غروب الشمس يعدّ من أجمل اللوحات الفنية التي ترسمها الطبيعة، فهو يبعث سحره إلى كل من يشاهده. ألوانه المشرقة تنبض بالحياة والجمال، وكأنها تعد بلقاء جديد في يومٍ مختلف، وأملٍ متجدد. تظهر الرمال والبحار والسهول والتلال كأنها مزيّنة بجواهر متلألئة، وفي هذه المقالة نستعرض أجمل ما قيل عن غروب الشمس وعظمته.
الخاطرة الأولى:
حملت أوراقي وتوجهت إلى البحر لأرى المنظر الذي يملأ القلوب بمشاعر مختلطة عند رؤيته. إنه وقت الغروب، وقفت أمام البحر وكان الصوت المنعش للأمواج حولي، أشعر بالصفاء بعيداً عن هموم الحياة، وأستمتع بجمال المنظر حيث تتداخل الشمس والبحر.
الخاطرة الثانية:
انتظرت غروبك أيها الشمس لأرى خيوطك الضعيفة تودع البحر والقوارب، وكأنها تودع يوماً مضى من حياتي. كانت تلك اللحظات تتيح لي التأمل في الشفق الأحمر وهو يحتضن التلال، ويحيل البحر والجو إلى مكانٍ سحري يبقى في الذاكرة، يُنسيك الهموم ويغمر قلبك بمشاعر جميلة.
الخاطرة الثالثة:
هل ستتركيني مع رمال الشاطئ وأصدافه اللامعة وترحلين؟ تقول الشمس: ألا تودين أن يشعر القمر بالوحدة في ظلام الليل؟ وفيما تنثر النجوم كأجراس متدلية، تهبط الغيوم لتواسيها وتردد: لماذا تبكي؟
الخاطرة الرابعة:
مدت صديقتي شعاعها الذهبي وتركتني في السماء كصياد وقع في كمين. نحن، بقدرة الله، لم نكن سوى لُعب من خلقه. أتركيني أرحل، فلن أكون للقمر ذليلاً. اذهبي ولكن عودي إلي. نحن جميعاً معاً في لوحة بديعة كما في خيال المبدعين.
الشاعر معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي، وُلِد في العراق عام 1945م، وشارك في العديد من الفعاليات الأدبية. ارتحل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق ثم إلى القدس، حيث عُيّن معلماً للأدب العربي. ومن مؤلفاته “دفع الهجنة”، و”محاضرات في الأدب العربي”. في قصيدته يقول:
نزلت تجر إلى الغروب ذيولا
صفراءُ تشبه عاشقاً مَبتولا
تهتز بين يد المغيب كأنها
صب تململ في الفراش عليلا
ضحكت مشارقها بوجهك بكرة
وبكت مغاربها الدماء أصيلا
مذحان في نصف النهار دلوكها
هبطت تزيد على النزول نزولا
قد غادرت كبد السماء منيرة
تدنو قليلاً للافتراق قليلا
حتى دنت نحو المغيب ووجهها
كالورس حال به الضياء حيولا
وغدت بأقصى الأفق مثل عرارة
عطِشت فأبدت صفرة وذبولا
غَرَبت فأبقت الشُّواظَ عَقيبها
شفقًا بحاشية السماء طويلا
شفق يروع القلب شاحب لونه
كالسيف ضمخ بالدما مسلولا
يحكى دم المظلوم ما زَجَ أدمعاً
هملت به عين اليتيم همولا
رقت أعاليه وأسفله الذي
في الأفق أشبِعُ عُصفراً محلولا
شفق كأن الشمس قد رفعت به
ردنا بذوب ضيائها مبلولا
كالخود ظلت يوماً ودّعت إلفها
ترنو وترفع خلفه المِنديلا
حتى توارت بالحجاب وغادرت
وجه البسيطة كاسفاً مخذولا
فكأنها رجل تخرم عزه
قرع الخطوب له فعاد ذليلا
وانحط من غُرف النباهة صاغراً
وأقام في غار الهوان خمولا
لم أنس قرب الأعظمية موقفي
والشمس دانية تريد افولا
وعن اليمين أرى مُروج مَزارع
وعن الشمال حدائقا ونخيلا
وتروع قلبي للدوالي نعرة
في البين يحسبها الحزين عويلا
ووراء ذاك الزرع راعي ثلة
رجعت تؤم إلى المراح قفولا
وهناك دون برذونتين قد أثنى
بهما العشي من الكراب نحيلا
وبمنتهى نظري دخان صاعد
يعلو كثيراً تارة وقليلاً
مد الفروع إلى السماء ولم يزل
بالأرض متصلاً يمد أصولا
وتراكبت في الجو سُود طباقه
تحكي تلولا قد حملن تلولا
فوقفتُ أرسل في المحيط المدَى
نظراً كما نظر السقيم كليلاً
والشمس قد غربت ولما ودعت
أبكت حزونا بعدها وسهولا
غابت فأوحشت الفضاء بكدرة
سقِم الضياء بها فزاد نحولا
حتى قضت رُوح الضياء ولم يكن
غير الظلام هناك عزرائيلا
وأتى الظلام دوّنه فدوّنه
يُرخي سدولاً جمة فسدولا
ليل بغيهِ والشخوصُ تلفعت
فظَللت أحسِب كل شخص غولا
ثم انثنيت اخوض غمر ظلامه
وتخِذت نجم القطب فيه دليلاً
إن كان أوحشني الدجى فنجومه
بعثت لتؤنسني الضياءَ رسولا
سبحان من جعل العوالم أنجما
يسبحن عرضاً في الأثير وطولا
كم قد تصادمتِ العقول بشأنها
وسعت لتكشف سرها المجهولا
لا تحتقر صِغر النجوم فإنما
أرقى الكواكب ما استبان ضئيلاً
دارت قديماً في الفضاء رحى القوى
فغدا الأثير دقيقها المنخولا
فاقرأ كتاب الكون تلق بمتنه
آيات ربك فصلت تفصيلاً
ودع الظنون فلا وربك إنها
لم تغن من علم اليقين فتيلا
أحدث التعليقات