حبيبي، نم يا عمري على صدري وشاركيني الحديث
وافضفض لي عن شعورك، ودع الحب يجري بحرية
وافضفض لي يا بعد عمري وعاتبني وفهمني
أنا دائمًا في بالك كما أنت في بالي
تعال بالقرب مني، انظر إلى خدك الذي ينتظرني
يحتاج للمس شغف روحي، ويقطف من وحي شعري
تعال وانثر ليلاً جميلاً في حياتي وخلني أعشقك أكثر
أنا أحبك وأريد قربك، ليت صبري ينفد
أنا نبضك وزهرتك، وأنت من يملكني
نتبادل الهمس والعناق، ونستشعر دفء الحب
أريد دموعك تتداخل مع أنفاسك، وبصدقك تحرقني
كما أريد عطرك وذُكرك يسري في قلبي
أريد لمستك التي تشتتني وعينيك تذوبان من الشوق
أريد عهداً مع وعدك، أريدك كله تسلمني
أريد يدك تأخذني إلى عالمك، فقد اكتشفت جنوني بك
ترى الجمر في عيوني، وترى الشوق الذي يفرغني
ولكن من يرى عينيك يعشق
وأن أي شيء تأمري به، سيصبح حقيقة
سيبقى صداك يلاحقني إلى الآخرة
فما أموية أن تأتيني بهدوئك، وابتساماتك
أكثر غرابة هو بقاء المحبين رغم الفراق
لقد غمر الهوى قلبي
كما يمتلئ الدم في عروقي
هل رأيتم يا أصدقائي في حياتكم
قتيلاً بكى من حب قاتله قبلي؟
ولا رضيت بغيرك محبًا
ليعرف كم يعاني المحب من الهجر
إما جريح أو مصاب بالمقتل
لعلّ اللقاء في المنام سيكون
يا للهوى والغزل من العيون النجل
من الظباء لا كالظباء من مرح وكسل
من المهى لا كالمهى في الحدق المكتحل
من الدمى لا كالدمى في حسنها المكتمل
أقبلن يَخْتَلن فلم يكن غير الأسل
ثم نظرن نظرة معقودة بالأجل
ثم انسرن من هنا ومن هنا في سبل
منفردات وجلاً يا طيب هذا الوجل
مبتعدات خجلاً يا حسنه من خجل
ثم التقين كالنقاء أمل بأمل
مؤتلفات جذلاً وهن بعض الجذل
مختلفات جدلاً والحسن أصل الجدل
كل واحدة تغير غيرتها بحليها والحلل
وتلك من زينتها زينتها في العطل
تنافسا والحسن للحسان مثل الدول
ثم انبرت فاتنة تميل كميل الثمل
تنهض خصراً لم يزل من ردفها في ملل
تهتز في كف الهوى هز حسام البطل
قائمة قاعدة جائلة لم تجل
كالشمس في ثباتها وظلها المتنقل
دائرة في فلك من خصرها والكفل
وصدرها كالقصر شيد فوق ذلك الطلل
وخصرها كزاهد منقطع في الجبل
يهزها كل أنين من شج ذي علل
فهي لنوح العود ما زالت ولما تزل
كأنه من أضلعي، فإذا بكى تضحك لي
كأنها عصفورة وانتفضت من بلل
ترتج كالطير غدا في كفة المحتبل
تهتز لا من خبل وكلنا ذو خبل
تلهو ولا من شغل وكلنا ذو شغل
ناظرة في رجل مغضية عن رجل
من حاجب لحاجب ومقلة لمقل
كالشمس للعاشق والشعر له كزحل
باسمة عابسة مثل الضحى والطفل
واثبة ساكنة مالت ولما تمل
بيننا تقول اعتدلت، تقول لم تعتدل
