يتعلق البحث الكمي بشكل أساسي بالنموذج الوضعي وما بعد الوضعي، ويشمل عادة جمع البيانات وتحويلها إلى صيغة رقمية.
هذا يسمح بإجراء حسابات إحصائية واستخلاص استنتاجات.
يضع الباحثون فرضية أو أكثر، وهي الأسئلة التي يسعون للإجابة عليها.
تتضمن هذه الفرضيات توقعات حول العلاقات المحتملة بين العناصر المدروسة من أجل الوصول إلى إجابات لتلك الأسئلة.
كذلك يتوافر لدى الباحثين أدوات ومواد متعددة.
مثل: الاختبارات الورقية أو الإلكترونية، قوائم الملاحظة، ومخططات عمل دقيقة.
التحليل الإحصائي
يتم جمع البيانات بطرق متنوعة وفقاً لإجراءات دقيقة ثم إعدادها للتحليل الإحصائي.
تساعد حزم الكمبيوتر المتطورة الباحثين على تحديد مدى وجود علاقة بين متغيرين أو أكثر.
يمكن أن تكون هذه العلاقة بسيطة، مثل: الأفراد الذين يمارسون الرياضة بانتظام لديهم ضغط دم منخفض، أو قد تكون سببية.
على سبيل المثال: ممارسة التمارين الرياضية يومياً تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم، لذا يسمح التحليل الإحصائي للباحثين بكشف العلاقات السببية المعقدة.
كما يحدد مدى تأثير متغير على آخر.
تُعرض نتائج التحليل الإحصائي في المجلات بطريقة موحدة، بحيث تكون النتيجة النهائية هي القيمة P.
بالنسبة للأشخاص غير المطلعين على لغة البحث العلمي، غالباً ما تتناول أقسام المناقشة في نهاية المقالات التي تراجعها الأقران نتائج الدراسة وتفاصيل الآثار المترتبة على النتائج بشكل واضح.
مبادئ البحث الكمي
تعتبر مبادئ الموضوعية ضرورية في البحث الكمي، لذا يسعى الباحثون جاهدين لتجنب التأثير الشخصي على النتائج.
مثلاً، يجب عليهم تجنب تغيير الظروف الخاصة بالدراسة أو تحفيز سلوكيات مختلفة لدى المشاركين.
يجرون أيضاً مراجعة نقدية لأساليبهم واستنتاجاتهم بحثاً عن أي تحيز محتمل.
يعمل الباحثون على التأكد من أنهم يقيسون فعلا ما يدّعون أنهم يقيسونه.
على سبيل المثال: إذا كان البحث يتعلق بتأثير الموسيقى الخلفية على القلق لدى المقيمين في دار رعاية المسنين، يجب أن يحدد الباحثون نوع الموسيقى، مستوى الصوت، وكيفية قياس القلق.
بالإضافة إلى ذلك، يجب التحكم في العوامل الخارجية التي قد تسهم في النتائج.
مثل: حضور شخص لعرض الموسيقى والتفاعل مع السكان بعد الجلسة، حيث قد يكون هذا التفاعل عاملاً مؤثراً آخر (مثل التواصل الاجتماعي بدلاً من تأثير الموسيقى).
لا يمكن دائماً استبعاد بعض العوامل المحتملة، ولكن يجب على الباحثين الاعتراف بها.
البحث الكمي والتفكير الاستنتاجي
يتركز البحث الكمي بشكل أساسي على التفكير الاستنتاجي، الذي يميل إلى الانتقال من العام إلى الخاص.
غالباً ما يُشار إلى ذلك بأنه نهج من أعلى إلى أسفل، حيث تعتمد صحة الاستنتاجات على دقة فرضية أو أكثر.
(كالبيانات السابقة، النتائج، أو الشروط).
كان المثال المعروف لأرسطو عن التفكير الاستنتاجي هو: “كل الرجال بشر، سقراط رجل، إذن سقراط بشر.” إذا كانت الافتراضات غير دقيقة، فإن الاستنتاج يكون غير صحيح.
يرتبط هذا النوع من التفكير في كثير من الأحيان بالشخصية الأدبية شيرلوك هولمز.
رغم ذلك، تتضمن معظم الدراسات عنصرًا من التفكير الاستقرائي في مرحلة ما.
نادراً ما يصل الباحثون إلى جميع أعضاء مجموعة معينة (مثل جميع المصابين بالخرف أو مقدمي الرعاية أو المختصين في الرعاية الصحية).
ومع ذلك، يسعون لعمل استنتاجات حول هذه المجموعات الكبرى.
لذلك، يعد من الضروري أن تكون عينة المشاركين تمثيلية من المجموعة العامة.
كما يعتمد مدى إمكانية تعميم النتائج على عدد المشاركين وكيفية اختيارهم وما إذا كانوا يمثلون المجموعة العامة.
على سبيل المثال، يجب أن تستند التعميمات المتعلقة بالأطباء النفسيين على دراسة تضم أطباء نفسيين، وليس على دراسة تشمل طلاب علم النفس.
