أروع قصائد الشاعر نزار قباني

نزار قباني

إنه شاعر سوري معاصر، تميز بشعره الذي يتناول مواضيع المرأة، الحب، والحرب. ويُعتبر ديوانه الشعري من الأكثر شهرة، حيث تمتاز قصائده بجاذبيتها وعمق تعبيرها عن مشاعر الناس، فنزار قباني لديه مجموعة من القصائد الرائعة، وسنتناول في هذا المقال بعضًا منها.

قصيدة اغضب

يقول نزار قباني في قصيدته:

اغضب كما تشاءُ..

واجرحْ أحاسيسي كما تشاءُ

حطّم أواني الزّهرِ والمرايا

هدّدْ بحبِّ امرأةٍ سوايا..

فكلُّ ما تفعلهُ سواءُ..

كلُّ ما تقولهُ سواءُ..

فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي

نحبّهمْ.. مهما لنا أساؤوا..

اغضب!

فأنتَ رائعٌ حقاً متى تثورُ

اغضب!

فلولا الموجُ ما تكوَّنت بحورُ..

كنْ عاصفاً.. كُنْ ممطراً..

فإنَّ قلبي دائماً غفورُ

اغضب!

فلنْ أجيبَ بالتحدّي

فأنتَ طفلٌ عابثٌ..

يملؤهُ الغرورُ..

وكيفَ من صغارها..

تنتقمُ الطيورُ؟

اذهبْ..

إذا يوماً مللتَ منّي..

واتهمِ الأقدارَ واتّهمني..

أما أنا فإني..

سأكتفي بدمعي وحزني..

فالصمتُ كبرياءُ

والحزنُ كبرياءُ

اذهبْ..

إذا أتعبكَ البقاءُ..

فالأرضُ فيها العطرُ والنساءُ..

والأعين الخضراء والسوداء

وعندما تريد أن تراني

وعندما تحتاجُ كالطفلِ إلى حناني..

فعُدْ إلى قلبي متى تشاءُ..

فأنتَ في حياتيَ الهواءُ..

وأنتَ.. عندي الأرضُ والسماءُ..

اغضب كما تشاءُ

واذهبْ كما تشاءُ

واذهبْ.. متى تشاءُ

لا بدَّ أن تعودَ ذاتَ يومٍ

وقد عرفتَ ما هوَ الوفاءُ.

قصيدة حب بلا حدود

في قصيدته هذه، يخاطب نزار قباني حبيبته قائلاً:

يا سيِّدتي:

كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي

قبل رحيل العام.

أنتِ الآنَ.. أهمُّ امرأةٍ

بعد ولادة هذا العامْ..

أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّامْ.

أنتِ امرأةٌ..

صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ..

ومن ذهب الأحلامْ..

أنتِ امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي

قبل ملايين الأعوامْ..

-2-

يا سيِّدتي:

يالمغزولة من قطنٍ وغمامْ.

يا أمطاراً من ياقوتٍ..

يا أنهاراً من نهوندٍ..

يا غاباتِ رخام..

يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ..

وتسكنُ في العينينِ كسربِ حمامْ.

لن يتغيرَ شيءٌ في عاطفتي..

في إحساسي..

في وجداني.. في إيماني..

فأنا سوف أَظَلُّ على دين الإسلامْ..

-3-

يا سيِّدتي:

لا تَهتّمي في إيقاع الوقتِ وأسماء السنواتْ

أنتِ امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كلَِ الأوقاتْ.

سوف أحِبُّكِ..

عند دخول القرن الواحد والعشرينَ..

وعند دخول القرن الخامس والعشرينَ..

وعند دخول القرن التاسع والعشرينَ..

وسوفَ أحبُّكِ..

حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ..

وتحترقُ الغاباتْ..

-4-

يا سيِّدتي:

أنتِ خلاصةُ كلِّ الشعرِ..

ووردةُ كلِّ الحرياتْ.

