هناك العديد من الأسباب الشائعة التي قد تؤدي إلى الإصابة بخمول الغدة الدرقية، والمعروف أيضاً بمعاناتها من قصور (بالإنجليزية: Hypothyroidism). سنتناول فيما يلي بعضاً من هذه الأسباب:
يعتبر مرض هاشيموتو (بالإنجليزية: Hashimoto’s disease)، المعروف أيضاً بالتهاب الغدة الدرقية لهاشيموتو (بالإنجليزية: Hashimoto’s thyroiditis)، من أهم حالات اضطرابات المناعة الذاتية (بالإنجليزية: Autoimmune disorder) حيث يقوم الجهاز المناعي بمهاجمة الغدة الدرقية، مما يسبب تلف أنسجتها ويؤثر على قدرتها على إنتاج الهرمونات. يعد مرض هاشيموتو السبب الأكثر شيوعاً وراء خمول الغدة الدرقية، وتزداد فرص الإصابة به في النساء بمعدل يصل إلى ثمانية أضعاف مقارنةً بالرجال. ورغم أن العلماء لم يستطيعوا تحديد السبب الرئيسي لظهور هذا المرض، إلا أن بعض الدراسات تشير إلى وجود علاقة بينه وبين العوامل الوراثية وتاريخ عائلي للإصابة به. كما تشير بعض الأبحاث إلى زيادة خطر الإصابة عند النساء اللاتي تعانين من التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة (بالإنجليزية: Postpartum thyroiditis) ويزداد خطر الإصابة مع وجود اضطرابات مناعية أخرى مثل:
من المهم الحصول على العلاج المناسب في حالة الإصابة بمرض هاشيموتو من أجل السيطرة على الحالة وتجنب المضاعفات الصحية الخطيرة التي قد تنشأ نتيجة تجاهل العلاج، مثل العقم (بالإنجليزية: Infertility)، ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، تشوهات الجنين لدى النساء الحوامل غير المعالجات، الإجهاض (بالإنجليزية: Miscarriage)، بالإضافة إلى بعض الاضطرابات القلبية والعقلية. وفي حالات شديدة قد يواجه المريض حالات نادرة تُعرف بالوذمة المخاطية (بالإنجليزية: Myxedema) والتي قد تؤدي إلى عواقب خطيرة مثل النوبات العصبية، الفشل القلبي، الغيبوبة، أو الوفاة.
يمكن أن يكون خمول الغدة الدرقية نتيجة استخدام بعض الأدوية، حيث يمكن أن يسبب بعض منها خمولاً مؤقتاً في الغدة الدرقية، أو قد يسفر عن خمول مزمن. ومن بين هذه الأدوية:
كما يمكن أن يحدث خمول الغدة بسبب الاستجابة الزائدة لعلاج فرط نشاط الغدة الدرقية باستخدام اليود المشع أو الأدوية المضادة، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في إنتاج هرمون الغدة.
قد يُضطر البعض للخضوع لعملية جراحية لاستئصال جزء أو كامل الغدة، وغالباً ما يتم ذلك في حالات لاستخراج حليمات الغدة أو تشخيص سرطان الغدة الدرقية. عند إزالة جزء من الغدة، يتراوح خطر الإصابة بخمول الغدة بين 30-50%، وإذا تمت إزالة الغدة بالكامل، يحتاج الشخص للعلاج بهرمونات الغدة الدرقية الاصطناعية مدى الحياة.
لمعرفة المزيد حول استئصال الغدة الدرقية، يمكنك قراءة المقال التالي: (استئصال الغدة الدرقية).
في حال استخدام العلاج الإشعاعي لعلاج سرطان الرأس والرقبة، فإن مخاطر خمول الغدة الدرقية قد تصل إلى حوالي 50%، حيث يؤثر الإشعاع على الخلايا السرطانية والسليمة على حد سواء، مما قد يتسبب في خمول الغدة.
بجانب الأسباب السابقة، هناك مجموعة من الأسباب الأقل شيوعاً التي قد تؤدي إلى خمول الغدة الدرقية:
يُعتبر خمول الغدة الدرقية الخلقي (بالإنجليزية: Congenital hypothyroidism) نوعاً نادراً يحدث نتيجة اضطراب في تكوين الغدة أثناء نمو الجنين. رغم أن نمو الغدة قد يحدث بشكل طبيعي في بعض الأحيان، إلا أنها قد تعجز عن إنتاج الهرمونات الضرورية. وغالباً ما يتم الكشف عن هذا الخمول خلال الفحوص الروتينية للمواليد الجدد.
