تسجل ظهور الكلاسيكية في الأدب مجموعة من العوامل، من بينها:
تضافرت عدة أفكار أدت إلى نشوء الرمزية، وأهمها ما يلي:
بعد الثورات الكلاسيكية التي شهدها الأدب، وتوجهاته نحو التراث اليوناني القديم، اكتشفت أوروبا فلسفة أفلاطون حول المُثُل. وقد أشار أفلاطون إلى أن كل ما هو موجود في العالم هو مجرد ظلال تمثل الأفكار الكاملة الموجودة في عالم خارجي، مما يجعل هذه الظلال رموزًا للموجودات المثالية.
كان إيمانويل كانط مناوئًا للمنهج التجريبي المادي الذي استبعد الروح والمشاعر. فكانط يؤكد على أهمية العقل والروح، ويعتقد أن الشر جُزء من العارضة بينما الخير أزلي. لقد كانت آراؤه عاملاً مؤثرًا في الرمزية التي فضلت الابتعاد عن المظاهر الحسية والتوجه نحو القيم الروحية.
برزت أفكار سيغموند فرويد في علم النفس حيث تحدث عن مفهوم اللاشعور والعقل الباطن، ودراسته لفهم الفصام والكبت. وقد استلهم الرمزيون هذه المفاهيم وعبروا عنها في أعمالهم الأدبية.
انتاب الأوروبيين فراغ روحي بعد تراجع الإيمان بالدين منذ الثورة الفرنسية، وبرز المنهج التجريبي، مما جعلهم يبحثون عن مرجع روحي يلبي احتياجاتهم الفطرية. كانت هذه الظروف من العوامل التي ساهمت في ظهور الرمزية كمنهج أدبي يتيح للأديب الانفصال عن العالم المادي وتلبية احتياجاته الروحية والعقلية.
اطلع الفكر الأوروبي على الديانات الشرقية مثل البوذية والهندوسية والفارسية والمصرية القديمة، التي تحمل في طياتها مفاهيم روحية تسعى للسمو الروحي متجاهلة الجسد. وتأثرت الرمزية بهذه الأفكار، حيث أبعدت المعاني اللغوية التقليدية ومنحت الألفاظ دلالات رمزية جديدة.
عاش رواد الرمزية داخل مجتمعات تعاني من الصراعات والتناقضات، مما جعلهم يبتعدون عن الواقع ويسعون نحو الثورة على الأعراف السائدة. وقد تجلى هذا التمرد في أعمالهم الأدبية من خلال الابتعاد عن القوانين التقليدية.
مع ظهور ثقافة العمل، بدأ الناس ينشدون الثراء على حساب الراحة، مما أدى إلى اعتبار الشعر مضيعة للوقت. وقد استُهجن الشعراء من قبل المجتمع الذي نظر إليهم كغرباء، مما زاد من عزلتهم ورغبتهم في خلق مذهب رمزي يتسم بالتعقيد ويحتاج إلى فهم عميق من قبل المختصين في العلوم الإنسانية.
شهدت الأوضاع السياسية تقلبات وصراعات مستمرة، وقد وجد الشعراء في الرمزية منفذًا للتعبير عن آراءهم السياسية دون التعرض للعقوبات.
اقتنع الشعراء بأن اللغة المباشرة لا تستطيع التعبير الكامل عن أحاسيسهم، كما أنها لا تُوصل المعاني الدقيقة لأذهانهم إلى القارئ. مما أدى بهم إلى البحث عن رموز تعبر عن تجربتهم الداخلية.
كما سعى الأدباء إلى اكتشاف أسلوب جديد للتعبير عن ذواتهم، بعد أن واجهوا انتقادات بسبب المبالغة في الخيال والانغماس في الذات في الرمزية، وكذلك انتقاد بروز الشكل في المدرسة البرناسية الذي يحدد حرية الكاتب، رغم وضوحها في الخطاب.
أحدث التعليقات