُعزى أهمية صلاة الجماعة للرجال، إذ يُفضل أن تُؤدى في المسجد. وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على الذين يداومون على الصلاة بقوله: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}. يُعتبر شهر رمضان من أعظم الأوقات لتأكيد على أداء الصلوات.
دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- في مجموعة من الأحاديث إلى الاهتمام بأداء صلاة النافلة، مؤكدًا على أعمال الخير ومثال ذلك قوله: {الصلاةُ خيرٌ موضوعٌ، فمَنِ استطاعَ أنْ يَسْتكْثِرَ فَلْيستكثِرْ}. يشير “الكثرة” هنا إلى النوافل، إذ إن الفرائض مفروضة من الله -تعالى- ولا يجوز الزيادة فيها. وقد صنف العلماء النوافل إلى نوعين: النفل المقيَّد ويشمل السنن الراتبة وغير الراتبة المقيَّدة بعدد أو وقت، كصلاة الوتر وسنة الفجر، والصلاة ركعتين قبل الظهر وبعده. والنفل المطلق، الذي يتضمن النوافل غير المقيدة، أي التي يمكن للمسلم أن يؤدي منها ما شاء في أي وقت، مع وجوب تجنب أوقات النهي. هناك أيضًا بعض النوافل المرتبطة بمناسبات معينة، مثل صلاتي الكسوف والخسوف، وصلاة الاستسقاء، وصلاة ركعتين بعد الوضوء. إضافةً إلى ذلك، هناك نوافل تُؤدى في أوقات محددة كصلاة العيد، وصلاة التراويح، وصلاة الضحى، وقيام العشر الأواخر من رمضان. ومن ثمرات المحافظة على النوافل:
تُعرَف صلاة التراويح بأنها الصلاة التي تُؤدى خلال شهر رمضان في أول الليل، وسُميت بذلك لأن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يستريحون بعد كل أربع ركعات. اتفق الفقهاء على أنها سُنة مؤكدة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، حيث قال: {مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ}. قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بأداء الصلاة مع الصحابة لثلاثة أيام، ثم تُركت بعد ذلك مخافة أن تُفرض على الناس. والسنة استمرت كصلات فردية حتى تولى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الخلافة، حيث جمع الناس على إمام واحد، وهو أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه-، ومنذ ذلك الحين، تُؤدى التراويح جماعة مع الإمام.
حثَّ الله -سُبحانه وتعالى- على قيام الليل لأجره العظيم، ويتأكد قيام الليل خلال أوقات مباركة مثل شهر رمضان. وقد شجع النبي -عليه الصلاة والسلام- على قيام الليل، حيث صلى مع الصحابة عدة ليالٍ. لقيام الليل فضائل عديدة؛ إذ يعتبر طريقًا لمغفرة الذنوب ودخول الجنة، حيث قال الرسول: {يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ}. ومدح الله -سُبحانه وتعالى- من يقوم الليل بقوله: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}. وأفضل أوقات قيام الليل تكون في آخر الليل.
يُعتبر ترك الصلاة من الذنوب الكبيرة، وقد أشار العلماء إلى وجود فارق بين من يتركها تكاسلًا ومن يتركها جحودًا. أما من يتركها تكاسلًا، فإن صيامه يكون صحيحًا ومقبولًا عند الله -تعالى-، لكنه آثم بتركه. في المقابل، من ينكر فرضيتها ويترك الصلاة بشكل جحود، فإن صيامه وأعماله تكون غير مقبولة، كونه يعتبر كافرًا كفرًا مخرجًا من الملة، إذ أنه أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة.
يسعى المسلمون لاستغلال الوقت خلال شهر رمضان لأهميته العظيمة، حيث يضاعف الله -سُبحانه وتعالى- الأجر ويغفر الذنوب في هذا الشهر. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: {كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعمِئَة ضِعْفٍ…}. كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يجتهد في رمضان بشكل أكبر، خاصة في العشر الأواخر منه. تختلف الأعمال الصالحة التي يمكن القيام بها، مثل الصدقة، قيام الليل، الدعاء، والابتعاد عن كل ما ينقص من أجر الصيام، كقول الزور. وقد أبلغ الله -سبحانه- نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن أحب الأعمال إليه هي أداء الواجبات المفروضة، تليها النوافل: في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال رسول الله: {إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ…}.
أحدث التعليقات