يواجه البشر اليوم تحديات حياة صعبة، مما يجعل من الضروري أن يكون المرء متصالحًا مع ذاته ومع من حوله. تُعتبر الطيبة من الصفات الأساسية لتحقيق هذا الصلح، حيث يتطلب الأمر قلبًا طيبًا وكلمة طيبة ومعاملة حسنة. وفي بعض الأحيان، قد يكون الصمت هو الخيار الأكثر طيبة. فالشخص الطيب لا يُظهر إلا الطيبات.
تعود القصيدة للشاعر بشار بن برد، وهو شاعر مميز من العصر الأموي، المعروف بقصائد قليلة التكلف ودفق من الإبداع. وُلِد أعمى ولكنه استطاع أن يكتب شعرًا مؤثرًا وغزيرًا.
ألاَ يا “طيبَ” قدْ طبتِ
وما طيَّبكِ الطِّيبُ
وَلَكِنْ نَفَسٌ مِنْكِ
إِذَا ضَمَّكِ تَقْرِيبُ
وثَغْرٌ بَارِدٌ عَذْبٌ
جرى فيهِ الأعاجيبُ
وَوَجْهٌ يشْبِهُ الْبَدْرَ
عليهِ التَّاجُ مصوبُ
وعينٌ تسحرُ العينَ
وَمَا فِي سِحْرِهَا حُوب
وَوَحْفٌ زَانَ مَتْنَيْكِ
وزانتهُ التَّقاصيبُ
وجيدٌ يشبهُ الدُّرَّ
كجيدِ الرِّيمِ سلهوبُ
وَنَحْرٌ بَيْنَ حُقَّيْنِ
يَشِفُّ الْعَيْنَ مَشْبُوبُ
عليهِ الجوهرُ الأخضـ
رُ والْيَاقُوتُ مَنْصُوبُ
وَشَيْءٌ بَيْنَ فَخْذَيْنِ
كقعبِ الشَّربِ مكبوب
وحبٌّ لكِ قدْ شاعَ
وَبَيْتٌ لَكِ مَنْسُوبُ
فلوْ ساعفنا وجهكِ
والدِّرياقُ والطِّيبُ
أعَشْنَاكِ وَعِشْنَا بِكِ
إِنَّ الْعَيْشَ مَحْبُوبُ
قَضَى لي طَاعَة ُ الحُبِّ
وقرنُ الحبِّ مغلوبُ
تهزِّينَ بهِ القلبَ
كما اهتزَّ الْعَسَابِيبُ
وَوَعْدٌ كَجَنَى النَّحْلِ
ولَكِنْ ذَاكَ مَثْلُوب
فَعَيْنِي تَسْكُبُ الدَّمْعَ
وقلبي بكِ مكروبُ
وَلَوْ شِئْتِ تَمَتَّعْنَا
وإنْ سبَّحَ “يعقوبُ”
القلوب البيضاء
قلوبهم بلون الثلج ..
أحلامهم بنقاء الماء ..
وخيالهم باتساع السماء ..
لديهم قدرة على التسامح بلا حدود ..
ويتمتعون بقدرة الاغتسال بماء الأماني ..
وقدرة الحلم والانغماس فيه
إلى آخر قطراته ..
لا ينتظرون مرارة الأحزان من يد صافحتهم ..
طقوسهم وأيامهم ولوحاتهم ملونة بالتفاؤل ..
ويتعلمون من أخطائهم بسهولة ..
يمنحون الثقة لمن حولهم بلا حدود ..
ولا يلاحظون اللون الأسود في حياتهم ..
يقتربون من الأرواح التي تعبر حياتهم وكأنهم التصقوا هم بها ..
يتعلقون بالتفاصيل والبقايا كثيراً ..
يستحوذ الحنين على جزء كبير من أعمارهم ..
تحلوا بأقصى درجات الولاء لحكاياتهم حتى النهاية ..
وللأمس مكانة خاصة في قلوبهم ..
يساهمون في بناء مدن الفرح ..
يتسرعوا للتعويض عن انكسار القلوب ..
يتحدثون بنبض النقاء والحب والحلم
يشعرك بأنهم قد اختلقوا الصفاء على الأرض ..
تظل قلوبهم في مسار الطفولة ..
لا تكبر أعماقهم ولا تتلوث أبداً ..
ترتسم ملامح الطفولة في وجوههم ..
أعينهم مرآة صادقة لأعماقهم
تقرأ في أعينهم كل ما يكتمونه ..
فهم لا يملكون موهبة التخفي أو ارتداء الأقنعة ..
لا يخذلكم أبداً عند حاجتكم إليهم ..
فهم أول من يوفر دعمهم عندك ..
وأول من يلاحظك عند انكسارك ..
وأول من يمتد إليك عند خيباتك ..
يقدمون أنفسهم عند المحتاجين ..
يحولون أيامهم إلى طوق نجاة يلقونه إليك ..
إذا كنت ممن يحظى بأصدقاء من أصحاب القلوب البيضاء ، فلا تتردد في التمسك بهم.
هم عملة نادرة في زمن القلوب الملونة ..
لتكن قلوبنا بيضاء حتى بعد الغروب ..
وأخيراً ..
جعل الله قلوبكم عامرة بأحبتكم ..
أحدث التعليقات