يُعتبر التسامح ركيزة أساسية ومهمة في بناء المجتمعات وتطويرها، حيث يكسب الأفراد والمجتمع العديد من المنافع. وتؤكد الشريعة الإسلامية على أهمية إنشاء مجتمع متماسك يتسم بالقوة والترابط بين أفراده، مما يبرز دور التسامح في تعزيز الصحة النفسية والاجتماعية. لذا، يُسلط الضوء في هذا المقال على مفهوم التسامح وأهميته في حياة الأفراد والمجتمعات، بالإضافة إلى بعض نماذجه.
مفهوم التسامح
الكلمة “تسامح” مشتقة من الجذر اللغوي (سَمَحَ)، والذي يعني اللين والسهولة، وبالتالي فإن التسامح يعكس روح التعاون بين الأفراد.
في معناه الاصطلاحي، يمثل التسامح العفو عند القدرة والإحسان تجاه الآخرين، ويتناقض مع التعصب والغلو. وقد أكدت السنة النبوية على فضل هذه الخاصية، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إذا باعَ، وإذا اشْتَرَى، وإذا اقْتَضَى” مثلما ورد في البخاري.
شاهد أيضاً:
أهمية التسامح في بناء المجتمع
تدعو الشريعة الإسلامية إلى تعزيز مبدأ الإخاء بين الأفراد، بهدف بناء مجتمع قوي وثابت لا يتأثر بالأزمات. وفيما يلي بعض الفوائد المترتبة على التسامح:
- يضمن حقوق الأفراد في الاختيار وحرية ممارسة معتقداتهم.
- يعزز التماسك الاجتماعي من خلال تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
- يشجع على استكشاف وجهات نظر الآخرين وتقبلها.
- يؤكد الروح الوطنية ويعزز الروابط التاريخية بين المواطنين.
- يسهم في تقوية المجتمع وجعله أكثر صلابة عبر تحسين الصحة النفسية للأفراد.
- يعزز تبادل الثقافات والمعرفة بين أبناء المجتمع.
- يدعم الحوار الفعال القائم على الاحترام المتبادل بين الآراء والمعتقدات.
- يساهم في بناء مجتمع صحي ومتوازن.
شاهد أيضاً:
دور التسامح في حياة الأفراد
كون الفرد هو الوحدة الأساسية في بناء المجتمع، فإن أثر التسامح لا يتوقف عند حدود المجتمع بل يمتد ليشمل الأفراد أنفسهم. وفيما يلي بعض الأثر الإيجابي لهذا المفهوم:
- يزيد من التقوى في قلوب الأفراد، حيث قال تعالى: “وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” (البقرة 237).
- يعد خطوة هامة في التغلب على المشكلات النفسية سواء كانت شخصية أو اجتماعية.
- يساعد في كسب محبة وثقة الآخرين.
- يعلم الأفراد كيفية التعامل مع الجانب غير المثالي للناس الذي قد يؤدي إلى الإساءة.
- يمنح المتسامح شعورًا بالسلام الداخلي.
شاهد أيضاً:
أشكال التسامح في الإسلام
هناك العديد من أشكال التسامح في الشريعة الإسلامية، والتي تبدأ من الله سبحانه وتعالى ثم تنتقل إلى بند التخلي عن بعض الأمور، ومن هذه الأشكال:
- فرض الحج مرة واحدة في حياة المسلم لمن استطاع أداءه، تجنبًا للحرج والتعب.
- التيمم للصلاة في حال الجروح أو عند عدم توفر الماء.
- إباحة الإفطار في رمضان للحائض والمسافر.
- السماح بإجراء سجود السهو في الصلاة عند وجود نقص.
- تخفيف بعض الأحكام مثل تقليص عدد الصلوات المفروضة من خمسين إلى خمس مع المحافظة على فضائل الأعداد العالية.
صور التسامح في المجتمع
توجد صور متعددة من التسامح يصعب حصرها في مقال واحد. وسنستعرض بعض هذه الصور فيما يلي:
- التسامح الديني: احترام diverse معتقدات الناس ومنحهم الحق في ممارسة طقوس دياناتهم، لبناء مجتمع مسالم.
- التسامح السياسي: كل فرد له الحق في التعبير عن رأيه السياسي دون ضغوط أو عواقب، وهذا جزء من الديمقراطية.
- التسامح العرقي: عدم التمييز بين أفراد المجتمع بناءً على أعراقهم.
يبقى المجتمع القوي القائم على أسس متينة، لذا يجب أن تكون هذه الأسس قوية لتحمل أي رياح قد تهب. ويُعد التسامح أحد هذه الأسس الجوهرية لما له من تأثير إيجابي على الفرد والأسرة والمجتمع ككل.
أحدث التعليقات