وقد تظن ابتذلت فينا ولم تبتذل
تمثل ما قد درت شفاهها من قبلي
فعجلٌ في مهل ومهلٌ في عجل
غزال حلالي فيه الغزل
فحرّم قربي وفي القلب حلّ
رنا وانثنى فرمى أسهماً
من اللمح تبطل عزم البطل
ورام يحاكيه ريم الفلا
فقلت هل الكحل مثل الكحل
ومال فكم لام في حبه
عذول عن الحق ظلماً عدل
فلما تأمل في حسنه
تلظّى بنار الهوى واشتعل
فيا عجباً لجفون مراض
وسيف لواحظها قد قتل
ذوابل بالسحر مكحولة
ببابل هاروت عنها نقل
ويا طيب يوم به جادلني
وداجي الهموم انمحي واضمحل
فقلت له يا بديع اللقاء
ومزرى غصن النقا والأسل
ويا فاتنا بالجمال العقول
ويا سالب الظبي سحر المقل
فضحت الغزال وفقت الهلال
وأخجلت شمس الضحى في الحمل
وكم ذا تجور وجفني يجود
بدمع يزيد الضنى والعلل
وما بال غيري أدنيته
وأعطيته في هواك الأمل
وعد سواي بدا طالعا
وطالع سعي غدا في زحل
فهلا تميل لوصل العليل
وتقطع هذا الجفا والملل
وقد كنت قبل الهوى آمناً
فوقعتني في العنا والوجل
وما زلت أنظم در الكلام
وأنثر دمعاً همّي وأنهمل
إلى أن بلغت أعز المرام
على رغم أنف العذول الأذل
ورق فقرّت عيني إذ
تكرّم لي بلذيذ القبل
فقابلت ذا النصح لي بالقبول
وقبلت ثغراً لماه عسل
وعانقت ذاك القوام الرشيق
وجودت بنظم رقيق الغزل
فأمطر جفني حتى روى
بروضة خدّيه ورد الخجل
وفكري قد حار في حسنه
ووجدي بإحسانه قد كمل
ودّعْ هريرة َ إنْ الركبَ مرتحل
وهلْ تطيقُ وداعاً أيها الرجل
غَرّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُها
تَمشِي الهُوَينا كما يَمشِي الوَجي الوَحِل
كَأنّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جارَتِهَا
مرّ السحابة، لا ريث ولا عجل
تَسمَعُ للحلي وسواساً إذا انصرفت
كَمَا استَعَانَ برِيحٍ عِشرِقٌ زَجِل
ليست كمن يكره الجيران طلعتها
ولا تراها لسرّ الجار تختل
يَكادُ يَصرَعُها، لَوْلا تَشَدّدُهَا
إذا تَقُومُ إلى جاراتها الكسل
إذا تُعالِجُ قِرْناً سَاعةً فَتَرَتْ
واهتَزّ منها ذَنُوبُ المَتنِ والكفل
مِلءُ الوِشاح وَصِفْرُ الدّرْعِ بَهكنَة
إذا تَأتّى، يَكادُ الخَصْرُ يَنْخَزِل
صدّتْ هريرة عنّا ما تكلّمنا
جهلاً بأمّ خليدٍ من تصل
أأنْ رأتْ رجلاً أعشى أضر به
لِلذّةِ المَرْءِ لا جَافٍ ولا تَفِل
هركولة، فنق، درمٌ مرافقها
كأنّ أخمصنها بالشوك منتعل
إذا تَقُومُ يَضُوعُ المِسْكُ أصْوِرَةً
والزنبقُ الوردُ من أردانها شمل
ما رَوْضَةٌ مِن رِياضِ الحَزْنِ مُعشبة
خَضرَاءُ جادَ عَلَيها مُسْبِلٌ هَطِل
يضاحكُ الشمسَ منها كوكبٌ شرقٌ