يكفي أن أتهجى إسمَكِ..

حتى أصبحَ مَلكَ الشعرِ..

وفرعون الكلماتْ..

يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلكِ..

حتى أدخُلَ في كتب التاريخِ..

وتُرفعَ من أجلي الرّاياتْ..

-5-

يا سيِّدتي

لا تَضطربي مثلَ الطائرِ في زَمَن الأعيادْ.

لَن يتغيرَ شيءٌ منّي.

لن يتوقّفَ نهرُ الحبِّ عن الجريانْ.

لن يتوقف نَبضُ القلبِ عن الخفقانْ.

لن يتوقف حَجَلُ الشعرِ عن الطيرانْ.

حين يكون الحبُ كبيراً..

والمحبوبة قمراً..

لن يتحول هذا الحُبُّ

لحزمَة قَشٍّ تأكلها النيرانْ…

-6-

يا سيِّدتي:

ليس هنالكَ شيءٌ يملأ عَيني

لا الأضواءُ..

ولا الزيناتُ..

ولا أجراس العيد..

ولا شَجَرُ الميلادْ.

لا يعني لي الشارعُ شيئاً.

لا تعني لي الحانةُ شيئاً.

لا يعنيني أي كلامٍ

يكتبُ فوق بطاقاتِ الأعيادْ.

-7-

يا سيِّدتي:

لا أتذكَّرُ إلا صوتُكِ

حين تدقُّ نواقيس الآحادْ.

لا أتذكرُ إلا عطرُكِ

حين أنام على ورق الأعشابْ.

لا أتذكر إلا وجهُكِ..

حين يهرهر فوق ثيابي الثلجُ..

وأسمعُ طَقْطَقَةَ الأحطابْ..

-8-

ما يُفرِحُني يا سيِّدتي

أن أتكوَّمَ كالعصفور الخائفِ

بين بساتينِ الأهدابْ…

-9-

ما يَبهرني يا سيِّدتي

أن تهديني قلماً من أقلام الحبرِ..

أعانقُهُ..

وأشرب من خمر الرهبانْ

ما أقواني..

حين أكونُ صديقاً

للحريةِ.. والإنسانْ…

-11-

يا سيِّدتي:

كم أتمنى لو أحببتُكِ في عصر التَنْويرِ..

وفي عصر التصويرِ..

وفي عصرِ الرُوَّادْ

كم أتمنى لو قابلتُكِ يوماً

في فلورنسَا.

أو قرطبةٍ.

أو في الكوفَةِ

أو في حَلَبٍ.

أو في بيتٍ من حاراتِ الشامْ…

-12-

يا سيِّدتي:

كم أتمنى لو سافرنا

نحو بلادٍ يحكمها الغيتارْ

حيث الحبُّ بلا أسوارْ

والكلمات بلا أسوارْ

والأحلامُ بلا أسوارْ

-13-

يا سيِّدتي:

لا تَنشَغِلي بالمستقبلِ، يا سيدتي

سوف يظلُّ حنيني أقوى مما كانَ..

وأعنفَ مما كانْ..

أنتِ امرأةٌ لا تتكرَّرُ.. في تاريخ الوَردِ..

وفي تاريخِ الشعْرِ..

وفي ذاكرةَ الزنبق والريحانْ…

-14-

يا سيِّدتي العالَمِ

لا يُشغِلُني إلا حُبُّكِ في آتي الأيامْ

أنتِ امرأتي الأولى.

أمي الأولى

رحمي الأولُ

شَغَفي الأولُ

شَبَقي الأوَّلُ

طوق نجاتي في زَمَن الطوفانْ…

-15-

يا سيِّدتي:

يا سيِّدة الشِعْرِ الأُولى

هاتي يَدَكِ اليُمْنَى كي أتخبَّأ فيها..

هاتي يَدَكِ اليُسْرَى..

كي أستوطنَ فيها..

