أماكن حدوث عملية هضم الدهون

أماكن حدوث هضم الدهون

يستهل هضم الدهون قبل دخول الطعام إلى المعدة، حيث يبدأ الهضم الكيميائي في الفم ويستمر الجسم في معالجة الدهون خلال انتقال الطعام عبر الجهاز الهضمي.

بخلاف الكربوهيدرات والبروتينات، تكون الدهون الثلاثية (Triglycerides) غير قابلة للذوبان في الماء، مما يؤدي إلى تجمعها في قطرات كبيرة في البيئة المائية للجهاز الهضمي. وأثناء عملية الهضم، يتم تكسير هذه القطرات الكبيرة إلى قطرات أصغر، حيث يقوم إنزيم يُعرف باسم إنزيم الليباز (Lipase) بمعالجة جزيئات الدهون. بعدها تُمتص نواتج هضم الدهون في الدورة الدموية وتُوزع على جميع أنحاء الجسم.

تتضمن عملية هضم الدهون عدة خطوات تحدث في مواقع محددة ضمن الجهاز الهضمي، والتي سنستعرضها بالتفصيل فيما يلي:

الفم

كما تم الإشارة سابقاً، تبدأ عملية الهضم عند مضغ الطعام. تقوم الأسنان بتفتيت الطعام إلى قطع صغيرة، بينما يعمل اللعاب على ترطيب الطعام لتسهيل مروره عبر المريء إلى المعدة. يحتوي اللعاب أيضاً على إنزيمات تُساهم في بدء تكسير الدهون الموجودة في الطعام.

تبدأ الخطوة الأولى في هضم الدهون الثلاثية والليبيدات المفسفرة (Phospholipids) في الفم، حيث يتفاعل اللعاب مع الدهون. يساعد مضغ الطعام على تسريع عملية هضم الدهون، حيث يتحد إنزيم الليباز مع جزء صغير من الدهون ويشكل مستحلب، مما يسهل وصول الدهون إلى الإنزيمات الهاضمة ويفصلها عن المكونات المائية.

المعدة

تقوم بطانة المعدة بإنتاج أحماض وإنزيمات تعزز من قدرة الجسم على تكسير الطعام بشكل أفضل، مما يتيح انتقال المحتويات إلى الأمعاء الدقيقة. يتواجد إنزيم الليباز في المعدة ويبدأ في تكسير الدهون الثلاثية إلى دهون ثنائية وأحماض دهنية. خلال ساعتين إلى أربع ساعات بعد الوجبة، يُحوّل تقريباً 30% من الدهون الثلاثية إلى دهون ثنائية وأحماض دهنية. تساهم تموجات وانقباضات المعدة في تشتيت جزيئات الدهون، بينما تسهم الدهون الثنائية التي تتشكل في هذه العملية باعتبارها مستحلبات.

الأمعاء الدقيقة

يحدث الجزء الأكبر من عملية هضم الدهون حين تصل المحتويات إلى الأمعاء الدقيقة، حيث يتم امتصاص معظم العناصر الغذائية. تصل الدهون الغذائية، التي تكون عادة غير مهضومة ومتجمعة في قطرات كبيرة، إلى الأمعاء الدقيقة. يُطلق العصارة الصفراء، التي تُنتج في الكبد وتُخزن في المرارة، إلى الاثني عشر (Duodenum)، وهو القسم الأول من الأمعاء الدقيقة، حيث تحتوي أملاح الصفراء على جانب كاره للماء وآخر مُحب للماء، مما يجعلها فعّالة في تحويل الدهون الكبيرة إلى قطرات أصغر.

ينتج البنكرياس إنزيمات تساهم في تكسير جميع أنواع المغذيات بما في ذلك الدهون والكربوهيدرات والبروتينات، من بينها إنزيم ليباز البنكرياس، الذي يقوم بتفكيك الدهون الثلاثية إلى أحماض دهنية ودهون أحادية وجليسرول حر.

مدة هضم الدهون

يعتبر هضم الدهون عملية معقدة تتطلب وقتاً طويلاً، بالإضافة إلى функциони الأعضاء مثل الكبد والبنكرياس والمعدة والأمعاء الدقيقة بشكل جيد، مع ضرورة وجود العديد من الإنزيمات الهضمية. على الأفراد الذين يشعرون بالقلق حيال عدم هضم الدهون بشكل صحيح استشارة الطبيب، حيث لا يوجد علاج منزلي يُمكن أن يحسن من هضمها بشكل موثوق. وتجدر الإشارة إلى أن الوقت اللازم لهضم الدهون يختلف بين الأفراد وكل من الرجال والنساء. وبشكل عام، يُعبر متوسط وقت عبور الطعام من الفم إلى خارجه عن حوالي 33 ساعة للرجال و47 ساعة للنساء.

