للرجاء تصنيفات متعددة، منها ما يُعتبر محمودًا، ومنها ما يُعد مذمومًا. سنستعرض في هذه الفقرة كل نوع على حدة:
الرجاء يعني التطلع إلى رحمة الله -عز وجل-، والتوقّع في رحمته، وهو واجب على كل مسلم إذا ارتكب ذنبًا أن يسعى للتوبة إلى الله بعزم على استيفاء ما أعدّه الله له من مغفرة وثواب. كما قال -تعالى-: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)، حيث تشير كلمة “رغباً” في هذه الآية إلى جانب العبادة المعروف بالرجاء، بينما “رهباً” تشير إلى الجانب الآخر وهو الخوف.
يمتلك الإيمان ثلاثة مقامات لا يُمكن أن يتحقق الإيمان بدونهما، وهي: المحبة، والخوف، والرجاء. وقد أورد العلماء آراء متباينة حول أيّها ينبغي أن يغلب على العبد: الخوف أم الرجاء؟
وقد أفاد ابن القيم -رحمه الله- بأن “القلب في رحلته إلى الله -عز وجل- يشبه الطائر، فالمحبة هي الرأس، والخوف والرجاء جناحاه. فإذا كانت الرأس والأجنحة سليمة، كان الطير جيد الطيران، وإذا فقد الرأس مات الطائر، وإذا انقطعت الأجنحة، صار عرضة لكل صياد وكاسر”. وقد رجح السلف أن يطغى الخوف على الرجاء في حال صحة العبد وعند موته.
لقد وعد الله -عز وجل- عباده المتقين بالجنة في كتابه العظيم، وحذّرهم من اليأس والقنوط. فالمؤمن المتيقن يُصدّق بما ورد عن الجنة ونعيمها، مما يقوده للامتثال لأمر الله حق الامتثال والدعوة إلى ذلك.
ورجاء رحمة الله ورِضاه يدفع العبد إلى السعي للحصول على ما وعده الله به، ويكون هذا السعي جادًا دون تأخير أو تسويف، مع دعاء الله -عز وجل- أن يهديه إلى الصواب في ذلك.
ومن الفوائد الأخرى؛ أن الرجاء محبوب لدى الله -تعالى-، فهو يُحب أن يرجوه عباده ويطلبوا من كرمه العظيم، والرجاء يُشعر العبد بعبوديته وحاجته إلى إحسان الله وكرمه. وعلاوة على ذلك، فإن الرجاء يعزز العلاقة بالمحبة، حيث يكمل كل منهما الآخر ويقويها، مما يدفع العبد للتعرف على أسمائه الحسنى وصفاته العليا.
أحدث التعليقات