يظل السبب المباشر وراء الاكتئاب (Depression) أو الاضطراب الاكتئابي الرئيسي (Major Depressive Disorder) غير واضح تماماً، على الرغم من وجود العديد من العوامل التي قد تسهم في الإصابة به. وفي بعض الحالات، قد تكون أعراض الاكتئاب نتيجة لتفاعل عدة عوامل معاً، مما يجعل هذا المرض معقدًا. وفيما يلي نستعرض أهم العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
يعتبر اختلال توازن النواقل العصبية التي تتحكم في المزاج، مثل الدوبامين (Dopamine) والسيروتونين (Serotonin) والنورإبينفرين (Norepinephrine)، من الأسباب المحتملة للاكتئاب. وفيما يلي ملخص لأهم الفرضيات المتعلقة بمستويات هذه النواقل ومدى تأثيرها على ظهور أعراض الاكتئاب:
قد تلعب العوامل الجينية دورًا في زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، حيث يُلاحظ انتشار الاكتئاب بين أفراد الأسرة. إلا أن وجود حالة اكتئاب لدى أحد الوالدين لا يعني بالضرورة أن الشخص سيتعرض للاكتئاب، إذ أن العوامل الشخصية والظروف الحياتية تلعب أيضاً دورًا مهمًا. بالتالي، قد تتفاعل هذه العوامل مع الوراثية مما يزيد من احتمال الإصابة. الجدير بالذكر أن دراسة تحليلية نشرتها مجلة (Frontiers in Psychiatry) عام 2018 أظهرت أن خطر إصابة الأبناء بالاكتئاب يتضاعف من مرتين إلى ثلاث مرات في حالة إصابة أحد الوالدين، حيث وصل معدل وراثة الاكتئاب إلى 37%.
يزيد التوتر والإجهاد الناتج عن ضغوط الحياة، مثل المشكلات المالية والعائلية، من خطر الإصابة بالاكتئاب. فقد أظهرت الدراسات أن الإجهاد يحفز إفراز كميات أكبر من الكورتيزول، وهو هرمون يؤثر على تنظيم الاستجابات العاطفية ويؤدي إلى اضطرابات في توازن النواقل العصبية، مما قد يفضي إلى حدوث الاكتئاب. ومن المهم الإشارة إلى أن تأثير الإجهاد قد يكون محدودًا إذا كان لفترة قصيرة، ولكن في حال استمراره لفترة طويلة فقد يطول تأثيره السلبي.
وجد أن التعرض للصدمات النفسية والعاطفية خلال مرحلة الطفولة، مثل فقدان أحد الوالدين أو الاعتداء الجسدي أو الجنسي، يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب عند البلوغ. يشير الباحثون إلى أن الصدمات المبكرة قد تؤدي إلى تغييرات في وظائف المخ التي تعزز أعراض الاكتئاب والقلق، مثل تقلبات في مستويات النواقل العصبية أو تلف الخلايا العصبية. ومع ذلك، تظل الأبحاث جارية لفهم العلاقة الدقيقة بين الصدمات النفسية والاكتئاب وتأثيرها على الدماغ.
تُظهر العلاقة بين تعاطي بعض الأدوية أو الكحول والاكتئاب تفاعلاً متبادلًا؛ فقد يؤدي إدمان الكحول أو استخدام بعض العقاقير إلى تفاقم أعراض الاكتئاب، بينما قد يسعى المصاب بالاكتئاب إلى التعاطي لهذه المواد لتخفيف الأعراض. يُستحسن دائمًا استشارة طبيب مختص قبل تناول أي دواء، وضرورة عدم التوقف عن استخدام الأدوية دون استشارة مناسبة، إذ يعتبر الطبيب القادر على تقييم الفوائد مقابل المخاطر المحتملة.
ترتبط الصحة النفسية ارتباطًا وثيقًا بالصحة البدنية، حيث قد تؤدي الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والسرطان، إلى تفاقم الاكتئاب.كما أن العديد من الحالات الصحية الجسدية تعتبر من الأعراض المصاحبة لها تقلبات المزاج والاكتئاب، مثل قصور الغدة الدرقية.
هناك عوامل أخرى قد تسهم في زيادة خطر إصابة الفرد بالاكتئاب، ومنها:
كما أشرنا سابقًا، فإن الاكتئاب حالة علاجية ممكنة سواء بالأدوية أو العلاج النفسي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن الاستعانة بالنصائح التالية للتعامل مع نوبات الاكتئاب:
أحدث التعليقات