وَإِذا شَهدَ الرِجَالُ يَزيدًا رَأَيتَهُم
خُضِعت الرِقاب ومالَت نَواكس الأَبصارِ
لَا يَغُرَّك يَنجاب الظَلامُ لِوَجهِهِ
فَبِهِ النُفوس تُقَرّ بالإيمانِ
أَيَزيدُ إنَّكَ لِلمَهَلَّبِ أَدرَكَت
كَفّاكَ خَيرَ خَلائِقِ الأَخيارِ
ما مِن يَدَي رَجُلٍ أَحَقُّ بِما أَتى
مِن مَكرُماتِ عَظايِمِ الأَخطارِ
فِي ساعِدَينِ يَزيدَ لِيَقْدَحَ زِندَهُ
كَفّاهُما وَأَشَدُّ عَقدِ جِوارِ
لَو وزنَت شَمامٌ بِحِلْمِهِ
لَأَمْلاَ كُلَّ مُقيمَةٍ حَضِرَارِ
وَلَقَد رَجَعتَ وَإِنَّ فارِسَ كُلَّها
مِن كُردِها خَوائِفُ المُرّارِ
فَتَرَكتَ أَخوَفَها وَإِنَّ طَريقَها
يَجوزَهُ النَبَطِيُّ بِالقِنطارِ
أمّا العِراقُ فَلَم يَكُن يُرجى بِهِ
حَتّى رَجَعتْ عَواقِبُ الأَطهارِ
فَجَمَعتَ بَعدَ تَفَرُّقٍ أَجنادَهُ
وَأَقَمت مَيلَ بِنائِهِ المُنهارِ
وَلِيُنزلَنَّ بِجيلِ جَيلانَ الَّذي
تَرَكَ البُحَيرَةَ مُحصَدَ الأَمرارِ
جَيشٌ يَسيرُ إِلَيهِ مُلتَمِسَ القِرى
غَصبًا بِكُلِّ مُسَوَّمٍ جَرّارِ
لَجِبٍ يَضيقُ بِهِ الفَضاءُ إِذا غَدَوا
وَأَرى السَماءَ بِغابَةٍ وَغُبارِ
فيهِ قَبائِلُ مِن ذَوي يَمَنٍ لَهُ
وَقُضاعَةَ بنِ مَعَدَّها وَنِزارِ
وَلَئِن سَلِمتَ لِتَعطِفَنَّ صُدورَها
لِلتُركِ عِطفَةَ حازِمٍ مِغوارِ
حَتّى يَرى رَتبيلُ مِنها غارَةً
شَعواءَ غَيرَ تَرَجُّمِ الأَخبارِ
يا للرفاقِ لموطن لجّوا به
حتى ازدرى أخلاقه فتخلقا
فإذا نزت همجٌ إلى طمع نزا
أوصَفّقَتْ فيه قرودٌ صفقا
ترك القريبَ من الصلاح ففاته
ورجا البعيدَ من الظنون فأخفقا
دبّت عقاربه إلى جيرانه
أو ما ترى بغداد أعدت جِلَّقا
أهل الخورنق والسدير ولو سعوا
رفعوا سديراً ثانياً وخورنقا
سبحان من خلق الرجالَ فلم يجدْ
رجلاً يحق لموطن أن يُخلقا
ما إن يزالُ مرَّشحاً لأُموره
متجبراً أو طامعاً أو أحمقا
وطني وداؤك أنفسٌ مملوءة
جَشَعاً فمن لي أن تُبِلَّ وُتفرقِا
بلوى الشعوب مخادعون إذا ادَّعوا
للنصح كذَّبتِ الفِعالُ المنطقا
الآن يلتمسون فكّ وَثاقه
من بعد ما نزل البلاء وأحدقا
وطني ومن لك أن تعود فترتقي
من بعد ما أعيا وعزّ المرتقى
ما إن ترى عينٌ لصبْحِك مَصْبحاً
للعاشقين ولا كليلِك مَغْبقا
زَهَرْت رياضك واجَتليتَ محَّلثاً
وصفت مياهك واحْتسيْتَ مرنقا
أفتلك دجلةُ بالنعيم مرفرفاً
تجري وبالعذب الزلال مصَّفقا
باتت تدفقها الرياح وإنما
ضاقت مسايلُ مائها فتدفقا
وبكت لواردها أسىً وكأنها
أمست تصعِّد منه صدراً ضيِّقاً
أقضى مرامِك أن تَفيضَ فتشتكى
ظمأ ربوعُك أو تفيض فتغرقا
لو يعلم الشجرُ الذي أنبتَّهُ
ما حل فيك منَ الأذى ما أورقا
رَجَعت خلاءً كفُّهم بك ثرةً
وَرَجعت أنت أبا الخزائن مُملِقا
اشفقت مما قد مُلكت قساوةً
أن لا ترِقَّ إذا ملكتَ فتُشفقا
مالي وطارقةُ الخطوب إذا دهت
فلكم سألت الله أن لا تُطرقا
عزم الرجال إذا تناهى حدهُّ
مثلُ الكِمام إذا استوى فتفتقا
مَثَلٌ جرى فيما مضى لمحنكٍ من
“يعرب” رام السداد فَوُفِّقا
أعيا به جمع العِصي فلم يُطِق
تحطيم َوحدتهنَّ حتى فرَّقا
أهدى لكم لو تقتفون سبيله
مَثَلاً به كان السبيلَ إلى البقا
أحدث التعليقات