تعتبر ليلة القدر واحدة من ليالي العشر الأواخر لشهر رمضان المبارك، وهي الليلة التي شهدت نزول القرآن الكريم. وقد اختار الله تعالى عدم تحديد هذه الليلة، وذلك لتحفيز المؤمنين على إحياء جميع ليالي العشر الأواخر، حيث تعد هذه الليلة مباركة، يُستجاب فيها الدعاء بإذن الله، وتتبدل الأحوال فيها نحو الأفضل. تُجلب بركتها لكل من يسألها من الله، فاللهم بلغنا ليلة القدر، وبارك لنا في إحيائها.
كتبها الشاعر بدر شاكر السياب، المولود في محافظة البصرة بالعراق، وهو واحد من أبرز شعراء القرن العشرين وأكثرهم شهرة. وهو يعد مؤسسًا للشعر الحر في الأدب العربي. إليكم بعض الأبيات من قصيدته حول ليلة القدر:
يا ليلة تفضل الأعوام والحقبا
هيجت للقلب ذكرى فاغتدا لهبا
وكيف لا يغتدي نارا تطيح به
قلب يرى هرم الاسلام منقلبا
يرى شعائر دين الله هاربة
يسفها النوء تمضي حيثما ذهبا
أين العنان الذي تلويه عاصفة
ما فاتحين يرون الموت مطلبا
للرغو حول شدوق الخيل وسوسة
والنقع يذري لثاما قنع السحبا
من كل محتسب بالله متكل
عليه يفري ضلوع البغي ان ضربا
كأن أسيافهم في كل معمعة
جسر الى جنة الفردوس قد نصبا
يا ليلة القدر يا ظلا تلوذ به
ان مسنا جاحم الرمضاء ملتها
ذكراك في كل عام صبيحة عبرت
من عالم الغيب تدعو الفتية العربا
أقوم أحمد مضروب على يدهم
بالذل من هول ذاك الفتح واعجبا
تفرقوا شيعا في كل حاضرة
قوم يقيمون من أغلالهم نصبا
لولا بقايا من الثوار صامدة
في ظل وهران تسقي خصمها العطبا
تكون ولى فرارا من جحافلها
والرعب مما تصك الظالم ارتعبا
لقلت واضعية الاسلام في بلد
بالأمس أعلى منار الحق ثم خبا
يا ليلة القدر أعلي قدر أمتنا
شهم تعالى على الشيطين وانتصبا
عبد الكريم الذي جاد الكريم به
أقال من عثرة شعبا بما وهبا
ما كان يرغب عن أنوالر ثورته
الا الخفافيش ساءت تلك منقلبا
هووا الى قاع بئر قرار لها
مستمسكين بحبل من دم خضبا
حبل تشد يد الشيطان أوله
ويجذب الفوضوي الخائن الذنبا
كم جيد عذراء دق الحبل أتلعه
وكم ذراع لطفل قص واجتذبا
ياليلة القدر نورا أضاء لنا
قاع السماء فأبصرنا مدى عجبا
تترل الروح رفافا بأجنحة
بيض على الكون أرخاهن أو سحبا
عطف الأمومة في عينيه متقد
وان يكن للتقاة المحسنين أبا
وللملائك تسح وزغردة
تكاد رناتها أن تذهل الشهبا
ومن دماء الضحايا في جوانبه
نار تمد اللسان المغلق الذربا
يشكو الى الله ذرى عقاربه
فأنبت زهرا من سمها أشبا
ومن هوت تقطع الأضلاع مديته
وساق ظلما الى الجلاد من هربا
ذكرى تعود كأن الغدر يبعثها
من كهف أمس الذي ولى بما كسبا
أمس الذي ان غفلنا عاد جاحمه
فاقتص ممن يحب الله والعربا
لا صلح بين الهدى والبغي لا سنة
تعمي النواظر عمن سامنا العطبا
كتبها الشاعر عبد المعطي الدالاتي، الذي وُلد في مدينة حمص السورية. حصل على عدة درجات علمية، منها دكتوراه في الطب والمجالات الدقيقة. يعمل كطبيب مخبري. يقول في قصيدته:
أطلِّي غُرّةَ الدهرِ .. أطلي ليلةَ القدرِ
أطلي درّةَ الأيام مثلَ الكوكب الدرّي
أطلّي في سماء العمر إشراقاً مع البدرِ
سلامٌ أنتِ في الليل وحتى مطلعِ الفجرِ
سلامٌ يغمرُ الدنيا يُغشّي الكونَ بالطهرِ
وينشرُ نفحةَ القرآنِ والإيمانِ والخيرِ
لأنكِ منتهى أمري فإني اليوم لا أدري
أفي حلُمٍ.. أفي وعيٍ.. أنا.. يا حَيرةَ الفكرِ!
فما قيسٌ وما ليلى وما ذاك الهوى العُذري!
حفظتُ هواكِ في سري، فباحتْ مهجةُ السرِّ
وصنتُ سناكِ في صدري فشعّتْ خفقةُ الصدرِ
أداريهِ وأسكبُهُ بقلبِ زجاجةِ العطرِ
وأصحَبهُ مدى عمري.. وأحملُه إلى قبري
لأنكِ أنت أمنيتي فرشتُ الحبَّ في قصري
لأجلكِ صُغتُ قافيتي ، وصغتُ قصيدةَ العمرِ
أرتّلها وأنشدُها فأرحلُ في مدى الشعرِ
فمن شطرٍ إلى شطرِ ومن سطرٍ إلى سطرِ
ويصغي الكونُ في شغفٍ لقافيةٍ على ثغري
لقافيةٍ ملوّنةٍ بلونِ خمائلِ الزهرِ
فحرفٌ لونهُ يُغوي ، وحرفٌ حسنهُ يغري
وليس الفضلُ لي أبداً فما عندي سوى فقري
وكلّ الفضل والنُعمى لربٍّ مالكٍ أمري
ومنْ يدري! بما قد رانَ من وزرٍ على ظهري
فيا رباهُ فارحمني.. فوزري ..آهِ من وزري
لأنكِ أنت أمنيتي.. لأنك ليلة القدرِ
أحدث التعليقات