تعتبر الأساليب الإنشائية جزءاً أساسياً من علم المعاني، وهي تعبير يُستخدم لتحقيق أغراض معينة ولا يحتمل الصدق أو الكذب. إذ لا يُخبر المتحدث عن واقع معين كما هو الحال في الأسلوب الخبري، وتنقسم الأساليب الإنشائية بشكلٍ عام إلى نوعين: الإنشاء الطلبي والإنشاء غير الطلبي. حيث يُشير الإنشاء الطلبي إلى الطلب الذي يستدعي شيئًا غير موجود عندما يُبادر المتحدث بطلبه، مثل عبارة “اصبروا وصابروا”، حيث إن الصبر هو المطلوب لعدم تحققِه قبل الطلب. ويتفرع الإنشاء الطلبي إلى خمسة أشكال رئيسية: “الأمر، النهي، الاستفهام، النداء، والتمني”.
يُعتبر أسلوب الأمر طلباً لتنفيذ فعل معين بشكل ملزم وليس اختياري. ومن الأمثلة على ذلك:
تتجاوز أحيانًا معاني الأمر إلى دلالات مجازية، ومنها:
يُستخدم الأمر هنا كشكل من أشكال الاستغاثة والتضرع وليس كطلب استعلاء، مثلما ورد في قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها ما اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
يأتي الأمر هنا في إطار من التساوي في القدر بين الطرفين، كقوله الشاعر امرئ القيس:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ
بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
يتعلق الأمر هنا بشيء يُرجى وقوعه رغم كونه مستحيلاً، وغالبًا ما يكون الطلب موجهًا إلى الجمادات، كما في قول امرئ القيس:
أَلا أَيُّها اللَّيلُ الطَويلُ أَلا اِنجَلي
بِصُبحٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بِأَمثَلِ
يهدف الأمر هنا إلى تقديم النصيحة دون إلزام، وهو ما يتجلى في قولنا: “يا بني احرص على مصادقة الأخيار”.
رهين الإشارة إلى عجز المخاطب عن القيام بواجب معين، كما يُظهر قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلَى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}.
هو أسلوب يُعبر عن طلب الامتناع عن القيام بفعل ما بتوجيه إلزامي، كما يتضح من قوله تعالى: {وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}.
يمكن أن يخرج النهي ليكتسب دلالات إضافية، منها:
يمكن أن يتجاوز الاستفهام معانيه الأساسية ليصل إلى:
يا أَعدَلَ الناسِ إِلّا في مُعامَلَتي
فِيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ
أحدث التعليقات