أسباب الإصابة بالاكتئاب

أسباب الاكتئاب

يظل السبب المباشر وراء الاكتئاب (Depression) أو الاضطراب الاكتئابي الرئيسي (Major Depressive Disorder) غير واضح تماماً، على الرغم من وجود العديد من العوامل التي قد تسهم في الإصابة به. وفي بعض الحالات، قد تكون أعراض الاكتئاب نتيجة لتفاعل عدة عوامل معاً، مما يجعل هذا المرض معقدًا. وفيما يلي نستعرض أهم العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.

اختلال توازن المواد الكيميائية في الدماغ

يعتبر اختلال توازن النواقل العصبية التي تتحكم في المزاج، مثل الدوبامين (Dopamine) والسيروتونين (Serotonin) والنورإبينفرين (Norepinephrine)، من الأسباب المحتملة للاكتئاب. وفيما يلي ملخص لأهم الفرضيات المتعلقة بمستويات هذه النواقل ومدى تأثيرها على ظهور أعراض الاكتئاب:

  • فرضية الأمينات البيولوجية: تشير هذه الفرضية إلى أن انخفاض مستويات النواقل العصبية، مثل النورإبينفرين والسيروتونين والدوبامين، قد يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب.
  • فرضية تغير حساسية المستقبلات: تشير إلى أن سبب الاكتئاب قد يكون قلة حساسية مستقبلات النورإبينفرين أو السيروتونين، حيث تكون النواقل العصبية موجودة بتراكيز طبيعية لكن المستقبلات تعاني من خلل.
  • فرضية التنظيم المعطل: تفيد بأن الاكتئاب ناشئ عن فشل في تنظيم نظام النواقل العصبية بشكل مستقر، وليس نتيجة لزيادة أو انخفاض في نشاطها.
  • الفرضية المتعلقة بتوازن مستقبلات السيروتونين والنورإبينفرين: تشير إلى ترابط نشاط مستقبلات السيروتونين والنورإبينفرين، حيث يلزم أن يظل تركيز كل منهما متماشياً مع الآخر، وأي خلل في هذا التوازن قد يؤدي إلى الاكتئاب.

التاريخ العائلي والجينات

قد تلعب العوامل الجينية دورًا في زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، حيث يُلاحظ انتشار الاكتئاب بين أفراد الأسرة. إلا أن وجود حالة اكتئاب لدى أحد الوالدين لا يعني بالضرورة أن الشخص سيتعرض للاكتئاب، إذ أن العوامل الشخصية والظروف الحياتية تلعب أيضاً دورًا مهمًا. بالتالي، قد تتفاعل هذه العوامل مع الوراثية مما يزيد من احتمال الإصابة. الجدير بالذكر أن دراسة تحليلية نشرتها مجلة (Frontiers in Psychiatry) عام 2018 أظهرت أن خطر إصابة الأبناء بالاكتئاب يتضاعف من مرتين إلى ثلاث مرات في حالة إصابة أحد الوالدين، حيث وصل معدل وراثة الاكتئاب إلى 37%.

التوتر والإجهاد

يزيد التوتر والإجهاد الناتج عن ضغوط الحياة، مثل المشكلات المالية والعائلية، من خطر الإصابة بالاكتئاب. فقد أظهرت الدراسات أن الإجهاد يحفز إفراز كميات أكبر من الكورتيزول، وهو هرمون يؤثر على تنظيم الاستجابات العاطفية ويؤدي إلى اضطرابات في توازن النواقل العصبية، مما قد يفضي إلى حدوث الاكتئاب. ومن المهم الإشارة إلى أن تأثير الإجهاد قد يكون محدودًا إذا كان لفترة قصيرة، ولكن في حال استمراره لفترة طويلة فقد يطول تأثيره السلبي.

التعرض للصدمات في الطفولة

وجد أن التعرض للصدمات النفسية والعاطفية خلال مرحلة الطفولة، مثل فقدان أحد الوالدين أو الاعتداء الجسدي أو الجنسي، يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب عند البلوغ. يشير الباحثون إلى أن الصدمات المبكرة قد تؤدي إلى تغييرات في وظائف المخ التي تعزز أعراض الاكتئاب والقلق، مثل تقلبات في مستويات النواقل العصبية أو تلف الخلايا العصبية. ومع ذلك، تظل الأبحاث جارية لفهم العلاقة الدقيقة بين الصدمات النفسية والاكتئاب وتأثيرها على الدماغ.

