تعتبر الدعوة إلى الله -عز وجل- واحدة من أبرز التكاليف التي أمرنا بها، إذ يُحمّل المسلم مسؤولية الدعوة بحسب قدراته ومكانته. وتُعَدّ هذه العبادة من أعظم العبادات عند الله -سبحانه وتعالى-، حيث تعود فوائدها على كل من الداعية والمدعو. ولأنها عبادة، فإن الإخلاص لله -سبحانه وتعالى- والاقتداء بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- يُعتبران أساسيين في تنفيذها. في هذا المقال، سنتناول بعض هذه الأساليب ونُعرفها بالتفصيل كما يلي:
يشير أسلوب الدعوة بالحكمة إلى ضرورة أن يكون الداعية عالماً بما يدعو إليه، وملماً بخصائص المدعوين وما يتناسب مع احتياجاتهم. فالمناهج الدعوية تختلف بحسب الفئات العمرية والثقافات، إذ ليس من المجدي استخدام أساليب تناسب كبار السن مع الصغار أو المثقفين مع غير المتعلمين. كما ينبغي للداعية أن يرتب الأولويات، بحيث يبدأ بالأهم فالمهم، مع مراعاة واقع المجتمع والأمة.
قال الله -تعالى-: (ادعُ إِي إلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلْهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدِينَ).
هذا الأسلوب يُعتبر الأكثر فعالية في تحقيق النتائج المرجوة ويعتمد عليه كمعيار لبقية الأساليب الأخرى. كما أن الله -سبحانه وتعالى- قدّم هذا الأسلوب على غيره، لأنه يتحدث مع كل فئة من الناس بما يناسبها.
تُعتبر دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- للحصين مثالاً واضحاً على هذا الأسلوب، حيث قال له: (يا حصين؛ كم تعبد اليوم إلهاً؟ قال: سبعة، ستة في الأرض، وواحداً في السماء).
يعتمد هذا الأسلوب على استخدام العبر والتوجيه، والألفاظ الطيبة المؤثرة في النفوس، مع اللطف في التعامل مع الناس.
تتضمن الآية السابقة: (ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلْهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدِينَ).
تُستخدم هذه الطريقة لتنبيه الناس الغافلين عن واجباتهم، وكذلك للتذكير بالأخطاء التي يجب عليهم تجنبها.
من الأمثلة الواضحة لهذا الأسلوب ما ذكره العرباض بن سارية عندما قال: (وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعظةً وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون).
هذا الأسلوب يشمل إقناع الآخرين عبر الحوار العقلاني ومواجهة الحجج بالحجج بأسلوب لطيف وهادئ، مع التركيز على تحقيق الهدف الأسمى وهو الوصول إلى الحق دون سب أو سخرية.
يُشير ذلك إلى الآية السابقة أيضاً.
هذا الأسلوب يعتمد على رد الشبهات والحجج بالأدلة المنطقية.
مثال على ذلك هو ما فعله سيدنا إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- مع الذي ادعى الألوهية.
هذا الأسلوب يتضمن استخدام وسائل التشويق والدعوة للاستجابة للحق، فضلاً عن تخويف وتحذير المدعوين من عواقب عدم الاستجابة أوReject الحق.
قال الله -تعالى-: (إنَّ اللَّـهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ).
تحفز النفس البشرية على الخوف والطمع، وهذا الاستخدام لطبيعة الإنسان يعدّ وسيلة فعّالة لتعزيز الدعوة.
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعد الذين يبايعونه بالجنة إن أوفوا بعهودهم.
هذا الأسلوب يشمل استخدام الخطب، الدروس، والمحاضرات وغيرها من وسائل التواصل.
قال الله -تعالى-: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
هذا الأسلوب هو ما استخدمه النبي -صلى الله عليه وسلم- وخصص له مواعيد منتظمة، مثل خطبة الجمعة.
يتعلق هذا الأسلوب بالعمل الفعلي الذي يسهم في إزالة المنكرات وترويج الحق.
قال الله -تعالى-: (مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيدِهِ، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).
يساعد استخدام الوسائل العملية في تحويل الأفكار إلى أفعال ملموسة.
عندما يمثل الداعية إلى الله نموذجًا حيًا لما يدعو إليه، يؤثر ذلك بشكل كبير على الناس.
قال -صلى الله عليه وسلم-: (خذوا عنِّي مناسِكَكم).
تأثير الأفعال والسلوك والقدوة الحسنة يتجاوز مجرد القول.
أحدث التعليقات