أنواع الشهداء في الإسلام
يتباين العلماء بشأن سبب إطلاق لقب “شهيد” على من استشهد، حيث أشار بعضهم إلى أن ذلك يعود إلى شهادة ملائكة الرحمة له، بينما ذكر آخرون أن هذه التسمية تأتي نتيجة للشهادة التي سيتلقاها يوم القيامة. كما وردت آراء تفيد بأن الله تعالى والملائكة سيشهدون له بدخول الجنة، مما يدل على تنوع الأسباب وراء هذا اللقب.
الشهادة في سبيل الله
- قبل التطرق إلى أنواع الشهداء، يجب أن نوضّح أن الشهيد يتمتع بمكانة رفيعة في الإسلام وفضل عظيم، وهو ما يعبّر عنه النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان يتمنى الشهادة.
- قال (والذي نفسي بيده، تمنيت أن أقاتل في سبيل الله، فأقتل، ثم أحيى ثم أقتل، ثم أحيى ثم أقتل، ثم أحيى ثم أقتل).
- إلى جانب ذلك، فإن الشهيد لا يتعرض للفتنة في قبره ولا يشعر بالألم في لحظة وفاته، وله مكانة كبيرة في الآخرة، حيث أعد الله له درجات متعددة تفصل بينها 100 درجة.
- وقد روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن في الجنة مئة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض).
كما يمكنك الاطلاع على:
أنواع الشهداء
يمكن تصنيف الشهداء إلى الأنواع التالية:
شهيد الدنيا
- وهو الشخص الذي يحظى بالتعتيم في الدنيا كشهادة، لكنه في نظر الله ليس بشهيد، حيث يتعرض لعقوبات وفق ما يستحقه نتيجة لخبث نيته.
- تعود تلك العقوبات إلى عدم صفاء النية، كما هو الحال مع الكفار الذين قاتلوا بدوافع الرياء والمصلحة الشخصية.
- وقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:
- (إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتى به فعرفه نعمة فعرفها، فقال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت ليقال جريء، وقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار).
شهيد الآخرة
- هذا الشهيد تُجرى عليه الأحكام الدنيويّة كالشهيد، حيث يتم تغسيله وتكفينه والصلاة عليه، ولكن يوم القيامة يتم محاسبته وفقًا لمكانته كشهادة.
- ومن أمثلة هؤلاء الذين يموتون بسبب مرض في البطن أو بسبب الطاعون أو من يغرقون أو المقتولين ظلماً.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم (من قاتل دون ماله فقتل فهو شهيد، ومن قاتل دون دمه فهو شهيد، ومن قاتل دون أهله فهو شهيد).
شهيد الدنيا والآخرة
هو الذي يُقتل في سبيل الله وهو مقبل على المعركة بحماسة، حيث تكون نواياه خالصة لله ولا يسعى لتحقيق مصلحة دنيوية.
يمكنك أيضًا الاطلاع على:
أحكام الشهيد
يقدم الشهيد روحه في سبيل إحياء أمته، وقد فضله الله بالعديد من الأحكام الدنيوية، ومنها:
الشهيد لا يُغسل
لا يتم تغسيل الشهيد وفقًا للعديد من الأحاديث، وقد أورد ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بنزع الجلد والحديد عن قتلى غزوة أحد، ثم دفنوا بملابسهم ودمائهم.
الشهيد لا يُكفّن
قال الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد: (زملوهم في ثيابهم) مما يدل على أن الشهيد يدفن بالثياب التي ارتداها عند مقتله. ولكن يُستحب أن يُكفّن فوق ملابسه، كما فعل النبي مع مصعب بن عمير.
الصلاة على الشهيد
لم يفرض عدم الصلاة على الشهيد أو عدم الصلاة له، بل يمكن أن تصلى له، حيث قام الرسول بالصلاة على بعض الشهداء ولم يصلى على آخرين.
مراتب الشهداء في الجنة
- لا يزال حديثنا حول أنواع الشهداء مستمرًا، فيمكن القول إن للشهداء مكانة سامية في الجنة.
- هم عند الله كالأحياء الذين يُرزقون، طالما أنهم شهداء في سبيل الله وزهاد للدنيا وللمتاع.
