يمكن تعريف الأسلوب الإنشائي لغويًا بواسطة اللفظ “أنشأ”، والذي يعني في الأصل إيجاد الشيء. بينما في الاصطلاح اللغوي، يصفه علي الجندي في مؤلفه (البلاغة الفنية) بأنه الكلام الذي لا يقبل الصدق أو الكذب بشكل ذاتي. بمعنى آخر، هو الأسلوب الذي يُمكن مضمونه فقط عند التصريح به كما ورد في كتاب (الأساليب البلاغية)، حيث يشمل استفسارات مثل (استفهام) وأفعال مثل (افعل) وأيضًا نفي فعل مثل (لا تفعل)، وهو تأكيد للفكرة الواردة في هذا الكتاب.
تنقسم الأساليب الإنشائية بشكل رئيسي إلى نوعين: الطلبي وغير الطلبي. وفيما يلي تفاصيل كل منهما:
يعرف الإنشاء غير الطلبي بأنه النوع الذي لا يستدعي طلب شيء لتحقيقه، على عكس الإنشاء الطَلَبي. ويظهر في عدة صيغ، منها:
تتضمن بعض هذه الصيغ مثل (نعم) و(بئس)، كما في المثال: نعم الصديق المخلص، وبئس الخلق الكذب. وكذلك تتضمن الأفعال المحولة إلى فعل مثل (كبر مقتا أن تقول على الله كذبا)، ومن الصيغ الأخرى (حبذا)، مثل: حبذا القناعة مع الرضا، و(لا حبذا)، مثل: لا حبذا الكسل.
يمكن أن يظهر التعجب في صيغتين قياسيتين؛ الأولى (ما أفعله) مثل: ما أصبره على قول الناس! والثانية (افعل به) مثل: أجمِل بتدريس المعلمين! بالإضافة إلى صيغة غير قياسية مثل: لله درك طالب علم مجتهد.
تتمثل أدوات القسم في (الواو) كما في الجملة: والله لأكونن من الصالحين، و(التاء) مثل: تالله لأصبرن على نوائب الدهر، و(الباء) كما في: بالله سوف ينتصر العرب. كما تعتبر (لعمر) أيضًا من أساليب القسم، مثل: لعمرُك إن الحقّ منتصر.
يعتبر الرجاء أسلوبًا يطلب أمرًا محبوبًا وقريب الحدوث من خلال استخدام (لعل)، مثل: لعل النتيجة تظهر قريبًا. كما يمكن أيضا استخدام أفعال تحمل نفس المعنى وتسمى أفعال الرجاء مثل (عسى) مثل: عسى أن يأتي الله بالنصر، أو (حرى) كما في: حرى خالد أن يدرس، و(اخلولق) أي: اخلولق الكسلان أن يجتهد.
تعتبر هذه الصيغ من أساليب الخبر، إلا أن عدم تحملها معنى الصدق أو الكذب جعلها تخرج من دائرة الإخبار، ومنها (بعتُ) و(اشتريتُ) و(وهبتُ) و(قبلتُ) وغيرها من ألفاظ العقود.
يتعلق الإنشاء الطَلَبي باستدعاء طلب، ويتميز بأن المطلوب غير متحقق في وقت الطلب. وتجدر الإشارة إلى أن البلاغيين يولون اهتمامًا أكبر للإنشاء الطَلَبي مقارنة بالإنشاء غير الطلبي، نظرًا لقدرة هذا الأسلوب على تجاوز الأغراض الحقيقية إلى أغراض مجازية تفهم من سياق الكلام. وينقسم هذا الأسلوب إلى خمسة أنواع:
هو الأسلوب الذي يُطلب فيه الفعل من الغير بشكل إلزامي، وله أربع صيغ:
مثل: (خذ من الناس ما هو خير).
مثل: (ليُنفق صاحب الرزق من ماله).
مثل (عليكم) أي الزموا، مثل: عليكم أنفسكم لا يهمكم الظالمون، و(صهٍ) بمعنى اسكت، و(مه) بمعنى اكفف، و(آمين) بمعنى استجب.
مثل: (وبالأهل إحسانًا).
