إنّ القسم في اللغة يعني اليمين بالله تعالى، أو ما يُعرف باليمين التي يُقسم بها الإنسان على صدق قوله، مثل: “والله ما ذهبت”، و”ربي ما قلت”، و”قسماً بالله إنه مُحق”. أما في الاصطلاح، فهو أسلوب من أساليب التأكيد، ويمكن أن يكون جملة فعلية أو اسمية، حيث تعمل على تأكيد الجملة الخبرية بالإيجاب أو النفي.
يستخدم أسلوب القسم ألفاظاً تتعلق باليمين، مثل: “أقسم”، “والله”، “تالله”، وغيرها. ويتكون أسلوب القسم من أداة القسم، والمقسم به (الذي يُقسم عليه) والمقسم عليه (جواب القسم).
يمكن تقسيم أسلوب القسم بناءً على المقسم به إلى قسمين:
يتعدد أسلوب القسم المرتبط بالمقسم عليه في القرآن الكريم، ومن أمثلته:
يظهر أسلوب القسم في نوعين؛ الظاهر والمضمر، والأمثلة التالية توضح ذلك:
(فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)، (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ).
(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا)، حيث تشير اللام إلى القسم دون استخدام أداة قسم، والتقدير هنا “والله لتُبلون”. ومن الأمثلة الأخرى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) حيث التقدير “والله إنكم لواردوا النار”.
وفقًا للعلماء، فإن القسم في اللغة العربية لا يخرج عن معنيين أساسيين، وهما الفضيلة أو المنفعة:
كما يتضح في قوله تعالى: (وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ)، حيث أقسم الله سبحانه وتعالى بالبلد الأمين، أي مكة، ليدل على مكانتها وفضلها.
كما في قوله: (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)، حيث أقسم الله بهما لبيان فائدتهما.
تظهر بعض الأفعال في القرآن الكريم على أنها تحمل معنى القسم، رغم أنها لا تدل عليه بشكل صريح، مثل قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِۦ ثَمَنًا قَلِيلًا).
وكذلك قوله: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا).
يتمتع أسلوب القسم في بدء السورة بقوة جذب انتباه السامع، حيث يبعث القسم شعورًا من الرهبة ويهيئ النفوس لما سيُقال. كما أن هذه الصيغة تضفي رونقًا خاصًا على الآيات، خاصةً وأن القسم يأتي بألفاظ محبوبة لدى العرب، مثل (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) الذي يُشير إلى مكة. وقد وُظف أسلوب القسم في بدء ست عشرة سورة، جميعها سور مكية، والتي هي:
أحدث التعليقات