حفظ الله -سبحانه وتعالى- القرآن الكريم من أي تحريف أو تغيير، كما جاء في قوله -عز وجل-: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾. ومن مظاهر هذا الحفظ هيأ الله في الأمة الإسلامية رجالاً نقلوا القرآن بدقة عالية؛ حيث تم نقله بطريق التواتر، من خلال التلقي والمشافهة، بالإضافة إلى النسخ المكتوبة وفق أعلى المعايير العلمية. وقد اشتهر بين الناس عدة قراء ورواة، ونُسبت القراءات إليهم، حيث تضم الأمة عشرة من القراء الذين تواترت رواياتهم، وتقبلتها الأمة. لكل من هؤلاء القراء روايتان هما الأشهر عنهم، وفيما يلي تفاصيل حولهم.
هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي، المعروف بأبي رويم، وهو قارئ المدينة المنورة، وقد أصله من أصفهان. كان إماماً في المسجد النبوي لمدة ستين سنة، ويقول: “قرأت على سبعين من التابعين”. وقد قال عنه الإمام مالك: “نافع إمام الناس في القراءة، وكان يُشم من فمه رائحة المسك”.
ورواه عنه كل من:
هو عبدالله بن كثير، قارئ مكة، وهو تابع كنيته أبو معبد. كان قاضياً للجماعة بمكة، ويمتهن العطارة، وهو من أصل فارسي وُلد وتوفي بمكة.
ورواه عنه:
وهو زبان بن العلاء البصري، حيث قرأ في مكة والمدينة والكوفة والبصرة، سمع من العديد من الصحابة، من بينهم أنس بن مالك -رضي الله عنه-. كان عالماً بالقراءة والنحو والأدب، توفي بالكوفة.
ورواه عنه:
هو عبد الله بن عامر الشامي اليحصبي، تابعي وإمام أهل الشام في القراءة. وُلِد في البلقاء في قرية تُدعى رحاب. انتقل إلى دمشق بعد فتحها، وأخذ العلم عن أبي الدرداء والمغيرة بن شعبة -رضي الله عنهما-، كما تولى قضاء دمشق في خلافة الوليد بن عبد الملك وتوفي فيها.
ورواه عنه:
وهو تابعي وقارئ الكوفة، قرأ القرآن على أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش الأسدي. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: “سألت أبي أي القراءة أحب إليك؟ قال: قراءة أهل المدينة، وإذا لم تكن، قال: قراءة عاصم”. توفي بالكوفة.
ورواه عنه:
مع حلول الدولة العثمانية للبلاد العربية في القرن العاشر الهجري، انتشرت رواية حفص عن عاصم لتصبح الرائجة في معظم العالم الإسلامي، وذلك بعد اعتماد الحكومة العثمانية لها، وطباعة المصحف بها، مما زاد من انتشارها في وقتنا الحاضر بفضل كثرة المصاحف المطبوعة وتسجيلات القراءة عبر وسائل الإعلام المختلفة.
كان يعمل بتجارة الزيت بين الكوفة وحلوان، وكان إمامًا فاضلاً في كتاب الله، عابداً قانتاً لله، ثقة بالحديث والفرائض، وهو من أصل فارسي وتوفي بحلوان في خلافة أبي جعفر المنصور.
ورواه عنه:
هو علي بن حمزة بن عبد الله الكوفي، المعروف بأبي الحسن الكسائي. يعد إماماً في اللغة والنحو والقراءة، وُلد في إحدى قرى الكوفة، وتعهد تعلم النحو بعد سن معينة. عاش في البادية وسكن بغداد، وتوفي في الري بعد سبعين عاماً. كان مؤدباً للرشيد العباسي وابنه الأمين، وسُمّي الكسائي لأنه أحرم في كساء.
قال الشافعي: “من أراد أن يتبحر في النحو، فهو عيال على الكسائي”، بينما قال ابن الأنباري: “كان أعلم الناس بالنحو، وأوحدهم في الغريب، وأوحدهم في علم القرآن، حيث كان يجتمع عليه الكثيرون لتلقي العلم منه”.
ورواه عنه:
وهو يزيد بن القعقاع، تابعي مدني، يُعتبر إمام أهل المدينة في القراءة وعُرف كقارئ، وهو من المفتين المجتهدين. توفي بالمدينة المنورة.
ورواه عنه:
يعقوب بن إسحاق الحضرمي البصري، كان إمام البصرة ومقرئها. ينتمي إلى عائلة علمية في مجال العربية والأدب، له رواية مشهورة في القراءات، وله مؤلفات مثل “الجامع”، حيث جمع فيه عامّة اختلافات وجوه القرآن، ونسب كل حرف إلى من قرأه، ومن مؤلفاته أيضاً “وجوه القراءات”.
ورواه عنه:
هو خلف بن هشام البزار البغدادي، عُرف بعلمه وعبادته وثقته، واشتهر في بغداد وتوفي فيها أثناء فترة انحسار الدولة الجهمية.
ورواه عنه:
أحدث التعليقات