بَني مِصرٍ مَكانُكُم تَهَيّا
فَهَيّا مَهِّدوا لِلمُلكِ هَيّا
خُذوا شَمسَ النَهارِ لَهُ حُلِيّاً
أَلَم تَكُ تاجَ أَوَّلِكُم مَلِيّا
عَلى الأَخلاقِ خُطّوا المُلكَ وَاِبنوا
فَلَيسَ وَراءَها لِلعِزِّ رُكنُ
أَلَيسَ لَكُم بِوادي النيلِ عَدنُ
وَكَوثَرُها الَّذي يَجري شَهِيّا
لَنا وَطَنٌ بِأَنفُسِنا نَقيهِ
وَبِالدُنيا العَريضَةِ نَفتَديهِ
إِذا ما سيلَتِ الأَرواحُ فيهِ
بَذَلناها كَأَن لَم نُعطِ شَيّا
لَنا الهَرَمُ الَّذي صَحِبَ الزَمانا
وَمِن حدَثانِهِ أَخَذَ الأَمانا
وَنَحنُ بَنو السَنا العالي نَمانا
أَوائِلُ عَلَّموا الأُمَمَ الرُقِيّا
تَطاوَلَ عَهدُهُم عِزّاً وَفَخرا
فَلَمّا آلَ لِلتاريخِ ذُخرُ
نَشَأنا نَشأَةً في المَجدِ أُخرى
جَعَلنا الحَقَّ مَظهَرَها العَلِيّا
جَعَلنا مِصرَ مِلَّةَ ذي الجَلالِ
وَأَلَفنا الصَليبَ عَلى الهِلالِ
وَأَقبَلنا كَصَفٍّ مِن عَوالِ
يُشَدُّ السَمهَرِيُّ السَمهَرِيّا
نَرومُ لِمِصرَ عِزّاً لا يُرامُ
يَرِفُّ عَلى جَوانِبِه السَلامُ
وَيَنعَمُ فيهِ جيرانٌ كِرامُ
فَلَن تَجِدَ النَزيلَ بِنا شَقِيّا
نَقومُ عَلى البِنايَةِ مُحسِنينا
وَنَعهَدُ بِالتَمامِ إِلى بَنينا
إِلَيكِ نَموتُ مِصرُ كَما حَيينا
وَيَبقى وَجهُكِ المَفدِيُّ حَيّا
يَا مِصْرُ أَنْتِ الأَهْلُ وَالسَّكَنُ
وَحِمىً عَلَى الأَرْوَاحِ مُؤْتَمَنُ
حُبِّي كَعَهْدِكِ فِي نَزَاهَتِهِ
وَالحُبُّ حَيْثُ القَلْبُ مُرْتَهَنُ
مِلْءُ الجَوَانِحِ مَا بِهِ دَخَل
يَوْمَ الحِفَاظِ وَمَا بِهِ دَخَنُ
ذَاكَ الهَوَى هُوَ سِرُّ كُلِّ فَتىً
مِنَّا تَوَطَّنَ مِصْرَ وَالعَلَنُ
هُوَ شُكْرُ مَا مَنَحَتْ وَمَا مَنَعَتْ
مِنْ أَنْ تُنَغِّصَ فَضْلَهَا المِنَنُ
هُوَ شِيمَةٌ بِقُلُوبِنَا طَهُرَتْ
عَنْ أَنْ تَشُوبَ نَقَاءهَا الظِّنَنُ
أَيُّ الدِّيَار كَمِصْرَ مَا بَرِحَتْ
رَوْضاً بِهَا يَتَقَيَّدُ الظُّعُنُ
فِيهَا الصَّفَاءُ وَمَا بِهِ كَدَرٌ
فِيهَا السَّمَاءُ وَمَا بِهَا غَصَنُ
مِصْرُ الَّتِي لَيْسَتْ مَنَابِتُهَا
خِلَساً وَمَا فِي مَائِهَا أَسَنُ
مِصْر الَّتِي أَبَداً حَدَائِقُهَا
غَنَّاءُ لا يَعْرَى بِهَا غُصُنُ
مِصْر الَّتِي أَخْلاقُ أُمَّتِهَا
زَهْرٌ سَقَاهُ العَارِضُ الهَتِنُ
مِصْر الَّتِي أَخْلاقُهَا حُفُلٌ
وَيَدِرُّ الشُّهْدُ وَاللَّبَنُ
كَذَبَ الأُولى قَالوا مَحَاسِنُهَا
تُوهِي القُوَى وَجِنَانُهَا دِمَنُ
فَهْيَ الَّتِي عَرَفَتْ مُرُوءَتَهَا
أُمَمٌ وَيَعْرِفُ مَجْدَهَا الزَّمنُ
وَهْيَ الني أَبْنَاؤُهَا شُهُبٌ
عَنْ حَقِّ مِصْرٍ مَا بِهَا وَسَنُ
يَذْكُو هَوَاهَا فِي جَوَانِحِهِمْ
كَالجَمْرِ مَشْبُوباً وَإِنْ رَصُنُوا
هُمْ وَارِثُو آلامِهَا وَبِهِمْ
سَتُرَدُّ عَنْ أَكْنَافِهَا المِحَنُ
صَحَّتْ عَقِيدَتُهُمْ فَلَيْسَ تَهِي
فِي حَادِثٍ جَلَلٍ وَلا تَهِنُ
للهِ وَثَبْتَهُمْ إذَا اسْتَبْقَتْ
فِيهَا النُّهَى وَتَبَارَتِ المُنَنُ
دَاعِي المَبَرَّةِ وَالوَفَاءِ دَعَا
فَأَجَابَتِ العَزَمَاتُ وَالفِطَنُ
صَوْتٌ مِنَ الوَادِي تَجَاوَبَ فِي
تَرْدِيدِهِ الأَسْنَادُ وَالقُنَنُ
رُوحُ البِلادِ تَنَبَّهَتْ فَجَرَى
مَا أَكْبَرَتْهُ العَيْنُ وَالأُذُنُ
جَرَتِ المَسَالِكِ بِالرِّجَالِ وَقَدْ
غَمَرَتْ بِهِمْ رَحَبَاتِهَا المُدُنُ
جَرْيَ الأَتِيِّ يَفِيضُ مُنْطَلِقاً
مِنْ حَيْثُ يَطْغَى وَهْوَ مُخْتَزَنُ
مِنْ كُلِّ مُدَّثِرٍ بِثَوْبِ هَوىً
لِدِيَارِهِ أَوْ ثَوْبُهُالكَفَنُ
أحدث التعليقات