التوبة تعني الابتعاد والرجوع عن الأفعال المحرمة والمعاصي التي يرتكبها المسلم. وهي تعكس الندم الصادق والسعي لإصلاح النفس من خلال إرجاع الحقوق لأصحابها في حال كانت متعلقة بأفعال تتضمن حقوقًا للعباد. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ). وسنستعرض حديثًا حول التوبة من الزنا وبيان شروط التوبة الصحيحة.
تعتبر جريمة الزنا من أعظم الكبائر، وقد حذر الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم من الاقتراب منها أو السقوط في فخها. فقال تعالى: (وَلا تَقرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبيلًا). وذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- “لَا يَزْنِي العَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهو مُؤْمِنٌ”. بالنسبة لقبول التوبة، فإن باب التوبة مفتوح للجميع سواء كان زانيًا أو غيره، فَالتوبة مقبولة عن كل الذنوب، كبيرها وصغيرها، حال تحقيق شروطها؛ لقوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). لذلك، يتوجب على المؤمن ألا ييأس من رحمة التوبة والاستغفار، حتى إن تكررت الأخطاء، وعليه أن يعمل على قطع كل الأسباب التي قد تقوده للمعاصي ويلتجئ إلى الله بالدعاء والعبادات الخيرية.
على ضوء هذا، يعتبر ما حصل مع ماعز بن مالك -رضي الله عنه- مثالًا للتوبة، حيث جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- طلبًا للتطهير من الذنب الذي ارتكبه. وتؤكد القصة التي تروي أنه اعترف بفعلته عدة مرات قبل أن تُقام عليه الحدود، فقد جاء في الحديث الصحيح: “جَاءَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهُمْ جُلُوسٌ، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، فَقالَ: اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بنِ مَالِكٍ، فقالوا: غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بنِ مَالِكٍ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لو قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ.
للتوبة الصحيحة شروطٌ لا بدّ من تحقيقها، وهي كما يلي:
أحدث التعليقات