لا شيء مما ترى يدوم بهاءه
يبقى الإله، بينما المال والأبناء يفنون
لم تغنِ خزائن هرمز عنه يوماً
والخلد سعى إليه العمالقة فلم ينالوا
ولا سليمان كانت الرياح تخدمه
فيما كان الإنس والجن يتواصلون
أين الملوك التي تشبثت بعزتها
من كل أفقٍ إليها وافد يزوره
حوضٌ هنالك مورود بلا كدر
لابد له من وردٍ يومًا كما وردوا
النصحُ أرخص ما يقدّمه الرجال؛ فلا
تتردد أمام ناصحٍ يسديك النصيحة ولا تعتب عليه
إن النصائح ليست خافية على العقول
على ذوي الفهم والفطنة من الرجال
إن اللبيب إذا اختلط أمره
يبحث في الأمور بين المتناظر والمستشار
أما الجاهل فيُعتمد على رأيه وحده
فتراه يتجاوز الأمور مخاطراً
قد زال الصواب من رأيه، كأنه
آراؤه نُسجت من مجرّد تأييد
فإذا دجى خطب، تبلج رأيه
نوراً من التوفيق والتصحيح
لقد توضحت أمامي معالم الرأي، إلا أنني
أبتعدت عن الأمر الذي كان أحكم
كيف يمكن أن يعود اللؤلؤ إلى الضرع بعدما
توزع حتى أصبح نهباً مقسماً
أخشى التواء الأمر بعد استقامته
وأن ينقطع الحبل الذي كان مشدوداً
أصدقائي، لا يكفي الرأي في جانب واحد
أشيروا عليّ اليوم بما ترونه
ليس كل ناصح يُعطيك نصيحته
وليس كل مُعطٍ لنصيحته لبيباً
لكن إذا اجتمعوا عند شخصٍ واحدٍ
فهو الذي يستحق من الطاعة نصيباً
وأخو الجهالة في الشقاء ينعم
مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد
وأخو الجهالة ينعما
قد نبذ الناس الحفاظ فأصبح
من ينسى ما قد ولى ويعاني الندم
لا تنخدع من عدوّ بدمعةٍ
واحذر شبيبتك من عدوٍّ يرحم
ومن البلية عتب من لا ينزجر
عن جهله وخطاب من لا يفهم
ومن العداوة ما يجلب لك نفعه
ومن الصداقة ما يضر ويؤلم
والذل يدل على كرم في الذليل
وأود منه لمن يود الأرقم
فأهون ما يمر به الوحل
لا تذكر عورة أحد بلسانك
فكلك عورات وللناس ألسن
وإن أبدت عينيك مساوئ الناس
فقل يا عين، للناس أعين
كلما أدبني الدهر
أراني ضعف عقلي
وإذا ما ازددت علماً
زادني علماً بجهلي
وموت من مضى قبلي ليس مضاراً لي
ولا حياة من بعدي تخلدني
احفظ لسانك يا إنسان
فلا يلدغنك، إنه ثعبان
كم من قتيل قُتل بسبب لسانه
كانت شجعان تخشى لقائه
إذا لم يكن العطاء صادقاً في غير تكلف
فدع ما لا يرفع عنك الأسف
ففي الناس أبدالٌ وفي الفراق راحةٌ
وفي القلب صبرٌ للحبيب ولوجفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه
ولا كل من صافيت له قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداعي طبعاً
فلا خير في ود يأتي بتكلف
ولا خير في خليل يخون صديقه
ويعامله بعد المودة بالهجر
وينكر عيشاً قد مضى عهدُه
ويظهر سراً كان بالأمس قد خفي
سلامٌ على الدنيا إذا لم يكن بها
صديقٌ صدوقٌ صادق الوعد منصفاً
حب السلامة يُخمد عزم صاحبه
عن المعالي، ويجعل المرء مستكيناً
تغرّب عن الأوطان في طلب العُلَا
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفريج همٍ واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجد
إذا حار أمرك في معنيين
ولم تدرِ أين الخطأ والصواب
فخالف هواك، فإن الهوى
يقدّم النفوس إلى ما يُعاب
إذا كنت ذا رأي، فكن ذا تدبر
فإن فساد الرأي أن تتعجل
إلى الله أشكو طوع نفسي للهوا
وإسرافها في غيّها وعيوبها
دعاني إلى ما تشتهي فأجبتها
فأضعَ نصيبي في طِلبي نصيبها
وما هي إلا كالفراشة، إنّها
ترى الناس ناراً ثم تُصلى لهيبها
جامل أخاك إذا استربت بودّه
وانظر به عقب الزمان العائد
فإن استمرّ به الفساد، فخله
فالعُضو يقطع للفساد الزائد
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
عليك بتقوى الله إن كنت غافلاً
يأتيك بالأرزاق من حيث لا تدري
فكيف تخاف الفقر والله رازقٌ
فقد رزق الطير والحوت في البحر
ومن ظنّ أن الرزق يأتي بقوة
ما أكل العصفور شيئًا مع النسر
تزول عن الدنيا، فإنك لا تدري
إذا جن عليك الليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيحٍ مات بلا علة
وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر
وكم من فتىٍ أمسى وأصبح ضاحكاً
وأكفانه في الغيب تنسج وهو لا يدري
فمن عاش ألفاً وألفين
فلا بد من يوم يسير إلى القبر
إن التعاون قوة علوية
تبني الرجال وتبدع الأشياء
إنما الورد من الشوك، وما
ينبت النرجس إلا من بصل
فرجت وكُنت أظنها لا تفرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
كل يدور على البقاء مؤملاً
وعلى الفناء تديره الأيام
عدوك من صديقك مستفاد
فلا تستكثرنّ من الأصحاب
وأفضل الناس ما بين الورى رجلٌ
تُقضى على يده للناس حاجات
لا تمنعنّ يد المعروف عن أحدٍ
ما دمت مقتدراً، فالسعد تارات
واشكر فضائل صنع الله إذ جعلتْ
إليك لا لك عند الناس حاجات
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها
من الحرام، ويبقى الإثم والعار
نميل مع الآمال وهي غرور
ونطمع أن تبقى، وذلك زور
لا يحسن الحلم إلا في مواضعه
ولا يليق الوفاء إلا لمن شكرا
لا تعجب بدنيا أنت تاركها
كم نالها من ملوك ثم قد ذهبوا
يا جامع المال في الدنيا لوارثه
هل أنت بالمال بعد الموت تنتفع؟
يموت رديء الشعر من قبل أهله
وجيّده يبقى وإن مات قائله
ومن هاب الرجال تهيبوه
ومن حقر الرجال فلن يُهابا
ومن لم يصانع في أمور كثيرة
يُضَرّسُ بأنيابٍ ويوطأ بمنسم
ومن يجعل المعروف من دون عرضه
يفره، ومن لا يتقي الشتم يُشتم
ومن يكُ ذا فضلٍ فيبخل بفضلٍ
على قومه يُستغنَ عنه ويذم
ومن هاب أسباب المنايا ينالها
وإن يرقَ أسباب السماء بسلّم
ومن يجعل المعروف في غير أهله
يكن حمده ذمّاً عليه ويندم
ومن يغترب يحسب عدواً صديقه
ومن لا يكرم نفسه لا يُكرم
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تُعلم
وكائن ترى من صامتٍ لك معجبٍ
زيادته أو نقصه في التكلّم
لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده
فلم يبقَ إلا صورة اللحوم والدم
أحدث التعليقات