جمال الطبيعة يُهذب الطبائع، إلا طبع من
لم يكن جزءاً منها. الكرمل سلام، والبندقية نشاز.
تَرى جَنّةً مِن جِنانِ الرَبيعِ
تَبَدَّت مَعَ الخُلدِ في مُستَوى.
جَمالُ الطَبيعَةِ في أُفقِها
تَجَلّى عَلى عَرشِهِ وَاِستَوى.
اقنعوا من حياتكم بهوى الفنّ
وسحر الطبيعة المعبود.
واحلموا بالطيور في ظلل الأغ
صان بين التحليق والتغريد.
اعشقوا الثلج في سفوح جبال ال
أرض والورد في سفوح التلال.
وأصيخوا لصوت قمرية الحق
ل تغني في داجيات الليالي.
اجلسوا في ظلال صفصافة الوا
دي وأصغوا إلى خرير الماء.
واستمدّوا من نغمة المطر السا
قط أحلى الإلهام والإيحاء.
وتغّنوا مع الرعاة إذا مرّ
وا على الكوخ بالقطيع الجميل.
وأحبوا النخيل والقمح والزه
ر وهيموا في فاتنات الحقول.
شجرات الصفصاف أجمل ظلاّ
من ظلال القصور والشرفات.
وغناء الرعاة أطهر لحنا
من ضجيج الأبواق والعجلات.
وعبير النارنج أحلى وأندى
من غبار المدينة المتراكم.
وصفاء الحقول أوقع في النف
س من القتل والأذى والمآثم.
وغرام الفراش بالزهر أسمى
من صبابات عاشق بشريّ.
ونسيم القرى المغازل أوفى
لعهود الهوى من الآدميّ.
وحياة الراعي الخياليّ أهنأ
من حياة الغنيّ بين القصور.
في سفوح التلال حيث القطيع ال
حلو يرعى على ضفاف الغدير.
حيث تثغو الأغنام في عطفة المر
ج وتلهو في شاسعات المجالي.
وينام الراعي المغرّد تحت السّ
رو مستسلما لأيدي الخيال.
في يديه الناي الطروب يناجي
ه ويشدو على خطى الأغنام.
مستمدّا من همس ساقية السف
ح لحون الشباب والأحلام.
آه لو عشت في الجبال البعيدا
ت أسوق الأغنام كل صباح.
وأغنّي الصفصاف والسرو أنغا
مي وأصغي إلى صفير الرياح.
أعشق الكرم والعرائش والنب
ع وأحيا عمري حياة إله.
كلّ يوم أمضي إلى ضّفة الوا
دي وأرنو إلى صفاء المياه.
اصدقائي الثلوج والزهر والأغ
نام, والعود مؤنسي ونجّيي.
ومعي في الجبال ديوان شعر
عبقريّ لشاعر عبقريّ.
أتغّنى حينا فتصغي إلى لح
ني مياه الوادي ومرتفعاته.
وأناجي الكتاب حينا وقربي
هدهد شاعر صفت نغماته.
وخرير من جدول معشب الضفّ
ة يجري إلى حفاف الوادي.
وثغاء عذب من الغنم النش
وى وهمس من النسيم الشادي.
آه لو كان لي هنالك كوخ
شاعريّ بين المروج الحزينه.
في سكون القرى ووحشتها أق
ضي حياتي لا في ضجيج المدينه.
ليتني من بنات تلك الجبال ال
غنّ حيث الجمال في كل ركن.
ليتني ليتني وهل تبعث الأح
لام إلا الدموع في كلّ عين.
قدّرت لي السنين أني هنا أق
ضي حياتي قلبا رقيقا شجيّا.
في ضباب الخيال أمشي وحولي
عالم للغنى يموت ويحيا.
قد أحبوا أيامهم وتمّرد
ت عليها فعشت في أحلامي.
إن أكن قد ولدت في هذه الضجّ
ة فلألتجيء إلى أوهامي.
ولأعش في الخيال حيث تهيم ال
روح بين المروج والقطعان.
أحدث التعليقات