أسوأ العمليات التي يكرهها الله هي الطلاق

مصداقية حديث “أبغض الحلال عند الله الطلاق”

أخرج أئمة الحديث حديثاً عن محارب بن دثار عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “أبغض الحلال إلى الله الطلاق”، وهو حديث متداول بسند عدة؛ وقد أبدى العلماء آراء متعددة بشأن صحته، والتي يمكن تلخيصها كما يلي:

  • اعتبر بعضهم أنه حديث ضعيف مثل ابن الجوزي والسيوطي.
  • كما رواه آخرون كأهل العلم مثل أبي داود والدارقطني على أنه حديث مرسل، والمرسل غالباً ما يُصنف ضمن الأحاديث الضعيفة.
  • نقل المنذري أن الرأي المتداول بشأن هذا الحديث هو أنه مرسل ويعتبَر غريباً.
  • تم وصف السند بأنه منكر بسبب عدم قبول مضمونه، فكيف يشرع الله شيئًا ثم يبغضه؟ بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الضعفاء في إسناده.
  • على الرغم من ذلك، صححه الحاكم بينما رجح آخرون كأبي حاتم أنه مرسل.

تفسير حديث “أبغض الحلال عند الله الطلاق”

فمن اعتبر الحديث صحيحاً قدم تفسيرًا للبغض يدل على النهي عن الطلاق كحلٍ سريع، مما يتطلب تأنٍّ في اتخاذ هذا القرار رغم أن الطلاق مشروع بالاجماع. بينما رأى آخرون أن هذا الحديث يعد علامة على التنفير من حالات الطلاق المرفوضة.

يمكن تفسير الحديث، في حال قبوله، على أن الله -تعالى- أقر عدة أمور، رغم أن بعضها غير محبب لديه، مثل البيع وقت النداء لصلاة الجمعة أو الصلاة في المنزل للرجال دون عذر. وكلمة “أبغض” تعكس صيغة تفضيل.

بذلك، يكون الطلاق أحد أقل الأمور حلالاً رضا عند الله -تعالى-، ولكنه من الأمور المحببة للشيطان. فالزواج هو نظام يقوم على الترابط وإنشاء عائلة، بينما الطلاق يفكك تلك الروابط، وهو بذلك يتعارض مع مقاصد الزواج التي حث عليها الإسلام، وينتج عنه عدة مضار.

وقد أقر الله -تعالى- الطلاق في حالات الاضطرار فقط، حيث قدمت الشريعة الإسلامية حلولاً تدريجية قبل اللجوء لهذا القرار، وحتى لا ينتج عنه عداوة بين الناس يجرّهم إلى الحرام.

أجاز الله -تعالى- الطلاق في حالات استثنائية من الزواج، حيث يكون التفريق واجباً حين يصبح الإصلاح مستحيلاً.

حكم الطلاق في الإسلام

فيما يلي نماذج من حكم الطلاق في الإسلام:

متى يكون الطلاق مباحاً؟

الطلاق يحظى بمشروعية بناءً على الأدلة من القرآن والسنة وإجماع العلماء، كما ورد في قوله -تعالى-: “الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان”، وأيضاً: “يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن”.

كما استدلوا بما رواه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه طلق حفصة ثم راجعها، وبما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-: “إنما الطلاق لمن أخذ بالساق”.

وبحسب رأي جمهور الفقهاء، يرجح أن الأصل في الطلاق هو الإباحة، ويكون مباحًا في حال كره الرجل لزوجته وعدم إستطاعته التعايش معها، أو إذا كانت الزوجة ذات أخلاق غير حسنة ولا تستطيع إصلاح نفسها. كذلك في حال كانت المرأة تجد صعوبة في العيش مع زوجها وتكرهه.

متى يكون الطلاق مستحباً أو مندوباً؟

يستحب الطلاق في حالات الضرورة، مثل الشقاق والنزاع بين الزوجين، حيث يصبح الطلاق هو الحل الأفضل؛ أو إذا قصّرت المرأة في حقوق الله -تعالى- كالصلوات وغيرها، إذ لا يمكن إجبار الزوج لها على أداء العبادة. كما يُستحب الطلاق في حالة انحراف المرأة وقلّة عفّتها، وإذا خشِي الرجل أن يُنجب منها ولداً ليس منه.

كما يُستحب التفريق بين الزوجين في حال الضرر الذي يمكن أن تتعرض له الزوجة، ويُفضل أن يكون الطلاق طلقة واحدة فقط وليس ثلاث.

متى يكون الطلاق واجباً؟

يكون الطلاق واجبًا في الحالات التي تعذّر فيها استمرار الحياة بين الزوجين وصعوبة البقاء معًا في هذا الزواج.

متى يكون الطلاق مكروهًا؟

يُكره الطلاق في حالات عدم توفر أسباب متينة له، حين تكون مضاره أكبر من منافعه، حيث يمكن أن يؤثر سلباً على الأسرة والمجتمع. وقد وصف الله -تعالى- الزواج بأنه ميثاق غليظ، إذ قال: “وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً”.

متى يكون الطلاق حراماً؟

الطلاق يكون محرمًا إذا كان طلاقاً بدعياً، كأن يُطلِّق الرجل زوجته ثلاث مرات في مجلس واحد، أو إذا كانت المرأة حائضًا أو نفساء، أو في حالة طهر قد جامعها فيه.

لأن الحياة الزوجية قائمة على الاستمرارية والدوام، فإنه يُحرَّم التفريط بها وعدم الأخذ بها بجديَّة، فهي ميثاق غليظ كما وصفه الله -تعالى-، ويتوجّب الحفاظ على هذه الأمانة.

حكمة مشروعية الطلاق

يمكن تلخيص حكمة مشروعية الطلاق كما يلي:

  • تخليص الأفراد من العداوات والكراهية الناتجة عن استمرار الزواج، ويعتبر الطلاق حلاً لإنهاء الأضرار التي تأتي من هذا الوضع.
  • حماية حقوق الرجل والمرأة في التمتع بالذرية، حيث إذا كان أحدهم عقيماً، فالله -تعالى- أقر الطلاق، ويجب أن يتم التفرقة برضا وإحسان يسودهما الود والرحمة.
  • يمنح الفرصة لإنهاء جميع الأسباب التي تؤدي إلى الكراهية وغياب الحب والمودة بين الزوجين، مما يساعد في الابتعاد عن المفاسد.
  • تتيح للأزواج اختيار الأفضل في حال وجود صعوبة في التعامل مع الزوجة أو الخلافات، وقد نصح النبي -عليه الصلاة والسلام- باختيار الزوجة ذات الدين والفضيلة في قوله: “تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك”.
Published
Categorized as معلومات عامة