تُعتبر الفطريات، المعروفة بلقب الفطر (بالإنجليزية: Fungus)، إحدى الممالك البيولوجية التي تضم كائنات حية حقيقية النواة ومتعددة الخلايا. تلعب هذه الكائنات دورًا بالغ الأهمية في النظم البيئية، رغم أنها لا تستطيع إنتاج غذائها بنفسها. يقدر عدد الأنواع المعروفة من الفطريات بحوالي 144,000 نوع، والتي تُصنّف إلى خمس مجموعات رئيسية، كما يلي:
تمثل الفطريات الأصيصينية (بالإنجليزية: Chytridiomycota) كائنات حية تعيش بشكل أساسي في المياه. وهي ميكروسكوبية، مما يعني أنه لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة. تتكاثر هذه الفطريات عن طريق الاتصال اللاجنسي. والمثال الشائع على هذه المجموعة يكون فطر البرمائيات (بالإنجليزية: Chytrid Batrachochytrium Dendrobatidis) الذي يتسبب في إصابة الضفادع بالعدوى، حيث يقوم بالحفر تحت جلد الضفدع مما يؤدي إلى وفاته.
تُعرف الفطريات الاقترانية (بالإنجليزية: Zygomycota) بكونها كائنات حية تتغذى على المواد العضوية الميتة، مثل بقايا النباتات والحيوانات المتحللة. تتكاثر هذه الفطريات أيضًا من خلال الاتصال اللاجنسي بواسطة إنتاج الأبواغ. فطر عفن الخبز (بالإنجليزية: Rhizopus stolonifer) هو مثال مشهور على هذه الفطريات، ومع ذلك، يمكن أن تسبب ضررًا عن طريق نموها على مواد غذائية بشرية.
تشكل الفطريات الكببية (بالإنجليزية: Glomeromycota) نحو نصف الأنواع التي تعيش في التربة، وتعمل على تكوين شراكات تكافلية مع معظم النباتات. تتغذى على السكريات من النباتات بينما تذيب المعادن في التربة لتوفير العناصر الغذائية اللازمة للنباتات. تتكاثر هذه الفطريات من خلال الاتصال اللاجنسي، ومن الأمثلة عليها فطر (بالإنجليزية: Gigaspora margarita) الذي يعيش على جذور النباتات دون أن يتسبب في أضرار لها.
تعتبر الفطريات الزقية (بالإنجليزية: Ascomycota) من الفطريات المسببة للأمراض التي تصيب النباتات والحيوانات وحتى البشر، حيث تُسبب عدة حالات مثل عدوى القدم الرياضية، والقوباء الحلقيّة، والتسمم الأرغونيّ. ومن أعراضها التقيؤ، والتشنجات، والهلوسة، وفي بعض الحالات يمكن أن تؤدي إلى الوفاة.
يعتبر فطر المبيضة البيضاء أو فطريات المهبل (بالإنجليزية: Candida albicans) مثالًا على الفطريات الزقية التي تعيش داخل جسم الإنسان، وبالتحديد في الجهاز التنفسي، والجهاز الهضمي، والجهاز التناسلي للأنثى. تحتوي هذه الفطريات على أكياس تكاثر تُسمى أسكى، وتتكاثر عبر الاتصال اللاجنسي.
تقوم الفطريات الدعامية أو البازيديّة (بالإنجليزية: Basidiomycota) بإنتاج أبواغ جنسية تُعرف بالأبواغ البازيدية التي تتكون داخل خلايا تُعرف بالدعامات، وتتزاوج هذه الفطريات عن طريق الاتصال الجنسي. ومن الأمثلة الشائعة عليها فطر عيش الغراب.
تتمتع الفطريات بأهمية كبيرة في العديد من المجالات، ومن أبرز تلك الأهمية ما يلي:
لقد كان للاكتشاف الطبي للفطريات أثر بالغ في عام 1928، عندما اكتشف العالم الاسكتلندي ألكسندر فليمنج أن فطر العفن الأخضر (المِكْنَسِيَّةُ المُعَيَّنَة) كان يمنع نمو البكتيريا حوله. هذا الاكتشاف أدي إلى تطوير البنسلين، وهو واحد من المضادات الحيوية المستخلصة من الفطريات وقد أحدث ثورة في مجال الطب.
تلعب الفطريات دورًا رئيسيًا في إعادة تدوير العناصر في النظام البيئي، حيث تعيد استخدام بقايا المواد العضوية الناتجة عن النباتات والحيوانات الميتة إلى التربة من خلال تفكيكها وإطلاق غازات الأكسجين، والنتروجين، والفسفور في البيئة.
تُستخدم الفطريات كوسيلة لمكافحة الآفات الزراعية؛ فهي تُعتبر مسببات الأمراض للحيوانات وتُستخدم في السيطرة على انتشار الآفات الضارة. تم تصميم هذه الفطريات خصيصاً للقضاء على الحشرات التي تهاجم المحاصيل الزراعية دون التأثير السلبي على النباتات أو الحيوانات الأخرى، ويعتبر فطر بوفيريا باسيانا من الأنواع المحتملة لاستخدامها كمبيد حشري بيولوجي ضد آفات حفار الدردار القرمزي.
تُساهم الفطريات في إنتاج العديد من الأطعمة التي يستهلكها البشر بشكل دوري، من خلال:
تُستخدم الفطريات في إنتاج الأدوية للتعامل مع مجموعة متنوعة من الأمراض التي تصيب كلا من البشر والحيوانات، حيث تعتبر المضادات الحيوية واحدة من أبرز هذه الأدوية مثل البنسلين. كما أن فطر الدبوسية الفرفرية أو الإرغوت له أهمية طبية كونه مصدرًا للعديد من المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع الأدوية، ومنها أدوية تحفيز المخاض والسيطرة على النزيف بعد الولادة.
أيضًا، تُستخرج بعض المواد الكيميائية من الفطريات لإنتاج أدوية تُعرف باسم الستاتين، والتي تعمل على التحكم في مستويات الكوليسترول في الدم وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب.
تسهم الفطريات في دعم الأسس لكثير من مجالات علم الأحياء، مثل دراسة خميرة البيرة التي أدت إلى اكتشاف الكيمياء الحيوية وعلم التمثيل الغذائي. وكذلك دراسة طفرات عفن الخبز الأحمر، مما ساهم في تأسيس نظرية الجين الواحد، وهذه بدورها كانت أساسًا لعلم الوراثة الحديث، كما أن الدراسات المتعلقة بالأحياء الخلوية والجزيئية والهندسة الوراثية تعتمد أيضًا على الفطريات كمصدر للبحث.
أحدث التعليقات