تعتبر الأخلاق الحسنة من الركائز الأساسية في الإسلام، حيث تلعب دورًا محوريًا في نجاح حياة المسلمين. فكيف يمكن أن تنجح أمة ما إذا كانت تفتقر إلى الأخلاق الرفيعة؟ إن الأخلاق الحسنة تقود إلى حب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد تكون أيضًا سببًا للنجاة من النار.

تعريف الأخلاق

• الأخلاق في اللغة تشير إلى الطبع والسجية، وتتضمن أيضًا الدين والمروءة.
• أما تعريف الأخلاق في الشرع، فهي مجموعة من الصفات التي تتجذر في النفس وتؤدي إلى أفعال تتم بشكل تلقائي، وقد تكون هذه الأفعال محمودة أو مذمومة.

أنواع الأخلاق

يمكن تصنيف الأخلاق إلى نوعين:

1- الأخلاق الحميدة

تتميز الأدب والفضيلة في القول والفعل، حيث يوافق عليها العقل والدين.

2- الأخلاق السيئة

تتمثل في سوء الأدب والرذيلة في القول والفعل، ويستنكرها العقل والدين.

مكانة الأخلاق في الإسلام

• تعتبر الأخلاق من أبرز صفات رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال: “بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق”، مما يدل على أن الأساس في هذا الدين هو الأخلاق الحسنة، حيث أُرسل النبي رحمةً لنا وكان الأكثر خلقًا.
• تهدف العبادات إلى ضبط النفس، فقد فُرض علينا الصيام لضبط النفس والشهوات، كما أن الصلاة تُعتبر وسيلة تمنعنا من الانغماس في السيئة، كما قال الله تعالى: “إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر”.
• يجب أن ندعو إلى الله بأسلوب حسن، فلا يمكن أن يكون الداعية ذو خلق سيء وهو يدعو إلى العبادة، حيث يجب أن يكون قدوة للآخرين، وطريقة دعوة النبي كانت قدوة لنا.
• الصدقات لا تُقبل مع المن والأذى، كما قال الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى”.

فوائد الأخلاق الحسنة

• نحصل على محبة الله، مما يتيح لنا العفو والمغفرة، فنحن بذلك نطيع أوامره التي تؤدي لصلاحنا ومجتمعنا.
• نكتسب محبة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث نقتدي به ونطيعه، وقد وعد الذين يمتازون بحسن الخُلق بأنهم سيكونون قريبين منه يوم القيامة.
• ندعو الناس إلى الإسلام، فالشخص المعروف بحسن خلقه يجذب الآخرين للاقتداء بدينه وخلقه.
• تعزيز الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع.
• تعزيز التعاون والوحدة ضمن المجتمع.

صفات الأخلاق الحسنة

• حب الخير للآخر مثلما تحبه لنفسك.
• اختيار الكلمات بعناية والتأني في الرد، حيث أن التسرع يمكن أن يؤدي إلى نتائج غير مرغوبة.
• ابتسم في وجه الآخرين، فذلك ينشر الحب والود بينهم.
• التوازن في ارتفاع الصوت، لا بالصوت العالي الذي يزعج الآخرين، ولا بالصوت المنخفض الذي لا يُسمع.
• احترام الأكبر سناً والتعاطف مع الأصغر سنًا، حيث يجب أن تسود المعاملة الحسنة.
• الابتعاد عن الكلمات البذيئة التي قد تسبب الأذى للآخرين.
• إزالة الأذى عن الطرق، لحماية المسلم من المخاطر.
• التعبير عن الشكر للمعروف وعدم نكرانه.
• الصدق في الحديث، والابتعاد عن الكذب لتكتسب ثقة الآخرين.
• تجنب السخرية من الآخرين.
• الابتعاد عن الغيبة والنميمة، فهذه الأفعال قد تؤدي إلى عذاب في الآخرة وعذاب في القبر.

شواهد من القرآن والسنة على الأخلاق الحسنة

• قال الله تعالى: “ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا”، وهي وصية من لقمان الحكيم لابنه بالتواضع.
• وفي موضع آخر يقول: “وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا* وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما”، حيث يُظهر العفو عن الإساءة كجزء من الأخلاق الحميدة.
• قال الله: “والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين”، وقد وعد الله من يكتم غضبه بالعوض الحسن في الآخرة.
• قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن أحبكم إلىّ وأقربكم منزلة يوم القيامة، أحاسنكم خُلُقًا”.
• وذكر رسول الله في حديث آخر: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”.
• وفي حديث آخر، أوضح فضل الأخلاق الحميدة بقوله: “إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل وصائم النهار”، وهذا يُبين مكانة الأخلاق في الإسلام.
• في حديث عائشة رضي الله عنها، عندما سُئلت عن أخلاق النبي، أجابت: “كان خُلقه القرآن”، مما يعكس قيمة الأخلاق المستمدة من القرآن.

كيفية اكتساب الأخلاق الحسنة

1- الدعاء والتضرع إلى الله

الله عز وجل مالك النفس، وقد يُوفق المرء لحسن الخلق أو يُترك لنفسه ليعاني.

2- العقيدة السليمة

إن العقيدة هي أصل الدين، والشخص الذي يعبد الله بشكل صحيح سيُظهر الأخلاق الحميدة كجزء من عبادته.

3- مهارة التأمل قبل الرد

يساعد التمهل في التفكير قبل التحدث على اختيار الكلمات المناسبة.

4- مجاهدة النفس لتحسين الأخلاق

على الرغم من ظهور الأمر سهلًا، إلا أن تحسين الأخلاق يتطلب مجاهدة وتجديد النية.

5- الصبر وعدم فشل الإخفاقات

النجاح لا يأتي إلا من خلال المحاولة وتجاوز الصعوبات.

6- الرد بالإحسان على إساءة الآخرين

القوة الحقيقية تكمن في السيطرة على النفس عند الغضب.

7- عدم التدخل في شؤون الآخرين

وعلى الإنسان غض بصره عن عورات الآخرين.

نماذج من الأخلاق الحميدة في الإسلام

• برّ الوالدين وصلة الرحم، حيث أوصى الله ببر الوالدين بعد العبادة.
• الإحسان إلى الجيران كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم.
• إفشاء السلام بين الناس، والكلام الطيب، ومساعدة الآخرين.
• تشجيع التحية لدى دخولك البيت لما فيها من بركة.
• معاشرة الزوجة باحترام والتقدير، كما يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم.
• التعامل بحفاوة مع الناس والصدق معهم، وأداء الأمانة.
• الحفاظ على النظافة في الجسد والملابس وداخل المنزل، حيث إن الله يحب الجمال والنظافة.