أنا في الحضيض وأنا مريض
أفلا يدٌ تمتدُّ نحوي بالدوا
وتَبُثُّ في جِسمي مَلامسها القُوى
وتقلُّني من هُوّضتي نحو الذُرى
أفلا فؤاد بين العباد
يَدري بأوجاعي فيعطِفَ مُنعِما
ويَصُبَّ فوقَ جراح قلبي البَلسما
ويبثَّ في قلبي الحرارة بالقُبَل
دَربي بعيد وأنا وحيد
أفلا رفيقٌ أَو دليلٌ في الطريق
أفلا سلاحٌ أو دعاءٌ من صديق
وارحمتاه لمن يسيرُ بلا وِطاب
ما من مُجيب ما من حبيب
سر يا شقيُّ كفاك تشكو ما دهاك
ألعلَّ لا شاكٍ من البَلوى سواك
كم ذا تفتِّشُ عن مُواسٍ أو مُعين
مرضت فأرواح الصّحاب كئيبة
بها ما بنفسي ليت نفسي لها فدى
ترفّ حيالي كلّما أغمض الكرى
جفوني جماعات ومثنى وموحداّ
تراءى فآنا كالبدور سوافرا
وآونة مثل الجمان منضّدا
و طورا أراها حائرات كأنّها
فراقد قد ضيّعن في الأرض فرقدا
و طوراً أراها جازعات كأنّما
تخاف مع الظلماء أن تتبدّدا
أحنّ إليها رائحات وعوّدا
سلام عليها رئحات وعوّدا
تهشّ إليها مقبلات جوارحي
كما طرب السّاري رأى النور فاهتدى
و ألقي إليها السّمع ما طال همسها
كذلك يسترعي الأذان الموحّدا
و يغلب نفسي الحزن رحيلها
كما تحزن الأزهار زايلها الندى
كرهت زوال اللّيل خوف زوالها
و عوّدت طرفي النوم حتى تعوّدا
و لو أنّها في الصحو تطرق مضجعي
حميت الكرى جفني و عشت مسهّدا
و لو لم تكن تعتاد منّي مثلما
خيالاتها همّت بأن تتقيّدا
فيا ليتني طيف أروح وأغتدي
ويا ليتها تستطيع أن تتقيّدا
نحلت إلى أن أنكر صورتي
وأخشى لفرط السقم أن أتنهّدا
مبيتي على الوثير ليانه
وأحسبني فوق الأسنّة والمدى
كأنّ خيوط المهد صارت عقاربا
كأن وسادي قد تحوّل جلمدا
لقد توشك الحمّى ، إذ جدّ جدّها
تقوّم من أضلاعي المتأوّدا
تصوّر لي الخيال حقيقة
وأحسب شخصا واحدا متعدّدا
لقد ضعضعتني، وهي سر، ولم يكن
يضعضعني صرف الزمان إذا عدا
إذا ما أنا أسندت رأسي إلى يدي
رمتني منها بالّذي يوهن اليدا
تغلغل في جسمي النحيل أوارها
فلو لم أقدّ الثوب عنه توقّدا
رأيت الذي لم يبصر الناس نائما
وطفت الدنى شرقا وغربا موسّدا
يقول النطاسي لو تبلّدت ساعة
تبلّدت لو أنّي أطيق التبلّدا
تهامس حولي العائدون ورجّموا
وعنّف بعض الجاهلين وفندا
فما ساءني شماتة معشر
رجوت بهم عند الشدائد مسعدا
أسأت إليهم، بل أساؤوا فإنّني
ظننتهم شراوي خلقا ومحتدا
أحبّ الضّنى قوم لأنّي ذقته
وأحببته كما يحبّ ويحسدا
وودّ أناس لو يعاجلني الردى
كأنّي أرجو فيهم أن أخلّدا
مرِضَ الحبيبُ فعُدْتُهُ
فمرِضْتُ مِن خوفي عليهِ
فأتى الحبيبُ يزورني
فبَرِئْتُ مِن نَظرِيإليهِ
أحدث التعليقات