تعتبر البلاغة أحد فروع اللغة العربية المهمة، حيث تتألف من ثلاثة مجالات رئيسية: علم البيان، علم المعاني، وعلم البديع الذي يركز على دراسة المحسنات البديعية. في هذا المقال، سنستعرض أحد أجمل المحسنات البديعية، وهو مفهوم التورية، وسنقدم أمثلة توضيحية لها في البلاغة.
للتورية تعرييفان رئيسيان: أحدهما لغوي والآخر اصطلاحي. في اللغة، تشير إلى إخفاء شيء ما، بينما في التعريف الاصطلاحي، تُعتبر كلمة أو لفظ يحمل معنيين. الأول واضح ولكنه لا يتناسب مع السياق، والثاني غير واضح لكنه هو المقصود فعليًا. لذا، غالبًا ما يُستخدم هذا الأسلوب ليحقق المتحدث هدفه مع الحفاظ على التحفظ.
يمكن أن يدفع التحدي الذي تطرحه التورية المستمع إلى التفكير واكتشاف المعنى الحقيقي، ولهذا السبب تُسمى في اللغة العربية بالإيهام. تكمن قيمة وجمال التورية في اللغة العربية في النقاط التالية:
هناك العديد من الأساليب الفنية التي يستخدمها الأدباء للوصول إلى المعنى المراد، فمنهم من يختار أسلوبًا مباشرًا ومنهم من يستخدم أنواعاً مختلفة من المحسنات البديعية لتعزيز جمال النص. ومن بين المحسنات البديعية، نجد التورية التي تنقسم إلى الأنواع التالية:
استجابة لرغبة الكثيرين، نقدم بعض الأمثلة والتدريبات التي توضح أنواع التورية، وأهم هذه الأمثلة:
تكمن التورية هنا في كلمة يوسف، التي قد تُفهم على أنها إشارة إلى نبي الله يوسف عليه السلام، لكن المعنى البعيد هو صلاح الدين الأيوبي، وهو ما يتناسب مع الفترة التاريخية التي كتب فيها الشاعر هذه الأبيات مدحاً لصلاح الدين.
في هذه الحالة، “جار” تعني من يجاورني، لكن المعنى القريب ليس المقصود بل المعنى البعيد التي تشير إلى دموعي التي تسيل في غيابهم.
التورية هنا تتجلى في كلمة “سواد”، حيث المعنى القريب غير المقصود هو سواد العين، بينما المعنى البعيد هو ضواحي عين شمس المذكورة بعد كلمة سواد.
في هذا البيت، معاني كلمة “ندا” تتمثل في قطرات الماء، في حين أن المعنى البعيد المقصود هو الكرم والجود، مما جعل الشاعر يستخدم كلمة “جود” في بداية البيت.
تميزت العديد من آيات القرآن الكريم باحتوائها على أساليب التورية، وقد ذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم أهمية التورية في حال وجود مبرر، بقوله: “إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب”. نستعرض الآن بعض الأمثلة من القرآن الكريم والسنة النبوية المتعلقة بالتورية:
وهناك أيضًا قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ}، حيث تكمن التورية في كلمة “جرحتم” التي تعني جرح الجسد، بينما المعنى المقصود هو ارتكاب الذنوب.
تُعتبر العربية لغة القرآن الكريم، وهي تتمتع بمكانة خاصة بين المسلمين بفضل إعجازها البلاغي والفصاحة. تعتبر البلاغة إحدى فروع اللغة العربية، حيث تم تعريفها في المعجم الوسيط كحسن البيان وقوة التأثير. كما تُعرّف أيضًا بأنها الأسلوب الذي يُستخدم لنقل معنى النص بكلمات بليغة. تقسّم علوم البلاغة إلى:
هناك أهداف متعددة لدراسة البلاغة؛ أولها الهدف الديني لفهم بلاغة ألفاظ القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم. ثانيًا، الغرض النقدي لتمييز الجيد من السيئ في الكلام. وثالثًا، الهدف الأدبي لإنتاج نصوص شعرية ونثرية متميزة.
أما الفوائد التي يمكن اكتسابها من دراسة البلاغة، فهي تتمثل في قدرة الفرد على فهم معاني القرآن الكريم، حيث يعتبر كتاب الله هو أساس البلاغة ومليء بأسرارها. كما تساعد البلاغة الأفراد على اختيار الألفاظ السليمة في المواقف المختلفة وفهم النصوص عند قراءتها.
أحدث التعليقات