يفضل أخذ عينات عشوائية في معظم الحالات (حتى تتاح لكل مشارك محتمل فرصة متساوية للمشاركة)، ولكن في بعض الأحيان قد يرغب الباحثون في التأكد من تضمين عدد معين من الأفراد ذوي الخصائص المحددة.
هذا لن يكون ممكنًا باستخدام طرق أخذ العينات العشوائية.
أيضًا، لا تقتصر إمكانية تعميم النتائج على مجموعات من الأشخاص ولكن أيضًا على المواقف.
يُفترض أن تعكس نتائج التجارب المخبرية الواقع الذي تسعى الدراسة لتوضيحه.
البحث النوعي
البحث النوعي هو نهج يرتبط عادةً بالنموذج البنائي الاجتماعي، الذي يؤكد على الطبيعة الاجتماعية للواقع.
يشمل هذا النهج تسجيل وتحليل السلوك البشري والخبرة، محاولاً كشف المعاني الأعمق والمهمة.
بما في ذلك المعتقدات والسلوكيات والعواطف المتضاربة.
يهتم الباحثون بفهم تجارب الأفراد بشكل شامل ومعقد، بدلاً من الحصول على معلومات يمكن تعميمها على مجموعات أكبر.
كثيراً ما يكون النهج المستخدم من الباحثين النوعيين استقرائياً، حيث يقومون بتطوير نظرية أو الكشف عن نمط من المعنى بناءً على البيانات التي جمعوها.
يتم الانتقال من الخاص إلى العام، ويطلق عليه أحيانًا النهج التصاعدي، لكن معظم المشاريع البحثية تتضمن أيضًا عنصر من التفكير الاستنتاجي.
لا يعتمد الباحثون النوعيون أبحاثهم على فرضيات محددة سلفاً، بل يحددون بوضوح مشكلة أو موضوعاً يرغبون في استكشافه.
يمكن أن يوجههم الإطار النظري، وهو نوع من النظرية الشاملة التي تقدم إطاراً لعملهم.
يعد منهج جمع البيانات وتحليلها منهجًا منظّمًا ولكنه يمنح الباحثين المزيد من المرونة مقارنة بالبحث الكمي، حيث تُجمع البيانات بشكل نصي.
ذلك يعتمد على الملاحظة والتفاعل مع المشاركين، مثل المقابلات المتعمقة ومجموعات التركيز.
لا يتم تحويلها إلى صيغة رقمية ولا يتم تحليلها إحصائياً.
يمكن جمع البيانات على مراحل متعددة وليس دفعة واحدة.
قد يقرر الباحثون تعديل العملية أثناء البحث، متناولين قضايا جديدة أو إسقاط أسئلة غير مناسبة بناءً على ما تعلموه.
قد يُجري الباحثون أيضًا مقابلات أو يراقبون عدداً معيناً من الأشخاص، وفي حالات أخرى قد تستمر عمليات جمع البيانات والتحليل حتى تنتهي قضايا جديدة للظهور.
مبادئ البحث النوعي
يميل الباحثون إلى استخدام طرق تُمنح المشاركين فيها حرية معينة وتعزز من العفوية.
بدلاً من إلزامهم باختيار من بين مجموعة من الاستجابات المحددة مسبقاً، التي قد لا تعكس بدقة أفكارهم أو مشاعرهم أو مواقفهم.
كما يسعون إلى خلق بيئة تشجع الأفراد على التعبير عن أنفسهم.
قد يعني هذا اعتماد نهج أقل رسمية وأقل صرامة مقارنة بذلك المستخدم في البحث الكمي.
يؤمن الباحثون بأن الأفراد يسعون دائمًا لإعطاء معنى لتجاربهم، لذا فإن تقليص الدراسة إلى وجهة نظر الباحث فقط لا يكون منطقياً.
بل يسعون لتعليم شيء جديد عن تجارب المشاركين.
وبناءً عليه، قد تكون الأساليب المستخدمة أكثر انفتاحًا واستكشافية.
(خصوصًا عندما لا يكون هناك معرفة مسبقة بموضوع معين)، مما يسمح للباحثين بالتجاوز عن الاستجابات الأولية.
بالإضافة إلى ذلك، يستطيعون طرح أسئلة لاحقة بناءً على الإجابات المقدمة.
تفاصيل البحث النوعي
غالبًا ما يتضمن البحث النوعي عددًا أقل من المشاركين، وذلك لأن الطرق المستخدمة، مثل المقابلات المتعمقة، تحتاج إلى وقت وجهد أكثر.
أيضًا، يكون ذلك بسبب عدم الحاجة إلى عدد كبير من الأشخاص لأغراض التحليل الإحصائي أو لإمكانية تعميم النتائج.
عادةً ما لا تجعل قلة عدد المشاركين والمرونة الكبيرة الدراسة “أقل علمية” بالمقارنة بالدراسات الكمية التقليدية، التي تتضمن المزيد من الموضوعات وتجري بطريقة أكثر صرامة.
أحدث التعليقات