مُؤزَرٌ بِعَمِيمِ النّبْتِ مُكْتَهِل
يَوْمًا بِأطْيَبَ مِنْهَا نَشْرَ رَائِحَةً
ولا بأحسنَ منها إِذْ دَنَا الأصل
علّقتها عرضاً، وعلقتْ رجلاً
غَيْري، وعُلّقَ أُخرى غيرها الرجل
وَعُلّقَتْ فتَاةٌ مَا يُحَاوِلُهَا
مِنْ أهلِها مَيّتٌ يَهذي بها وَهلُ
وَعُلّقَتْني أُخَيْرَى مَا تُلائِمُني
فاجتَمَعَ الحُبّ حُبّاً كُلّهُ تَبِلُ
فَكُلّنَا مُغْرَمٌ يَهْذِي بصَاحِبِهِ
نَاءٍ وَدَانٍ، وَمَحْبُولٌ وَمُحْتَبِلُ
قالتْ هريرة لمّا جئتُ زائرها
وَيْلي عَلَيكَ، وَوَيلي منكَ يا رَجُل
يا مَنْ يَرَى عارِضا قَد بِتُّ أرْقُبُهُ
كأنّمَا البَرْقُ في حَافَاتِهِ الشُّعَل
لهُ ردافٌ، وجوزٌ مَفأمٌ عملٌ
منطَقٌ بسجالِ الماءِ متّصل
لمْ يلهني اللهو عنه حين أرقبه
وَلا اللذاذة مِنْ كأسٍ وَلا الكَسَل
فقلتُ للشَّربِ في درني وقد ثملوا:
شِيموا، وكيفَ يَشيمُ الشّارِبُ الثّمل
بَرْقاً يُضِيءُ عَلى أجزَاعِ مَسْقطِهِ
وَبِالخَبِيّة ِ منه عَارِضٌ هَطِل
قالُوا نِمَارٌ، فبَطنُ الخالِ جَادَهُما
فالعَسْجَدِيّة فالأبْلاءُ فَالرِّجَلُ
فَالسّفْحُ يَجري فخِنزِيرٌ فَبُرْقَتُهُ
حتى تدافعَ منهُ الرّبوُ، فالجبلُ
حتى تحمَلَ منهُ الماءَ تكلفة
رَوْضُ القَطَا فكَثيبُ الغَينةِ السّهِلُ
يَسقي دِياراً لَها قَدْ أصبَحَتْ عُزَباً
زوراً تجانفَ عنها القودُ والرَّسلُ
وبلدةٍ مثلِ ظهرِ التُّرسِ موحشةٍ
للجِنّ بِاللّيْلِ في حَافَاتِهَا زَجَل
لا يَتَمَنّى لهَا بِالقَيْظِ يَرْكَبُهَا
إلاّ الذينَ لهمْ فيما أتوا مهلُ
جاوزتها بطليحٍ جسرةٍ سرحٍ
في مِرْفَقَيها إذا استَعرَضْتَها فَتَل
إمّا تَرَيْنَا حفاة لا نِعَالَ لَنَا
إنّا كَذَلِكَ مَا نَحْفَى وَنَنْتَعِل
فقدْ أخالسُ ربَّ البيتِ غفلتهُ
وقدْ يحاذرُ مني ثمّ ما يئلُ
وَقَدْ أقُودُ الصّبَى يَوْماً فيَتْبَعُني
وقدْ يصاحبني ذو الشرة ِ الغزل
وَقَدْ غَدَوْتُ إلى الحَانُوتِ يَتْبَعُني
شَاوٍ مِشَلٌ شَلُولٌ شُلشُلٌ شَوِلُ
في فتيَةٍ كَسُيُوفِ الهِندِ قد عَلِمُوا
أنْ لَيسَ يَدفعُ عن ذي الحيلة ِ الحِيَل
نازعتهمْ قضبَ الرّيحانِ متكئاً
وقهوةً مزّةً راووقها خضلُ
لا يستفيقونَ منها، وهيَ راهنةٌ
إلاّ بِهَاتِ! وَإنْ عَلّوا وَإنْ نَهِلُوا
يسعى بها ذو زجاجاتٍ لهُ نطفٌ
مُقَلِّصٌ أسفلَ السّرْبالِ مُعتَمِل
ومُستَجيبٍ تَخالُ الصنْجَ يَسمَعُهُ
إِذا تُرَجِّعُ فيهِ القَينَةُ الفُضُلُ
من كل ذلكَ يومٌ قدَ لهوتُ به
وَفي التّجارِبِ طُولُ اللّهوِ وَالغَزَل
والسّاحباتُ ذيولَ الخزّ آونةً
والرّافلاتُ على أعجازها العجل
أحدث التعليقات