هو أسلوب طلبي يستهدف التوقف عن فعل شيء بصورة مُلزمة، ويتفق النهي مع الأمر في استعلاء أحد الأطراف على الآخر، إلا أن الاختلاف يظهر في الصيغ؛ حيث يُطلب الشيء في الأمر، بينما يُمنع في النهي، الذي يظهر في صيغة الفعل المضارع المصحوب بـ(لا) النهي الجازمة، مثل: لا تكذب.
يستخدم الاستفهام للاستعلام عن أمر غير معلوم للسائل، ويشمل أدوات dividت إلى فئتين: أدوات الاستفهام المكونة من حرفين: (هل) التي تكون إجاباتها بنعم أو لا، مثل: هل أتى أحمد؟ والحرف الثاني هو (الهمزة)، والتي يُجاب عنها أحيانًا بنعم أو لا، كما في السؤال: (أقام أحمد؟).
أما أسماء الاستفهام فهي:
تستخدم لطلب شرح الشيء، مثل: ما القناعة؟.
تستخدم للاستفسار عن الجنس، مثل: من هذا؟.
تستخدم للسؤال عمّا يُميز أحد المتشاركين، مثل: أيّ الكتب عندك؟.
تستخدم للاستفسار عن العدد، مثل: كم وجبة أكلت اليوم؟.
تستخدم للاستفسار عن الحال، مثل: كيف حالك؟.
تستخدم للاستفسار عن المكان، مثل: أين كان عليّ؟.
تستخدم بمعنى “كيف”، مثل: أنى يعيش بعد موته؟، وأيضًا بمعنى “من أين”، أو “متى”، مثل: أنى تتخرج؟.
تستخدم للاستفسار عن الزمان، مثل: متى تسافر؟.
تستخدم للاستفسار عن الزمان، مثل: أيّان يوم القيامة؟.
هو أسلوب طلبي يتمثل في توقع أمر محبوب في المستقبل، وهذا يختلف عن الترجّي، حيث يتضمن التمني الطلب للمستحيل. أداة التمني الأصلية هي (ليت)، ولكن يمكن استخدام بعض الحروف الأخرى، مثل: لو، وهل، ويتمايز التمني إلى نوعين:
مثل: (ليت السماء تمطر ذهبًا).
مثل: (ليت لي ملكًا مثل قارون).
هو أسلوب طلبي يستدعي المدعو إلى الاستجابة للداعي، وله أدوات متعددة مثل الهمزة: أداة تستخدم لنداء القريب، مثل: (أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل).
تستخدم لنداء البعيد، وهنا ينبغي الإشارة إلى أنه لم يذكره سيبويه لكن غيره ذكره.
تستخدم لنداء البعيد، ويفيد البعض أنها تستخدم للقريب والبعيد، مثل: (أيا ساع للعلم، قُم).
تستخدم لنداء البعيد، مثل: (أي أخي، لا تستسلم).
تستخدم لنداء البعيد، مثل: (هيا غاضبًا، اهدأ).
تستخدم لنداء البعيد، مثل: (وامعتصماه).
تستخدم لنداء البعيد، كما يمكن استخدامها كنداء للقريب في حالة التأكيد، وغالبًا ما تُعتبر هذه الأداة الأكثر استخدامًا، مثل: (يا عليّ أين أنت؟).
يمكن تعريف الخبر بأنه الأسلوب الذي يعبر عن محتوى قابل للتصديق أو التكذيب، فإن قيل (سامر شجاع) يكون هذا الخبر صادقًا إذا تطابق مع الواقع. ومن هنا يمكن تحديد مدى صحة الكلام أو كذبه من خلال ضابط يُسمى (النسبة الكلامية) التي يشير إليها سياق الحديث وتثبت دقتها.
أيضًا، هناك ضابط آخر يُعرف بـ (النسبة الخارجية أو الواقعية)، الذي ينطبق على ما يمكن ملاحظته، فعندما يقول أحدهم (القمر ظاهر) يمكن قيس مدى صحة كلامه عند مشاهدة القمر بالفعل، كما يُشير الذي يقول (الشمس ساطعة) ويستند على سطوع الشمس في الواقع الخارجي. وهذا الشكل من الضابط الخارجي يتسم بالواقعية، إذ يمكن استخلاص مفهوم الخبر من توافق النسبة الكلامية مع النسبة الخارجية للحكم على الكلام بأنه صادق وإلا فإنه كاذب.
