فهم الطلاق الرجعي

لقد أباح الله -عز وجل- الطلاق كوسيلة لتنظيم العلاقات الزوجية، خاصة عندما تتحول الحياة الأسرية إلى ظروف قاسية وغير قابلة للتحمل، وعند عدم إمكانية إصلاح الوضع بين الطرفين. ومن أولى أنواع الطلاق التي نص عليها الشرع هو الطلاق الرجعي.

عرف العلماء الطلاق الرجعي بأنه ذلك الطلاق الذي يتيح للزوج إمكانية إرجاع زوجته إلى طاعته خلال فترة العدة، دون الحاجة إلى رضاها أو تشاور جديد، ودون إبرام عقد أو تحديد مهر جديد، وتهدف هذه العودة إلى إعادة الروابط الأسرية وعدم تفتيتها.

أحكام الطلاق الرجعي

حدد العلماء مجموعة من الأحكام المتعلقة بالطلاق الرجعي، ونستعرضها من خلال النقاط التالية:

• يعد الطلاق رجعيًا عندما يقوم الزوج بتطليق زوجته للمرة الأولى أو الثانية خلال فترة العدة، بينما يتحول الطلاق للمرة الثالثة إلى بينونة كبرى، ولا يمكن للزوج إرجاعها إلا بعد زواجها من شخص آخر.
• إذا طلق الرجل زوجته في المرة الأولى، فإنه يحق له العودة إليها خلال العدة دون الحاجة إلى مهر أو عقد جديد، وهذا ينطبق أيضًا على الطلقة الثانية.
• تبقى المرأة تحت مظلة الزوجية في حالة الطلاق الرجعي، مما يعني أنها ترثه ويستحق أن يرثها، ولها حقوق السكن والنفقة، كما يمكن للزوج الاستمتاع بها.
• إذا انقضت العدة للطلاق الرجعي في الحالتين الأولى والثانية ولم يتخذ الزوج إجراءً بعودتها، فإن الطلاق سيتحول إلى بينونة صغرى، وفي هذه الحالة لن يتمكن من إرجاعها إلا بمهر وعقد جديد وبموافقتها.
• إذا انقضت عدة المرأة المطلقة رجعيًا دون أن تعود إلى عصمة زوجها، يمكنها الزواج من شخص آخر، ولها حق العودة لزوجها إذا رغب في ذلك.
• يكون الطلاق رجعياً بشرط عدم حدوثه قبل الدخول؛ إذ يعد الطلاق قبل الدخول بينونة صغرى.
• تعتد المرأة المطلقة رجعيًا في بيت الزوج، مما يسهل إمكانية إعادتها إلى العصمة.
• ينصح المطلقة طلاقًا رجعيًا بالتزين والتطيب لتشجيع الزوج على مراجعتها خلال فترة العدة.
• لا يُسمح للزوج بإخراج زوجته من منزلها خلال العدة حتى تنتهي.
• الطلاق الذي يحدث مقابل مال من الزوجة لا يعتبر طلاقًا رجعيًا، بل يُصنّف ضمن حالات الخلع.

الآثار المترتبة على الطلاق الرجعي

ينتج عن الطلاق الرجعي عدد من الآثار، والتي سنوضحها من خلال ما يلي:

• انخفاض عدد الطلقات

يترتب على الطلاق الرجعي تقليل عدد الطلقات. فالأصل أن لدى الرجل ثلاث طلقات، فإذا طلق زوجته طلاقًا رجعيًا تصبح لديه طلقتان، وإذا طلقها مرة ثانية بحكم الطلاق الرجعي تظل لديه نفس الوضعية حتى انتهاء العدة، مما يجعل الطلقة الثالثة بينونة كبرى.

• انتهاء الرابطة الزوجية عند انقضاء العدة

إذا طلق الرجل زوجته طلاقًا رجعيًا ولم يقدم على مراجعتها واستعادة عصمتها حتى انتهاء عدتها، فإن الرابطة الزوجية تنتهي بصورة تلقائية.

• إمكانية المراجعة أثناء العدة

يمتلك الزوج الحق في إرجاع الزوجة إلى عصمته خلال فترة الطلاق الرجعي، دون الحاجة إلى عقد أو مهر جديدين، كما أن للمرأة الحقوق الناتجة عن هذه العلاقة، مثل حق الافتداء خلال العدة.