تُعتبر اللغة العربية فريدة من نوعها بسبب نظام التشكيل الذي يميز حروفها، حيث يشمل هذا النظام علامات وحركات تهدف إلى ضبط نطق الحروف بشكل صحيح. بدأ استخدام التشكيل في العصر الأموي نتيجة لتوسع الفتوحات الإسلامية وانضمام غير العرب للإسلام، مما أدى إلى ظهور أخطاء في تلاوة القرآن الكريم بين الأوساط العامة. كان أول من ابتكر هذا النظام هو أبو الأسود الدؤلي، الذي جاء اختراعه استجابةً لطلب والي البصرة، زياد بن أبيه، عندما لاحظ صعوبة تلاوة الناس للنصوص في زمن معاوية بن أبي سفيان.
تختلف العلامات والحركات التي ابتكرها أبو الأسود الدؤلي عن تلك المستخدمة في الوقت الحالي. إذ اعتمد في بداياته على الحبر الأحمر لتحديد الحركات، وكانت هذه الحركات تُعبر عن نقاط. قام الدؤلي بالاستشهاد بذاكرته القوية في القرآن أثناء وضعه لهذه الحركات، حيث كان يتلو النصوص بحذر ويدون الحركات بدقة.
كانت الحركات التي أدخلها الدؤلي تتضمن: وضع نقطة فوق الحرف للدلالة على الفتحة، ونقطة أسفل الحرف للدلالة على الكسرة، ونقطة أمام الحرف للدلالة على الضمة، فيما كان التنوين يُعبر عنه بنقطتين. وبعد الانتهاء من ذلك، كان الدؤلي يراجع ويُدقق العمل، لكنه لم يأخذ حركة السكون بعين الاعتبار، حيث كان يُعتبر عدم وجود الحركة كافياً لعدم استخدام السكون، وسُجلت أساليبه هذه فقط في مصاحف القرآن الكريم.
رغم الجهود التي بذلها أبو الأسود الدؤلي، إلا أن العهد العباسي شهد لبساً بين الناس في التمييز بين تنقيط الإعراب وتنقيط الإعجام، حيث يشير الإعجام إلى نقاط تمييز الحروف المتشابهة في الشكل مثل: ب، ت، ث. ومع ازدياد الخلط في فهم هذه الأنظمة، قام العلامة الخليل بن أحمد الفراهيدي بتطوير نظام الحركات بما يتناسب مع حاجة القراء والكتاب لتمييز القراءة الصحيحة. وكانت الحركات التي أدخلها عبارة عن:
تتسم الحركات المستخدمة اليوم بتماثلها مع الحركات التقليدية، مع بعض التحديثات من حيث الضوابط، مثل: الشدة (مّ) التي تشير إلى تضعيف نطق الحرف، وحركة المد (~) التي تُستخدم لتطويل نطق الحرف بإضافة حرفي الألف والياء.
من المهم أن نشير إلى أن وضع الحركات يتم وفقاً لقواعد إعرابية، أي أنه يعتمد على الضبط النحوي وكذلك المعنى المحدد للكلمة لضمان النطق الصحيح. وفيما يلي مثال لكلمة (علم)، التي يمكن تصريفها في سياقات مختلفة إعتماداً على معناها والمبنى الصرفي:
أحدث التعليقات