ما المقصود بالشهيد؟
سبب حصول هذه الأصناف على درجة الشهادة وقدرتهم على إدراك مرتبة الشهيد؟
- تتشارك جميع الأصناف المذكورة في نيل درجة الشهادة بسبب ما يواجهونه من قسوة قبل الموت، وفي مقدمة هؤلاء يأتي الشهيد المقتول.
- يقول ابن حجر إن الشهداء ليست في مرتبة واحدة، والدليل على ذلك هو سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل أنواع الجهاد، حيث قال: “مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ” (أحمد).
طاعة الله شرط لنيل الشهادة
يتطلب نيل لقب الشهيد في سبيل الله طاعة الله واتباع تعاليمه. يجب على المسلم أن يكون مطيعًا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وأن يسعى لعكس قيم الإسلام وأخلاقياته قبل الحصول على لقب الشهيد.
يشترط في الشهادة تضحية بالنفس والمال من أجل الدفاع عن الحق وتعزيز العدالة، وهذا يجب أن يكون وفق تعاليم الإسلام وبتصريح من الله، حيث يُحرّم استخدام العنف أو الإرهاب لتحقيق أهداف دينية، فالإسلام يحث على العدل والسلام ويجرّم الظلم.
لذا فإن الشهيد يجب أن يكون شخصًا مطيعًا لله ولتعاليمه، وأن يتحلى بالإيمان والعدل والأخلاق الحميدة قبل أن يصبح شهيدًا في سبيل الله.
مكانة الشهيد
تحتل الشهادة مكانة مرموقة في الإسلام، حيث يعد الشهيد شخصًا مكرمًا عند الله ويتمتع بمهابة خاصة في الحياة الدنيا والآخرة. إليك بعض ما يميز الشهيد في الإسلام:
- المكافأة العظيمة: يُعتبر الشهيد محظوظًا بمكافأة من الله في الآخرة، حيث يُدخل الجنة فوراً دون حساب أو عذاب. يُعد دخول الشهيد الجنة من أجمل النعم التي يمكن أن تطرأ على الإنسان.
- الغفران الكامل: يُعفى الشهيد من ذنوبه، حيث تُعد الشهادة تكفيرًا لتلك الذنوب.
- الشرف والاعتزاز: يُحترم الشهيد في الحياة الدنيا ويصفه الناس قدوة للمسلمين، وتعكس الشهادة صورة رفيعة للبطولة والولاء.
- الدعاء والشفاعة: يُعتَقد بأن للشهداء صلاحيات الشفاعة يوم القيامة، مما يمكنهم من الدعاء للمؤمنين.
- الذكر الدائم: يحظى الشهيد بذكر دائم، ولا تزال تضحيته تُحفر في ذاكرة المسلمين.
اللفظ “شهيد” في القرآن
- ذُكِرَ لفظ “شهيد” في القرآن الكريم بما يقارب 35 مرة، ويشير بشكل أساسي إلى القتل في سبيل الله.
- فيما جاء ذكر اللفظ “شهادة” 20 مرة متعلقة أيضًا بالقتل في سبيل الله.
- أما اللفظ “الشهداء”، فقد ذُكِرَ حوالي 20 مرة، مما يعني الموت في سبيل الله بشكل عام.
من الآيات التي تتحدث عن الشهادة والشهداء في القرآن الكريم:
- {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ}.
- {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ }.
- {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}.
الشهيد في السنة النبوية
تتعدد الأحاديث التي ذكر فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم الشهداء، ومنها:
- ست خصال تميز الشهيد: رواه أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن للشهيد عند الله عز وجل -قال الحكم: ست خصال- أن يُغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى -قال الحكم: ويرى- مقعده من الجنة، ويحلى حُلة الإيمان، ويُزوج من الحور العين.
- ويُجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر -قال الحكم: يوم الفزع الأكبر- ويُوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويُزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين إنسانًا من أقاربه.”
- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: “ما يجد الشهيد من مس القتل، إلا كما يجد أحدكم مس القرصة.”
- وورد عن البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “كل كلم يُكلم المسلم في سبيل الله، يكون يوم القيامة كهيئتها إذ طُعنت، تفجر دمًا، اللون لون الدم، والعرف عرف المسك.”
ما سبب تسمية الشهيد بهذا الاسم؟
اشتد النقاش بين العلماء حول سبب تسمية الشهيد بهذا الاسم، إلا أنه يشير غالبًا إلى أنه يشهد مقعده في الجنة قبيل خروج روحه من جسده، والله أعلم.
أحدث التعليقات