أصدقاء
يؤلفون قصصهم الجديدة
في صباح يخلو من إشراقة الشمس
تتراقص أجسادهم وأيديهم مشغولة بعملهم
تنسجون الكلمات بشغف الفنانين وثقة المحترفين
يعدون الصوف لفصل الصيف وثلج الشتاء
أصدقاء في بقعة من الماء
يبرعون في العمل في عزلة
وقفت على الساحل
أراقب أشباحهم تلوح في الأفق
أرسل الكتب في قوارير تعبر عن كلماتي
فيض الرفق يملؤهم
ويجري هؤلاء على جسر بتصميم متقد
نَامَ مَن نامَ، وانفردتُ بهمومي
أين هم أهلي يا ليلُ، والأصدقاء؟
لا أظن الصباح سيعود، فهل يُرجى؟
يا ليل، في الصباح لك البقاء
أيها الأصدقاء المتوزعون
في كل الاتجاهات
اليوم يجب أن أفرغ ذهني
من شمسكم الكاسحة
لوقف هذا الاعتداء المتواصل
على حديقتي
لكن ما الجدوى؟
صباحي مختطف منذ البداية
وعمري مسلوب
أصواتكم تحرق أنقاض المدن
بفوضى الروتين اليومي
وتحرث مساحات السنوات
يجب أن أبدأ
لكن بماذا أبدأ؟
كل صباح
ومعلمنا
يضع في وجوهنا القهوة المُرة
يزرع أعباء السنوات الخمسين في قلوبنا
في درس الرسم، يقول
يا ولدي، القهوة تعبر عن المزاج
أسكبها على الأوراق فقد
تكتشف حلمك
بينما أنشر علبة الألوان التي لا أعرف لون القهوة فيها
وأستاذنا
يشعل سيجاراً في صمت
ويرحل عنا
كالدخان الأبيض
غدًا في الصباح
سنصعد الشجرة لنأكل التوت
غدًا في الصباح
سأمسك يدك وأركض في الفضاء
غدًا في الصباح
سأقبلك بألف قبلة
وأقول لك ألف صباح الخير
لكن من يؤكد لي أن الصباح سيأتي
الليلة طويلة كالعصور
المرأة في الشرفة
وأنا في زنزانتي
سأمتدح هذا الصباح الجديد، وسأنسى كل الليالي
وسأمشي نحو وردة الجار،ارين منها طريقتها في الفرح
سأقطف ثمرة الضوء من شجرة تعود للجميع
وسأمتلك وقتًا لأسمع لحن الزفاف على أجنحة هذا الحمام
سلامٌ على كل شيء، والشوارع كالبشر واقفة بين يومين
لا تمتلك الأرض سوى الطيور التي حلقت فوق سطح الغناء
ولا يملك الطير سوى الفضاء المعلق فوق ارتفاع الشجر
سلامٌ على نوم من لديهم وقتٌ زمنٍ لِلقراءة، وسلامٌ على المتعبين
صباح الخير للمدينة وهي تستيقظ من سباتها
صباح الخير لكائناتها في شارع كودم
لست ضيفًا على أحد
فكلما شربت فنجان قهوة، زادت صاريتي
وانبعث لونٌ جديدٌ في التاج المتباهي للشارع
يستعيد مجدًا كان قرب محييه.
أيتها نسمة الصباح، هبي
على إدريس الذي يهواه قلبي
وقولي، يا مُعيد الغرب شرقًا
بطلعتك وما أولاه ربي
أتاكم عبد نَجلكم ذليلًا
وقد أولاهم بُعدًا إثر قرب
بشرى كما أشرقت وجه الصباح
واستشرف الرائد برقًا أضاء
وازدادت دقة الرعد تفيض بالندى
أريّا، ويقاد مع مطايا الرياح
فدنت الزهور، تتوج متن الروابي
ونزلت الأمطار على بطن البطاح
هبطت النسائم، نفحات عطرة
فطاب رائحة نشر ذاك النسيم
أفصحت غريدة موسيقية بها
تطل من غيرٍ قدمي جناح
فهل ترى أسمع غصن النقا
يتمايل من عطفه بارتياح
قد أشرقت راية الصباح
وآذن الليل بالرحيل
فأقبل الروض باصطناع
وأشرب على زهرة البليل
فالورق استيقظ من سبات
لمنبر الدوح يتحدث
تسجع مفتنة اللغات، كل يشكو الشوق
والغصن بعد الرحيل يعود
لكؤوس الطل يشرب
وبركة السحب في انسياح
في كل روض لها طريق
والجو مستبشر بالأنوار
يلعب بالصاعق الصقيل
قم، انتفع ببهجة الأرواح
ما بين نورين، ونور بين النورين
وشفع الصباح بالشموس
تدور بيننا كالبدر
ونبه الشرب للكؤوس
تمزج من ريقة الثغور
ما أجمل الراح فوق راح
صفراء كالشمس في الأصيل
تغادر الصدر بانتعاش
للأنس في طياته مكان
ولا تترك خمرية الجفون
فإن سكرها في الهوى جنون
ولتخش من أسهم العيون
فإنها رائدة المنون
عرضت منها إلى الفنون
وكل مصيبة بها تهون
ولو كان لي صباح مبتسم
ما كتمت تكشيرات الأمل
فما لعينٍ عن رياضٍ رضا
ولا لبراحٍ عن فؤادي بسعة
لا فرحتُ صرتُ، ولا شهيتُ
أفقدتني فقد الملاحة
أما دموعي وجفوني فلا
يا صاحبي، هل الصباح مشرق؟
أم هل للوم عذالي حديث؟
إلى أي شيء تحتاج بعد الغيوم؟
نهيًا لحمامة أحلامها على حافة
عادات قلبك حين خف به الهوى
لولا تسكنه لكاد يطير
إن العذال لم يجدوا شعورنا
فلهن منك تعبد وزفير
يوقفن من تعلق الهوى بفؤاده
حتى يُبين أسماعه توقير
ليت الزمان يعود لي بسهولة
إن اليسر في هذا الزمان عسير
يا قلبي، هل لك في العزاء؟
فإن صبرك قد نفد والعاطل صبور
وأعجبني الوشاة كأنهم
بي العداوة وبغضك شعور
وكتمت سرك في صدري مضطرباً
إن الكتوم لسره جدير
فأسقى ديارك حيث كنت مُجلجلاً
مبهج يرتن على الديار مطير
ولقد تذكرتك باليمامة ذكرى
إن المحب لمحبوبه ذكرة
والعيس في ظلفها من الوغى
وكأنهن من الهواجر ملحة
يا بشر، حان لخبرك التبشير
ألا غضبت لنا وأنت الأمير؟
يا بشر، إنك لا تزال في نعمات
يأتيك من قبل الإله بشير.
أحدث التعليقات