مصير الدهون عند دخولها الدم

لا يمكن للدهون الانتقال بحرية في مجرى الدم مثل الكربوهيدرات والبروتينات بسبب عدم قابليتها للذوبان في الماء، مما يعني أنها تتحد مع ناقل البروتين لتكوين البروتينات الدهنية (Lipoproteins)، التي تحمل الدهون الثلاثية والكوليسترول. تحتوي البروتينات الدهنية على نواة داخلية غنية بالدهون الثلاثية وإسترات الكوليسترول، بينما يحتوي الغلاف الخارجي على الدهون الفوسفورية وبروتينات وكوليسترول. يتشكل الكيلوميكرون (Chylomicron)، الذي يدخل الجهاز اللمفاوي ثم يتجه إلى الدم، لنقل الدهون الغذائية عبر بيئة الجسم المائية إلى وجهات محددة مثل الكبد والأنسجة الأخرى.

في حالات عدم الامتصاص السليم للدهون، يمكن أن يحتوى البراز على كميات كبيرة من الدهون، وهو ما يعرف بالإسهال الدهني (Steatorrhea). يمكن أن ينتج الإسهال الدهني عن حالات مرضية تؤثر على عملية الامتصاص مثل مرض كرون والتليّف الكيسي.

أماكن تخزين الدهون وتكسيرها

عند تكسير الدهون خلال عملية الهضم، يتم استخدام بعض منها فوراً كمصدر للطاقة، ويُخزن الباقي في مخازن الدهون في الجسم عند عدم الحاجة إليه. تتولى الكيلومكرونات نقل الدهون الثلاثية إلى أماكن مختلفة مثل العضلات والثدي والأنسجة تحت الجلد والمناطق الداخلية من البطن والفخذين والأرداف، حيث يتم تخزينها في الأنسجة الدهنية. بمجرد دخولها إلى الخلايا الدهنية، يتم إعادة تجميع الأحماض الدهنية والجلسرين لتكوين الدهون الثلاثية لاستخدامها لاحقاً. عند تجاوز متطلبات الطاقة للفرد كمية الطاقة المتاحة من الوجبة أو استنفاد مخازن الجلايكوجين، يقوم الجسم باسترداد احتياطيات الدهون لاستخدامها كطاقة.

عندما يحتاج الجسم إلى طاقة إضافية، كما في حالات ممارسة الرياضة أو عندما يكون هناك نقص في الطعام، تستجيب الأنسجة الدهنية بتفكيك الدهون الثلاثية وإطلاق الجلسرين والأحماض الدهنية مباشرة إلى الدم. وبعد أن تتلقى الخلايا المحتاجة إلى الطاقة هذه المواد، تقوم بتفكيكها إلى أجزاء صغيرة. ثم تمر هذه الأجزاء بسلسلة من التفاعلات الكيميائية تنتج الطاقة وثاني أكسيد الكربون والماء.

تتطلب الدهون وقتاً أطول للهضم مقارنة مع أنواع الغذاء الأخرى، ومدة هذا الوقت تختلف حسب نوع الدهون ذاتها، والتي تتضمن:

  • الدهون المشبعة.
  • الدهون المتحولة.
  • الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة.
  • الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة، بما في ذلك أحماض أوميغا-3.

نصائح لتحسين هضم الدهون

إليك بعض النصائح التي يمكن أن تساعد في تسهيل هضم الدهون:

  • تقليل تناول الدهون: أشارت دراسة نشرت في مجلة Cell Host & Microbe عام 2018 إلى أن اتباع نظام غذائي غني بالدهون قد يعزز نمو البكتيريا في الأمعاء، مما يؤدي إلى زيادة امتصاص الدهون وزيادة الوزن.
  • تناول الدهون الصحية: يُفضل تضمين الدهون الصحية في النظام الغذائي مثل الأفوكادو والمكسرات وزيت جوز الهند والأسماك، وتقليل استهلاك الدهون المعالجة، واللحوم الحمراء، والأطعمة المقلية.
  • علاج الحالات الصحية التي تؤثر على الهضم: يُنصح بالتوجه للطبيب لعلاج أي حالة مرضية مزمنة أو طويلة الأمد، خصوصاً المشاكل المتعلقة بالكبد والجهاز الهضمي، حيث يمكن أن تؤدي هذه المشاكل إلى صعوبات في هضم العناصر الغذائية بما في ذلك الدهون.
  • الحفاظ على صحة الكبد: يلعب الكبد دوراً رئيسياً في تصنيع الأملاح الصفراوية المساعدة على هضم الدهون، لذلك يُفضل الامتناع عن استهلاك الكحول للحد من مشكلات الكبد.

فيديو عن أماكن هضم الدهون

لتفهم كيفية التخلص من الدهون، من المهم أن تتعرف على مراحل هضمها وكيفية تخزينها في جسمك، تابع الفيديو لمعرفة المزيد حول هذا الموضوع:

Published
Categorized as الصحة والطب