أسباب الثورة الفرنسية المباشرة والغير مباشرة كانت كافية تمامًا لتعيش فرنسا عام 1789 ثورة من أهم الثورات على الإطلاق، فقد أحدثت تغييرًا جذريًا بارتكازها على مبادئ جديدة تنأى عن الأفكار الراسخة بين ملوك فرنسا لسنوات، وفي سوبر بابا نوافيكم بها.
افتتحت الثورة الفرنسية عصرًا من عصور الانقلاب الجذري في كافة النواحي، فكانت مؤثرة إلى الحد الذي تجاوز فرنسا وأثر في ربوع العالم بأسره.. على الرغم من أن التأثير العميق كان من نصيب التاريخ الأوروبي.
ناهيك عن اعتبارها مصدرًا لكافة النظريات الجديدة ذات الصلة بنظام الحكم والأسس التي يجب أن تُقام عليها الدولة الرشيدة.
إنّ الثورة الفرنسية مثلت صراعًا بين الطبقات، لذا كانت عند أنصارها بمثابة التحرر من النظام المتجسد في ثلاثة عناصر.. الملك، الارستقراطية، رجال الدين.
اقرأ أيضًا: أسباب تغير المناخ في مصر
بدأت تلك الأزمة منذ عهد لويس الرابع عشر.. فقد باتت متعمقة لدرجة وصولها إلى اللاعودة، فقد عجزت الخزينة الفرنسية عن أبسط الحلول.
تعزو تلك الأزمة إلى الإنفاق بكثرة على الحروب التي خاضتها فرنسا بداية من عهد لويس الرابع عشر ومن لحقه من الملوك.. لاسيما تلك المصاريف الباهظة التي تكبدتها الدولة في حرب الاستقلال الأمريكي والتي استمرت من 1775 وحتى 1783 ضد المستعمر الإنجليزي.
ناهيك عن عدم دفع الضرائب من قِبل الفئات الأكثر قدرة على الدفع على غرار النبلاء والأشراف، حتى لم تُسهم الكنيسة بدورها في إنقاذ الخزينة من الضياع.
ربما كان ذلك السبب من أسباب الثورة الفرنسية المباشرة هو القشة التي قصمت ظهر البعير، فجوهر المشكلة كان كامنًا في أن الأوضاع السائدة داخل المجتمع الفرنسي لا تليق بشعب فرنسا.
فقد كانت مهزوزة مضطربة، فعلى الرغم من عدم اختلافها عن بلدان القارة الأوروبية بكثير إلا أنه من المفترض أن الفكر الفرنسي كان تقدميًا بوتيرة أسرع، وكان قويًا في تأثيره.
لاسيما فيما يتعلق بعلاقة الشعب بالنظام الحاكم، وعلاقة الفئات الاجتماعية ببعضها البعض.. لذا كان المجتمع الفرنسي على قناعة بأن هذا النظام هالك لا محالة، وفي طريقه إلى الزوال، فهو غير مؤمن به، ولا يراه نموذجًا ملائمًا.
اقرأ أيضًا: أهمية النفط الاقتصادية
على الرغم من أنّ أسباب الثورة الفرنسية المباشرة كانت هي الأكثر وضوحًا أمام العيان.. إلا أنّ هناك أسباب كانت أكثر عمقًا، ربما كانت هي مدعاة شرارة الاشتعال في الشعب الفرنسي.
عانى المجتمع الفرنسي من الطبقية، وما تبعها من سبل التمييز بين الطبقات، الأمر الذي عاد على الكادحين بكثير من الظلم والقهر، فلم يكن هناك عدالة تُذكر أو مساواة.
طبقة النبلاء | طبقة رجال الدين | طبقة الكادحين |
الطبقة الأعلى لهم امتيازات | الطبقة الوسطى ولهم امتيازات | الطبقة الدنيا وحرموا من أي حقوق أو امتيازات |
يُمكن تلخيص الوضع الاقتصادي في فرنسا قبيل الثورة بأنه متدهور، لا يشهد أي ازدهار في أي من قطاعاته.
