تُعتبر مدينة أم الجمال واحدة من أبرز المدن الأثرية في الأردن، إذ تمثل وجهة مميزة للزوار المهتمين بالآثار والتاريخ الغني. يعود تاريخ بناء المدينة إلى الفترات الزمنية التي شهدت استقرار الحضارة النبطية القديمة، وقد ازدهرت المدينة خلال الفترة الرومانية في القرن الأول الميلادي تحت اسم “كانثا”. وتمثل أم الجمال نموذجًا رائعًا لمدينة زراعية مزدهرة في عصور الحضارات الرومانية والبيزنطية والإسلامية.
لطالما كانت أم الجمال موطنًا للعديد من الحضارات التي تعاقبت على أرضها على مدى ألفي عام، بما في ذلك الحضارات النبطية والرومانية والبيزنطية والأموية والمملوكية، بالإضافة إلى تواجد البشر في العصر الحديث. وقد قام البدو بالتنقل في المدينة بشكل متقطع، وهي واحدة من المدن العشر التي شكلت حلف الديكابولس في زمن اليونان والرومان.
تمكنت جامعة برينستون الأمريكية من اكتشاف مدينة أم الجمال عبر مجموعة من الأبحاث الأثرية المكثفة، حيث قامت بمسح شامل للمنطقة الممتدة بين جبل الدروز وسهل حوران في الفترة ما بين 1891-1903. وفي عام 1972، أصبحت المدينة موقعًا أثريًا رسميًا محميًا من قبل الحكومة الأردنية.
تقع مدينة أم الجمال الأثرية في البادية الشمالية الشرقية للأردن، وبالتحديد في محافظة المفرق، بالقرب من الحدود الأردنية السورية. وتبعد المدينة حوالي 86 كيلومترًا عن العاصمة عمان، و15 كيلومترًا عن مدينة المفرق، مما يجعل الوصول إليها يستغرق حوالي 25 دقيقة بالسيارة. يشتهر موقع أم الجمال بأنه نقطة وصل استراتيجية تربط بين الأردن وفلسطين وسوريا والعراق.
نُسب اسم “أم الجمال” إلى دورها كواحة تجارية في الصحراء، حيث كانت الجمال تُستخدم في نقل البضائع. وكانت المدينة تُعتبر ملاذًا للقوافل التجارية التي تنطلق من الحجاز نحو دمشق. ولُقبت هذه المدينة بالواحة السوداء نظرًا لغناها بالصخور البازلتية البركانية ذات اللون الأسود، والتي استُخدمت أيضًا في بناء معالمها الأثرية.
تتوزع المعالم الأثرية في أم الجمال على مختلف الحضارات، ومن أبرز هذه المعالم:
تعد النقوش التي تم العثور عليها في أم الجمال مصدرًا مهمًا للبحث الأثري، حيث سجل العلماء وجود نقوش بخمس لغات، مما يعكس جزءًا من تاريخ الموقع وطبيعة السكان الذين عاشوا فيه وعلاقاتهم مع الحضارات المجاورة.
عثر الباحثون على نقوش باللغة العربية، مما يدل على أن السكان كانوا يتحدثون العربية. بالإضافة إلى ذلك، هناك نقوش يونانية تعود للعصر النبطي والبيزنطي، تظهر استخدامها في النصوص الموجودة على القبور والدعوات الدينية.
كذلك، اكتشف العلماء عددًا قليلًا من النقوش اللاتينية والعشرات من الشواهد باللغة النبطية، كما تم العثور على نقوش تُظهر الكتابات الصفوية. هذه الاكتشافات تُبرز أن سكان هذه المنطقة كانوا يمتلكون مستوى عالٍ من العلم والثقافة.
أحدث التعليقات