استخدام الأدوية والكحول

تُظهر العلاقة بين تعاطي بعض الأدوية أو الكحول والاكتئاب تفاعلاً متبادلًا؛ فقد يؤدي إدمان الكحول أو استخدام بعض العقاقير إلى تفاقم أعراض الاكتئاب، بينما قد يسعى المصاب بالاكتئاب إلى التعاطي لهذه المواد لتخفيف الأعراض. يُستحسن دائمًا استشارة طبيب مختص قبل تناول أي دواء، وضرورة عدم التوقف عن استخدام الأدوية دون استشارة مناسبة، إذ يعتبر الطبيب القادر على تقييم الفوائد مقابل المخاطر المحتملة.

الإصابة بالأمراض

ترتبط الصحة النفسية ارتباطًا وثيقًا بالصحة البدنية، حيث قد تؤدي الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والسرطان، إلى تفاقم الاكتئاب.كما أن العديد من الحالات الصحية الجسدية تعتبر من الأعراض المصاحبة لها تقلبات المزاج والاكتئاب، مثل قصور الغدة الدرقية.

عوامل أُخرى

هناك عوامل أخرى قد تسهم في زيادة خطر إصابة الفرد بالاكتئاب، ومنها:

  • شخصية الفرد: بعض الصفات الشخصية، مثل القلق المفرط، وانخفاض الثقة بالنفس، والسعي نحو الكمال، والشعور السلبي قد تعزز من احتمال الإصابة بالاكتئاب.
  • الوحدة: العزلة عن العائلة والأصدقاء تعتبر عاملاً محفزًا للاكتئاب.
  • التغيرات الهرمونية: يمكن أن تسهم التقلبات الهرمونية، مثل تلك المرتبطة بالدورة الشهرية أو انقطاع الطمث، أو الولادة، في زيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب. ويُفهم أن اكتئاب ما بعد الولادة ناتج عن التغير السريع في مستويات الهرمونات عقب الولادة، بينما ينخفض خطر الإصابة بعد انقطاع الطمث.

نصائح للتعامل مع الاكتئاب

كما أشرنا سابقًا، فإن الاكتئاب حالة علاجية ممكنة سواء بالأدوية أو العلاج النفسي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن الاستعانة بالنصائح التالية للتعامل مع نوبات الاكتئاب:

  • قم بتقسيم وجباتك إلى عدة وجبات صغيرة وتجنب تخطي أي وجبة، حيث أن الجوع لفترات طويلة قد يزيد من التوتر والإرهاق.
  • تجنب تناول الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات والسكر، حيث يرتبط تناولها بتقلبات المزاج وفقدان الطاقة.
  • قلل من استهلاك المشروبات التي تحتوي على الكافيين والأطعمة المعالجة.
  • تعرض لأشعة الشمس لمدة 15 دقيقة يومياً لتعزيز إفراز السيروتونين وتحسين المزاج.
  • مارس التمارين الرياضية بانتظام، مثل المشي والسباحة ورفع الأثقال.
  • قم بممارسات الاسترخاء مثل اليوغا والتأمل والتنفس العميق.
  • ابقَ على تواصل مع الآخرين وانخرط في أنشطة اجتماعية.
  • مارس الهوايات والأنشطة التي تفضلها.
  • احرص على الحصول على قسط كافٍ من النوم لا يقل عن 8 ساعات.
  • اذهب إلى النوم واستيقظ في نفس الوقت كل يوم، وتجنب القيلولة.
  • اقبل حالتك وتذكر أنك تستطيع التغلب عليها.
  • ركز على الأفكار الإيجابية وتجنب التفكير السلبي.
  • احتفظ بمفكرة لتدوين الأحداث اليومية لتحديد المحفزات والاكتئاب، وسجل الأحداث الإيجابية لتعزيز ثقتك بنفسك.
  • تجنب شرب الكحول أو تناول أي دواء دون استشارة الطبيب.
Published
Categorized as معلومات عامة