الدليل على ذلك هو قلة عدد سكان المدن الفرنسية، حيث إنّ الصناعة الفرنسية تدهورت وعانت من الفشل والتأخر أمام الصناعات الإنجليزية.
يُذكر في خطاب لويس الخامس عشر: “نحن لا نتلقّى تاجنا إلا من الله، فإلينا وحدنا يعود حق إصدار القوانين التي بموجبها نَقُودُ رعايانا ونحكمهم دون ارتباط ومشاركة”.
إنّ الملكية المطلقة باتت هي السبب الأدعى لقيام الثورة الفرنسية، فقد انعدم تأثير أي مجلس نيابي آخر في ظل وجود الملك الآمر الناهي.
علاوة على أنّ حاشية الملك من النبلاء ورجال الدين كان لهم تأثيرًا ملحوظًا حتى وإن كان لا يُرى أمام العيان.. فكان المجتمع الفرنسي يشوبه حالة من الفوضى السياسية والمالية والإدارية.
ناهيك عن أنّ التمثيل النيابي كان غير عادلًا على الإطلاق، ولا يتناسب مع توزيع الطبقات.
النبلاء | رجال الدين | الطبقة الدنيا | التمثيل وفقًا لعدد السكان |
130 ألف | 27 مليون | عدد السكان | |
291 نائب | 291 نائب | 578 نائب | التمثيل في مجلس الأمة الفرنسي |
فقد جاءت الثورة الفرنسية لأن الملكية والسيادة المطلقة كانت تقف مكتوفة الأيدي أمام حلول لمشكلات شتى أهمها الامتيازات.
كذلك لم يكن الملوك في فرنسا من القوة التي تخوّل لهم نبذ بقايا النظام الإقطاعي الذي عانى المجتمع الفرنسي من ويلاته.
رواد حركة التنوير | |
ديدرو | مؤلفه الموسوعة |
جان جاك روسو | العقد الاجتماعي |
فولتير | رسائل فلسفية |
مونتسكيو | روح القوانين |
بين صفحات مؤلف العقد الاجتماعي وعلى لسان “روسو” قال: “ليس تأسيس الحكومة عَقْدًا اجتماعيًا بل قانونًا، وأن الذين تودع لديهم السلطة التنفيذية ليسوا أسيادًا للشعب وإنما موظفوه، وبوسع الشعب رفعهم أو خلعهم عندما يرغب في ذلك“.
شهد المجتمع الفرنسي تأثيرًا ملحوظًا على إثر ظهور رواد حركة التنوير.. فقد دعا المفكرون في فرنسا إلى العقلانية، وتلافي كافة الأفكار الجامدة الراسخة التي تعوق الحرية والتسامح والمساواة.
لذا فإنهم دعوا إلى المبادئ التي حملتها الثورة الفرنسية على أعتاقها، فلا عجب من كون حركة التنوير يُعتد بها من أسباب الثورة الفرنسية غير المباشرة.
حيث دعت تلك الحركة إلى تغيير الفكر السائد بين الأثرياء والسادة في فرنسا، وهو ما جعل أفكار التنوير تنتشر كالنار في الهشيم بين سائر الفئات الاجتماعية.
اقرأ أيضًا: كم عدد الجنود المصريين الذين قتلوا في حرب الخليج
ما جعل الثورة الفرنسية بها إضاءة جليّة مقارنة بغيرها من الثورات في التاريخ الحديث.. هي أنها دعت لإصلاحات شاملة كاملة، كانت هي الدفعة الأولى لها، وما اشتهر منها ما يتعلق بحقوق الإنسان.
أصبحت الثورة الفرنسية بمكاسبها وما آلت إليه من إنجازات منارة لكل نظام ديمقراطي يافع في التاريخ الحديث والمعاصر.
أحدث التعليقات