استنادًا إلى ما سبق، يمكن أن تكون الجملة في ثلاثة حالات: إثبات، أو نفي، أو تأكيد، وفيما يلي توضيح لكل منها:
تُعد الجملة التي تخلو من حروف التأكيد وأدواته، وكذلك أدوات النفي. ويمكن أن تقع هذه الجملة في عدة سياقات، سواء كانت جمل اسمية تضم ضمائر مثل: هو الأول والآخر، أو أسماء إشارة مثل: ذلك هو النصر الكبير، أو فعلية تشمل الأفعال المبنية للمجهول مثل: خُلق الإنسان، أو الماضي مثل: خلق الإنسان، أو المضارعة المثبتة مثل: يحيي الزرع بالمطر.
هي الجملة التي تضم أدوات النفي من مختلف الأنواع. وتجدر الإشارة إلى أهمية وجود النفي، حيث قال السيوطي: “من أقسام الخبر النفي، بل هو شطر الكلام كله”، مما يجعل أهميته بارزة في الأسلوب الخبري. فمن أدوات النفي التي ترافق هذه الجملة: لا المشبهة بليس غير العاملة، ولا النافية للجنس، وما، ولم، وليس، وغير، وإن، ولَنْ، ولمّا، و(لا)، ومثالها (مالكم لا تعقلون).
هي الجملة التي تحتوي على أدوات التأكيد، خاصةً عندما يكون المخاطب في حالة إنكار أو شك. كما أشار حسن عبّاس إلى أهمية هذه الجملة قائلاً: “إذا كنت تُدرك من تُخاطبه في شك، من المناسب أن تؤكد له الخبر لتزيل ما في نفسه من شك.” وأدوات التأكيد تتضمن (إنّ، ولام الابتداء، وضمير الفصل، والقسم، وإما الشرطية، وأدوات التنبيه (ألا، وأما)، وحروف زائدة مثل (إن، وأن، وما، ومن، والباء، وقد، والسّين التي تدل على الوعد أو الوعيد، وسوف، وتكرار النفي، وإنما، ونونا التوكيد). ومن الأمثلة على الجمل المؤكدة (قد أفلح المصلون)، و (إن كل شيء بخير)، و(إنك لعالم عظيم).
يشمل الأسلوب الخبري غرضين رئيسيين؛ الأول هو إفادة الخبر، مما يعني تزويد الشخص المخاطب الذي ليس لديه علم بحكم معين موجود في الجملة، مثل: الدين تسامح. أما الثاني فهو لازم الفائدة، والذي يقصد به إبلاغ المخاطب بأن المتكلم مدرك للحكم المتضمن في الجملة. على سبيل المثال، عندما يقال لشخص أخفى تخرجه من الجامعة: أنت تخرجت من الجامعة. من الجدير بالذكر أن الأسلوب الخبري يتضمن أغراضًا أخرى مجازية تفهم من السياق، منها:
مثل: (إني فقير إليك ربي).
مثل: (ليس سواء المؤمن والكافر).
مثل: (رب إني أصابني الوهن).
مثل: (إني وُلدت فقيرًا).
مثل: (انتصر الحق وخاب الظالم).
مثل: (النهار طالع) للشخص العاثر.
مثل: (لا يستوي المتعلم وغير المتعلم).
وفيما يلي تدريبات على الأسلوب الإنشائي الطلبي، وغير الطلبي:
حدد نوع الإنشاء في الأمثلة التالية:
المثال | نوع الإنشاء غير الطلبي |
نِعم القول الصدق. | (…………….) |
بِعتُك البيت بخمسين ألف دينار. | (…………….) |
ما أجمل السماء! | (…………….) |
والله، لأجتهد. | (…………….) |
عسى الشر ينتهي. | (…………….) |
الحل:
حدد نوع الإنشاء الطلبي في الأمثلة التالية:
المثال | نوع الإنشاء الطلبي |
لا تدخن السجائر فإنها سمّ. | (…………….) |
عليك بالصبر. | (…………….) |
يا خالد، تعالَ إليَّ. | (…………….) |
ليت الأمس يعود. | (…………….) |
متى تبدأ المباراة؟ | (…………….) |
الحل:
أحدث التعليقات