عندما وصل النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، بدأ بتنظيم العلاقات بين سكانها بسبب تنوع الطوائف الموجودة فيها. من بين الإجراءات التي اتخذها، تم إعداد وثيقة لتنظيم العلاقة بين المسلمين واليهود. وقد اتفقت قبيلة بني النضير مع رسول الله على عدم التعاون مع أعدائه وأن يكون موقفهم حياديًا. ومع ذلك، بعد غزوة أحد، نقضوا اتفاقهم؛ حيث انطلق كعب بن الأشرف إلى مكة وعقد تحالفًا مع قريش ضد الرسول. وقد أبلغ جبريل النبي -عليه الصلاة والسلام- بذلك، كما شهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيانتهم عندما طلب مساعدتهم في دية المسلمين لبني عامر فقد كانوا يخططون لإلقاء حجر عليه بغية قتله.
على إثر ذلك، أبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- بني النضير بضرورة مغادرتهم المدينة المنورة، حيث منحهم مهلة عشرة أيام لإنجاز ذلك. وقد سمع المنافقون في المدينة الخبر وأرسلوا إلى اليهود ليحثوهم على عدم المغادرة، وتعهدوا بحمايتهم ومحاربة المسلمين إذا قرر النبي قتالهم. كما طمأنهم بأنهم إن خرجوا، فلن يظلوا في المدينة بعدهم وسيذهبون حيثما يذهب اليهود. نتيجة لذلك، رفض يهود بني النضير الخروج، وأرسلوا إلى النبي معلنين أنهم مستعدون للقتال.
استعدادًا لذلك، أمر النبي أصحابه بالتوجه إلى بني النضير، الذين تحصنوا في قلاعهم. وأخذ النبي يهدم ديارهم، وكلما هدم المسلمون بيتاً زاد الرعب في قلوب اليهود بانتظار قدوم المنافقين الذين خذلوهم. وعندما ضاقت بهم الأمور وفقدوا الأمل، خرجوا إلى النبي طالبين إمكانية مغادرتهم المدينة، وقد وافق النبي على خروجهم محملين بما تستطيع الجمال حمله فحسب، مع ترك أسلحتهم ومتعتهم.
استنكر يهود بني النضير ما قام به المسلمون من حرق الأشجار وهدم البيوت، حيث كانوا يدعون أنهم جاءوا للإصلاح لا للإفساد. ومع ذلك، فإن هذا الفعل كان بأمر الله -سبحانه وتعالى-، وهذا ما أكدت عليه سورة الحشر.
سورة الحشر تعتبر سورة مدنية بالتوافق، حيث نزلت في المدينة المنورة في بداية السنة الرابعة للهجرة، ذلك بعد غزوة أحد وقبل غزوة الأحزاب.
سورة الحشر نزلت بعد سورة البينة وقبل سورة النصر، ويذكر أن ترتيبها في القرآن الكريم هو الثامنة والتسعون.
سُميت سورة الحشر بهذا الاسم لذكر حشر بني النضير خارج المدينة، وإجلائهم إلى أريحا في بلاد الشام. تُعرف أيضًا باسم سورة بني النضير لاحتوائها على القصة المتعلقة بهم.
إليكم بعض الدروس المستفادة من سورة الحشر:
بناءً على ما سبق، فإن سورة الحشر تعتبر سورة مدنية متفق عليها، نزلت بعد غزوة أحد بسبب نقض بني النضير العهد مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي توعدهم بإخراجهم بعد خيانتهم، في حين تخلّى المنافقون عن دعمهم بعد أن شجعوهم على تمسكهم بموقفهم في المدينة المنورة.
أحدث التعليقات