على الرغم من الجهود المبذولة لفهم الأسباب الكامنة وراء الشقيقة (أو الصداع النصفي)، لا تزال أسبابها الدقيقة غير معروفة. ومع ذلك، يُعتقد أن حدوثها مرتبط بخلل في النشاط الكهربائي في الدماغ، مما يؤثر على السيالات العصبية، والناقلات الكيميائية، والأوعية الدموية في الدماغ بشكل مؤقت. تشير الدراسات إلى أن التغييرات الحاصلة في جذع الدماغ (Brainstem) وتفاعله مع العصب الثلاثي التوائم (Trigeminal nerve)، وهو أحد المسارات الرئيسية لنقل الألم، قد تساهم في تفسير الإصابة بالشقيقة. يمكن أن يتسبب هذا الاختلال في مستويات بعض المواد الكيميائية في الدماغ التي تلعب دورًا في إدراك الألم، ومن هذه المواد:
رغم عدم وضوح السبب الحقيقي لحدوث هذا الخلل في النشاط الدماغي، إلا أن هناك اعتقادًا بأن للجينات دورًا في زيادة احتمالية الإصابة بالشقيقة عند تعرض الفرد لمؤثرات معينة. تشير الأبحاث إلى أن الشقيقة غالبًا ما تنجم عن طفــرات متعددة في عدة جينات وليست جينًا واحدًا. ورغم ذلك، فإن وجود هذه التغيرات الجينية لا يضمن حتمية الإصابة بالشقيقة؛ إذ أن هناك عوامل بيئية تلعب دوراً مهماً بالتوازي.
أما بالنسبة للألم المرافق للصداع النصفي، فإنه يحدث نتيجة تفاعل الإشارات بين الدماغ والأوعية الدموية والأعصاب المحيطة. حيث يتم تفعيل الأعصاب المحيطة بالأوعية الدموية لإيصال إشارات الألم إلى الدماغ. ولا يزال السبب وراء نشاط هذه الأعصاب غير واضح، لكن المناطق المسؤولة عن الشعور بالألم في الدماغ ترسل إشارات للأوعية الدموية، مما يؤدي إلى إطلاق بعض النواقل العصبية مثل السيروتونين، الذي يسبب تمدد الأوعية الدموية في النهايات العصبية ويؤدي إلى الشعور بالألم.
يمكن أن يصاب أي شخص بالشقيقة، إلا أن هناك مجموعة من العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بها. فيما يلي بعض من أبرز هذه العوامل:
تعتبر محفزات الشقيقة خاصة بالفرد، حيث تختلف من شخص لآخر. قد يجد المصابون صعوبة في التمييز بين المحفزات الفعلية للنوبات والأعراض الأولية. لذلك يُنصح بممارسة تسجيل يوميات لمساعدتهم في تحديد المحفزات الشخصية. بشكل عام، تتنوع المحفزات المحتملة للشقيقة وتشمل:
التوتر يُعد من أكثر المحفزات شيوعًا، حيث يعتبر المحفز المباشر للكثير من المصابين. يمكن أن يؤثر التوتر في مستويات المواد الكيميائية في الدماغ، وبالتالي يحفز ظهور النوبات. من المحفزات العاطفية الأخرى:
تشمل بعض العوامل البدنية التي قد تؤدي إلى تفعيل نوبات الشقيقة:
تتضمن العوامل البيئية التي قد تُحفّز نوبات الشقيقة:
بعض الأطعمة قد تُحفّز نوبات الشقيقة، مثل الكحول، والشوكولاتة، واللحوم المُعالجة، والأسماك المدخنة. يُنصح بالتسجيل اليومي للأطعمة التي تم تناولها، حيث يمكن أن تُظهر تحسينًا في الأعراض في حال تم تجنب المحفزات المحتملة. من المهم عدم اتباع حميات صارمة قد تؤدي لفقدان العناصر الغذائية اللازمة.
أيضًا، يجب أن تكون حذرًا بشأن ترطيب الجسم، حيث أن الجفاف قد يؤدي إلى تحفيز نوبات الشقيقة. ببساطة، يكفي شرب الماء للسيطرة على الأعراض المرتبطة بنوبة الشقيقة في بعض الأوقات.
الاستمرار في تناول الأدوية المسكنة لفترة طويلة قد يؤدي إلى صداع ناتج عن الإفراط في استخدام الأدوية. من الضروري استشارة الطبيب إذا كان هذا العرض متكررًا. بعض الأدوية، مثل حبوب منع الحمل والنيتروغليسرين، قد تزيد من شدة النوبات.
تلعب الهرمونات دورًا في تحفيز نوبات الشقيقة، خاصة لدى النساء. تقلب مستويات الهرمونات مثل الإستروجين قبل الدورة الشهرية قد يسبب نوبات شقيقة، وقد تعاني بعض النساء من الشقيقة فقط في تلك الفترة. كما يمكن أن تحدث هذه التقلبات في الحمل، أثناء استخدام العلاجات الهرمونية، أو خلال فترة انقطاع الحيض. على الرغم من أن انقطاع الحيض قد يكون محفزًا أحيانًا، إلا أن العديد من النساء يلاحظن تحسنًا في الأعراض بعد ذلك.
أحدث التعليقات