إنّ من نعم الله تعالى على عباده أنه قد أتاح لهم فرصة مناجاته من خلال الصلاة خمس مرات في اليوم. وقد تمّ تخصيص صلاة الفجر بفضائل عظيمة وسُنن محددة، حيث وردت الكثير من الأذكار التي يمكن قولها بعد هذه الصلاة. ومن بين هذه الأذكار، يُعتبر ما يلي الأكثر فضلاً:
حثّ الله سبحانه وتعالى على التسبيح بعد صلاة الفجر في عدة آيات، مثل قوله: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا)، وأيضًا: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَار)، إلى جانب قوله: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ).
ويؤكد ذلك ما كان يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم عند صلاة الفجر: (اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ عِلمًا نافِعًا، ورِزقًا طَيِّبًا، وعَملًا مُتقَبَّلًا).
توجد العديد من الأحاديث التي تشير إلى الأذكار المستحبة بعد الصلوات المفروضة بوجه عام، والتي يُستحب ترديدها أيضًا بعد صلاة الفجر. وبذلك تكون من أفضل الأذكار، ومنها ما يلي:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ، لم يمنعهُ دخولَ الجنة إلا الموت).
وهذا يتجلى في قول ابن الزبير رضي الله عنه: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُهَلِّلُ بهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ).
ويؤيد ذلك ما ورد في صحيح مسلم من حديث الرسول، إذ قال: (مَن سَبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، وقالَ: تَمامَ المِئَةِ: لا إلهَ إلا اللَّهُ حُدَاهُ لَا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ وهو على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ).
ثبت في السنة عن الرسول أن قال: (أُوصِيكَ يا معاذَ لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ أن تقولَ: اللهم أَعِنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسْنِ عبادَتِكَ).
ويذكر أن سعدًا رضي الله عنه كان يُعلّم أبناءه هذه الكلمات وزعم: (إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَتَعَوَّذُ منهنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وأَعُوذُ بِكَ أنْ أُرَدَّ إلى أرْذَلِ العُمُرِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن فِتْنَةِ الدُّنْيا، وأَعُوذُ بِكَ مِن عَذَابِ القَبْرِ).
وهذا يستند إلى الحديث الذي رواه البراء بن عازب رضي الله عنه، حيث قال: (كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عن يَمِينِهِ، يُقْبِلُ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ، قالَ: فَسَمِعْتُهُ يقولُ: رَبِّ قِينِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ، أَوْ تَجْمَعُ، عِبَادَكَ).
لقد ثبت أن الفترة الزمنية التي تلي صلاة الفجر تحمل العديد من الفضائل، فمن الضروري على المسلم أن يستغلها في الطاعات. فقد أقسم الله بهذا الوقت في قوله: (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ). وأشار ابن القيم إلى أفضليته بعبارة: “إنّ النوم بين صلاة الفجر وطلوع الشمس مرفوض عند السالكين، لأنه وقت فرصة”. وقد تمّت الإشارة إلى عدة فضائل للأذكار بعد صلاة الفجر، ومنها ما يأتي:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن صلى الفجرَ في جماعةٍ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ، ثم صلى ركعتينِ، كانت له كأجر حَجَّة وعُمْرَة تامَّة، تامَّة، تامَّة).
أحدث التعليقات