التورية في اللغة تُشتق من المصدر “ورّيت”، بمعنى استترت وأظهرت غيره. أما في المصطلح، فإن التورية تعني أن يتحدث المتكلم بكلمة تحمل معنيين؛ أحدهما قريب وواضح وغير مقصود، والآخر بعيد وخفي وهو المعنى المطلوب، والذي يُستدل عليه بقرينة. هنا، يكون السامع في البداية قد يُخيل إليه أنّه قد فهم المقصود، لكنه في الواقع ليس كذلك. تعتمد التورية على عنصرين رئيسيين كما يلي:
هناك العديد من الأمثلة التي توضح مفهوم التورية، نستعرض بعضًا منها فيما يلي:
أما والله لولا خوف سخطك
لهان على محبك أمر رهطك
ملكت الخافقين فتهت عُجبا
وليس هما سوى قلبي وقرطك
يتضح في كلام ابن سناء الملك وجود تورية في كلمة “الخافقين”، التي تعني المشرق والمغرب، لكنها تمثل المعنى القريب الذي لا يقصده الشاعر. بينما المعنى الذي يسعى إليه هو قلبه وقرط المحبوبة، وقد ظهر المعنى البعيد بشكل صريح في البيت.
هنا، المعنى القريب لكلمة “جرحتم” يُفهم كجرح يصيب الجسم، بينما المعنى البعيد الذي ينطلق من النص هو ارتكاب الذنوب، وهو المعنى المطلوب في الآية الكريمة.
ووراء تسدية الوشاح مليّة بالحسن
تملح في القلوب وتعذب
في هذا البيت من شعر البحتري نجد تورية في كلمة “تملح”، حيث تعني الملوحة، وهي عكس العذوبة، ولكن المعنى القريب هنا ليس المقصود. المعنى الأصح هو الملاحة والجمال، وهو ما يتضح من كلمة “مليّة بالحسن” التي تسبقها.
تظهر التورية في الآية في كلمة “استوى”، حيث أن المعنى القريب يوحي باعتماد الله تعالى على العرش، وهو معزي عنه، بينما المعنى البعيد هو السلطة والملك. ومع ذلك، لا يوجد دلائل إضافية في المتن تشير إلى أي من هذين المعنيين، مما يجعلها تورية بدون شروط.
وصاحب لما أتاه الغنى
تاه ونفس المرء طماحه
وقيل هل أبصرت منه يدا
تشكرها قلت ولا راحه
هنا نلاحظ أنّ التورية جاءت في كلمة “راحة”، حيث أن المعنى القريب هو راحة اليد، وهو معنى غير المقصود. بينما المعنى المراد بالخطاب هو التخفف من الجهد والتعب في سبيل تحصيل الأمور.
تتعدد أنواع التورية، وتُصنف كالتالي:
أحدث التعليقات