يشكل موضوع ترقيق الراء في أحكام التجويد جزءًا أساسيًا من قواعد القراءة، وخصوصًا في قراءة حفص عن عاصم. من أبرز نماذج ترقيق الراء في سورة النجم يمكن أن نلاحظ ما يلي:
في قوله -تعالى-: (فَأَعْرِضْ عَمَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)، تظهر الراء مرققة في عدة كلمات مثل: (فَأَعْرِضْ) و(ذِكْرِنَا) و(يُرِدْ).
وفي قوله -تعالى-: (هَـذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَى)، نجد الراء مرققة في كلمة: (النُّذُرِ) عند الوصل فقط. ومن الملاحظ أن الكلمات التي جاءت فيها الراء مرققة في سورة النجم تقتصر على هذين الموضعين.
يُعتبر تعلم قراءة القرآن الكريم – كما هو معروف – أمرًا يعتمد على التلقي والمشافهة؛ أي يتعين على المسلم أن يتعلم كيفية القراءة الصحيحة وأحكام التجويد من المتخصصين. فقد روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه سمع رجلًا يقرأ آية على غير وجهها، فأخبر النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بذلك، فذكر له علي بن أبي طالب مُشيرًا إلى أن الرسول يأمر الناس بأن يقرأوا كما عُلِّموا.
تعتبر قواعد ترقيق الراء وتفخيمها جزءًا من أحكام التجويد المُفصَّلة في الكتب المعنية. يمكن تلخيص أحكام الراء فيما يلي:
يرى جل القراء أن الأصل في الراء هو التفخيم، على الرغم من أنها من حروف الاستفال، إلا أن موقعها في ظهر اللسان وقوتها في الصفات يتطلبان أن تكون مفخمة.
استنادًا لقاعدة أن الراء يتعين عليها التفخيم، فإن ترقيقها لا يحدث إلا لأسباب معينة، تشكل أهم هذه الأسباب: إذا كانت متحركة بالكسرة، أو بسبب الإمالة، أو عندما يتم الوقف عليها بالروم في حالة الكسر. كما أن الراء تكون مرققة إذا كانت ساكنة وتسبقها ياء، أو تُسبق بكسرة بشرط أن تكون تلك الكسرة متصلة وأصلية، وألا تتبعها حرف من حروف الاستعلاء.
توجد ثلاثة أحكام خاصة بالراء، وهي: التفخيم، والترقيق، والوجهين.
تظهر حالات ترقيق الراء في قراءة حفص عن عاصم كما يلي:
سواء كانت مخففة كما في كلمات المواضع المهنية في سورة النجم: (فَأَعْرِضْ)، (ذِكْرِنَا)، (يُرِدْ)، أو كانت مشددة كما في كلمة: (الرِّجَالُ).
قد تكون الياء مَدّيًة كما في: (بَصِيرٌ)، (لَّخَبِيرٌ)، أو لينة كما في: (السَّـيْرَ)، (خَيْرٌ).
ورد هذا في موضع واحد في القرآن الكريم في قوله -تعالى-: (وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا).
بخصوص الحالات التي يجوز فيها الوجهان مع تقديم الترقيق في الأداء، فقد ظهرت في أربع كلمات في القرآن الكريم:
جاءت في قوله -تعالى-: (فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ)، ويجوز فيها الوجهان وصلاً ووقفًا. ومن رققها نظر إلى القاعدة أن الراء ساكنة وقبلها كسر أصلي، بينما من فخمها نظر إلى حرف الاستعلاء.
وردت في قوله -تعالى-: (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ)، حيث تُرقق الراء في حالة الوصل مما يجعلها مكسورة، أما في حالة الوقف فالمسألة تعتمد على الآراء بخصوص حرف الاستعلاء.
حيث توجد في حالة الوصل بوجه واحد وهو الترقيق بسبب الكسر.
جاءت في قوله -تعالى-: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ)، وهي أيضًا ترقق في حالة الوصل، وفي حالة الوقف يكون فيها وجهان، حيث أن الراء قد تكون ساكنة وما قبلها ساكن أو مفتوح.
وبالنسبة للحالات التي يجوز فيها الوجهان، فإن التفخيم يبقى مُقدّمًا في الأداء كما يلي:
في حالة الوصل تكون لها وجه واحد هو التفخيم، ولكن في حالة الوقف يجوز فيها الوجهان، مع تقديم التفخيم في الأداء.
في قوله -تعالى-: (وَأَوحَينا إِلى موسى وَأَخيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَومِكُما بِمِصرَ بُيوتًا..).
في قوله -تعالى-: (وَقالَ الَّذِي اشتَراهُ مِن مِصرَ لِامرَأَتِهِ أَكرِمي مَثواهُ..)، وأيضًا في قوله: (.. وَقالَ ادخُلوا مِصرَ إِن شاءَ اللَّـهُ آمِنينَ).
في قوله -تعالى-: (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ..).
جاءت في ستة مواضع من سورة القمر، في الآيات: (16، 18، 21، 30، 37، 39)، مثل قوله -تعالى-: (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ)، حيث تُرقق في حالة الوصل بسبب الكسر.
أما في حالة الوقف فيكون فيها وجوه، فمن رققها اعتبر أن أصل الكلمة كان (ونذري) بعد حذف الياء، ومن فخمها نظرًا لساكنة الراء وما قبلها مضموم. كما يقول الشيخ المرصفي: “التفخيم هو المعمول به عند أهل الأداء، وبه قرأنا وبه نقرئ”.
أحدث التعليقات