قولي أيَّ عبارة حُبٍّ

حتى تبتدئَ الأعيادْ.

قصيدة أحزان في الأندلس

في قصيدة “أحزان في الأندلس”، يُكثر نزار قباني من استخدام الرموز التاريخية، وقد كتب:

كتبتِ لي يا غاليه..

كتبتِ تسألينَ عن إسبانيه

عن طارقٍ، يفتحُ باسم الله دنيا ثانيه..

عن عقبة بن نافعٍ

يزرع شتلَ نخلةٍ..

في قلبِ كلِّ رابيه..

سألتِ عن أميةٍ..

سألتِ عن أميرها معاويه..

عن السرايا الزاهيه

تحملُ من دمشقَ.. في ركابِها

حضارةً وعافيه..

لم يبقَ في إسبانيه

منّا، ومن عصورنا الثمانيه

غيرُ الذي يبقى من الخمرِ،

بجوف الآنيه..

وأعينٍ كبيرةٍ.. كبيرةٍ

ما زال في سوادها ينامُ ليلُ الباديه..

لم يبقَ من قرطبةٍ

سوى دموعُ المئذناتِ الباكيه

سوى عبيرِ الورود، والنارنج والأضاليه..

لم يبق من ولاّدةٍ ومن حكايا حُبها..

قافيةٌ ولا بقايا قافيه..

لم يبقَ من غرناطةٍ

ومن بني الأحمر.. إلا ما يقول الراويه

وغيرُ “لا غالبَ إلا الله”

تلقاك في كلِّ زاويه..

لم يبقَ إلا قصرُهم

كامرأةٍ من الرخام عارية..

تعيشُ –لا زالت- على

قصَّةِ حُبٍّ ماضيه..

مضت قرونٌ خمسةٌ

مذ رحلَ “الخليفةُ الصغيرُ” عن إسبانيه

ولم تزل أحقادنا الصغيره..

كما هي..

ولم تزل عقليةُ العشيره

في دمنا كما هي

حوارُنا اليوميُّ بالخناجرِ..

أفكارُنا أشبهُ بالأظافرِ

مَضت قرونٌ خمسةٌ

ولا تزال لفظةُ العروبه..

كزهرةٍ حزينةٍ في آنيه..

كطفلةٍ جائعةٍ وعاريه

نصلبُها على جدارِ الحقدِ والكراهيه..

مَضت قرونٌ خمسةُ.. يا غاليه

كأننا.. نخرجُ هذا اليومَ من إسبانيه.

لا تسألوني

تُعتبر قصيدة لا تسألوني للشاعر نزار قباني من أجمل القصائد المغنّاة:

لا تسـألوني… ما اسمهُ حبيبي

أخشى عليكمْ.. ضوعةَ الطيوبِ

زقُّ العـبيرِ.. إنْ حـطّمتموهُ

غـرقتُمُ بعاطـرٍ سـكيبِ

والله.. لو بُحـتُ بأيِّ حرفٍ

تكدَّسَ الليـلكُ في الدروبِ

لا تبحثوا عنهُ هُـنا بصدري

تركتُهُ يجـري مع الغـروبِ

ترونَهُ في ضـحكةِ السواقي

في رفَّةِ الفـراشةِ اللعوبِ

في البحرِ، في تنفّسِ المراعي

وفي غـناءِ كلِّ عندليـبِ

في أدمعِ الشتاءِ حينَ يبكي

وفي عطاءِ الديمةِ السكوبِ

لا تسألوا عن ثغرهِ.. فهلا

رأيتـمُ أناقةَ المغيـبِ

ومُـقلتاهُ شاطـئا نـقاءٍ

وخصرهُ تهزهزُ القـضيبِ

محاسنٌ.. لا ضمّها كتابٌ

ولا ادّعتها ريشةُ الأديبِ

وصدرهُ.. ونحرهُ.. كفاكمْ

فلن أبـوحَ باسمهِ حبيبي

Published
Categorized as قصائد عربية