أهمية التسامح في تعزيز العلاقات الإنسانية

نيل رضا الله سبحانه وتعالى

حث الله -سبحانه وتعالى- المؤمنين على السعي نحو الرُقي والرفعة من خلال كظم الغيظ والعفو عن الآخرين. وقد أكرم الله هؤلاء من عباده بجعلهم من أصحاب الجنة، إذ ذكر صفاتهم في كتابه الكريم بقول: (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ). لذا، فإن للتسامح فوائد عديدة وآثار إيجابية عظيمة، من أبرزها الحصول على رضا الله -تعالى-.

كما ورد في القرآن الكريم: (جَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ). فالذي يتعامل مع الله بنية صادقة وعزم على العفو عمن أساء إليه، سيفوز بأجر عظيم ومغفرة من الله -تعالى-.

يدوم المؤمن في العمل على الصفح والعفو عن الهفوات حتى ينال رضى الله عنه، ويحقق الأجور والحسنات، ورحمته -سبحانه-، كما ينال مدحه -تعالى-. وقد قال في كتابه: (وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

تحقيق الراحة النفسية والطمأنينة

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إذا باعَ، وإذا اشْتَرَى، وإذا اقْتَضَى). فإن الرجل المتسامح الذي يتسم بالسهولة في المعاملات يكون جديرًا برحمة الله ودعائه. وما أعظم الراحة التي ينالها بعد هذه الرحمة ونواة هذا الدعاء، حيث أن التسامح يعزز الطمأنينة والسكينة في النفس، مما يحرر الإنسان من الأحقاد والضغائن.

وقد نظم الإمام الشافعي شعراً يعبر عن هذا المعنى، فقال:

لما عفوتُ ولم أحقدْ على أحدٍ
أرحتُ نفسي من هَمِّ العداواتِ
إِني أُحَيِّ عدوي عند رؤيتِه
لأدفعَ الشر عني بالتحياتِ
وأظهرُ البشر للإنسان أبغضُهُ
كأنما قد حَشى قلبي محباتِ
الناسُ داءٌ ودواءُ الناس قُرْبُهمْ
وفي اعتزالهمُ قطعُ الموداتِ

نشر السعادة بين الناس

إن المسلم الذي يتحلى بالأخلاق الفاضلة والمعاملات الحسنة يكون قريبًا من قلوب الناس، مما يسهم في انتشار الصبر والسكينة والتفاهم، بعيدًا عن الفساد أو الكبرياء. وذو النفس السليمة ينشر البهجة من خلال وجهه البشوش وترحيبه بالناس، عبر التحيات الطيبة والحديث اللين، والتغاضي عن الزلات، محققًا بذلك السعادة لمن حوله من العائلة والأصدقاء.

كما يسعى المسلم المتسامح لاحتواء كل أسباب التوتر التي من شأنها أن تسبب الأذى النفسي والمادي، واضعًا نصب عينيه الخير والأجر الذي وعد الله به المتحلين بهذه الفضائل.

تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (حُرِّمَ على النارِ كُلُّ هيِّنٍ، ليِّنٍ، سهْلٍ، قريبٍ من الناسِ). فالملاطفة وحسن المعاملة تجنب صاحبها نار الآخرة، كما تعد من صفات الإحسان التي تحقق سعادة في الحياة الدنيا والمحبة من الناس، وسعادة الآخرة برضا الله وجزيل عطاءه. وقد قال تعالى: (وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ).

تسهم الأخلاق الرفيعة في رفع شأن الإنسان في الدنيا والآخرة، حيث ترتبط بأحكام دينه والتزامه بالشريعة الإسلامية. فالأخلاق هي انعكاس لمعتقدات الفرد، مما يجعل المؤمن القوي بثباته عقيدته ينال سعادة في حياتيه. وقد جاء في الحديث: (إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسِنُكم أخلاقًا)، حيث يعد حسن الخلق طريقًا للقرب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

تحقيق التفاهم وتعزيز العلاقات بين الناس

إن الرفق والعفو يسهلان التعامل بين الأفراد، وعند حدوث أخطاء يصبح الاعتذار أمرًا بالغ السهولة، فيزول العنف وينمو التفاهم. فالأفراد الذين يعوّدون أنفسهم على العفو والتسامح يتجنبون الأذى ويساهمون في صبغ العلاقات بالمودة والمحبة. وبهذه الطريقة، يتمكن الإنسان من بناء علاقات إيجابية تُرضي الله وتحقق الروابط الاجتماعية دون التعرض للذل أو الإهانة، بل يتقدم بهم إلى مستويات أعلى من الاحترام والمهابة.

وفي سياق تعزيز العلاقات المجتمعية، تُعتبر قيم التسامح والإحسان جوانب ضرورية لتعزيز التعاون بين الناس، مما يؤدي إلى تقدم المجتمع وتطوره عبر إزالة الهواجس السيئة وسوء الفهم، ولخلق الألفة والصداقة.

ملخص المقال: التسامح هو قيمة عظيمة في الإسلام، يدعو إلى الانفتاح وسهولة التعامل واللطف في المعاملة. وقد أكد الإسلام على أهميته لما له من آثار إيجابية عميقة على الأفراد والمجتمعات.

Published
Categorized as معلومات عامة