في بعض الحالات، يكون خمول الغدة الدرقية ناتجاً عن اضطراب في الغدة النخامية (بالإنجليزية: Pituitary gland)، وتعرف هذه الحالة بخمول الغدة الدرقية الثانوي. يحدث ذلك نتيجة تفشل الغدة النخامية في إنتاج الهرمون المنبه للغدة الدرقية (بالإنجليزية: Thyroid stimulating hormone) مما قد يكون مرتبطاً بأورام أو التهاب في الغدة، كما يزيد الخطر في الأشخاص فوق سن الخمسين.
تُظهر الدراسات أن نحو 3% من حالات الحمل تصاب بخمول الغدة الدرقية، وغالباً ما يكون ذلك نتيجة مرض هاشيموتو. يُعتبر الحفاظ على مستويات هرمونات الغدة الدرقية أمراً ضرورياً لنمو الجنين. تشمل الأعراض المرتبطة بذلك التعب المستمر، التشنجات العضلية، الإمساك، ورهاب البرودة. تشمل المضاعفات المحتملة للنساء الحوامل خمول الغدة الشديد:
لمعرفة المزيد عن خمول الغدة الدرقية أثناء الحمل، يمكنك قراءة المقال التالي: (نقص الغدة الدرقية للحامل).
بعض النساء قد يعانين من التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة (بالإنجليزية: Postpartum Thyroiditis)، وهي حالة نادرة تظهر خلال السنة الأولى بعد الإنجاب حيث تبدأ بفترة من فرط نشاط الغدة ثم تتبعها فترة من خمول الغدة. غالباً ما تستعيد الغدة نشاطها الطبيعي خلال السنة الأولى بعد الولادة، ولكن في بعض الحالات قد يكون هناك خمول مزمن.
لمعرفة المزيد عن التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة، يمكنك قراءة المقال التالي: (التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة).
كما تم ذكره، فإن اليود عنصر أساسي لإنتاج هرمونات الغدة الدرقية. نقص اليود يمكن أن يؤدي إلى تدهور مستويات هذه الهرمونات. من الأعراض الشائعة لنقص اليود تضخم الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Goiter) ومجموعة من الاضطرابات الصحة العقلية والخلقية عند الأطفال. تشمل أسباب نقص اليود:
تنقسم حالات خمول الغدة الدرقية إلى ثلاثة أنواع رئيسية، كما يلي:
يرتكز علاج خمول الغدة الدرقية على استعادة مستويات الهرمونات إلى المدى الطبيعي والتخفيف من الأعراض. يتم عادةً استخدام الليفوثيروكسين، وهو هرمون صناعي خاص بالغدة الدرقية، حيث يشعر المرضى بتحسن بسرعة بعد بدء العلاج. فترة العلاج قد تختلف من شخص لآخر وبالتالي تتطلب متابعة دقيقة من قبل الطبيب. إليك بعض المحاور الهامة في علاج خمول الغدة الدرقية:
يعتمد الطبيب في تحديد الجرعة على عدة عوامل، مثل العمر، صحة القلب والأوعية الدموية، والحالات المصاحبة الأخرى. تتم مراقبة مستويات هرمون الثيروكسين الحر لتعديل جرعة الدواء. عادةً يكون هناك حاجة لأربعة إلى ستة أسابيع للوصول إلى تأثير الدواء. في حالة الجرعات المرتفعة، قد تظهر بعض الآثار الجانبية، لذا يجب توخي الحذر عند تقديم الجرعات للمرضى الذين يعانون من مشاكل صحية.
تتراوح الجرعة القصوى لدواء الليفوثيروكسين لتشمل بين 1-1.6 ميكروغرام لكل كيلوغرام يومياً، بحد أقصى 200-300 ميكروغرام يومياً. ومن النادر الحاجة لجرعات أعلى بسبب عوامل مثل عدم الالتزام أو ردود الفعل على الأدوية الأخرى.
يمكن أن تؤثر بعض الأدوية والمكملات والغذاء على امتصاص الليفوثيروكسين، لذا ينبغي إبلاغ الطبيب بكل الأدوية المتناولة. من المهم تناول الليفوثيروكسين على معدة فارغة، مع تحديد الوقت المناسب لتناول الدواء بالنسبة للوجبات الأخرى.
تحدث حالة خمول الغدة الدرقية دون السريري (بالإنجليزية: Subclinical hypothyroidism) عندما يكون لدينا ارتفاع في مستوى الهرمون المنبه للغدة الدرقية مع مستوى طبيعي من الثيروكسين. تتطلب هذه الحالة اهتماماً خاصاً حيث أن العلاج قد يعود بالفائدة أو بالتأثير السلبي، ولكن يمكن مراعاة العلاج في حالات محددة، خصوصاً عند ارتفاع مستويات الهرمون المنبه للغدة الدرقية أو ظهور أعراض مثل التعب، أو جفاف الجلد أو الإمساك.
لمعرفة المزيد حول علاج مشاكل الغدة الدرقية، يمكنك قراءة المقال التالي: (ما هو علاج خمول الغدة الدرقية).
أحدث التعليقات