كتب الشاعر أبو القاسم الشابي هذه الأبيات عن الأب:
ما كنتُ أحسبُ بعد موتِكَ يا أبي
ومشاعري عمياء بأحزانِ
أني سأظمأُ للحياةِ، وأحتسي
من نهرها المتوهج النشوانِ
وأعود للدنيا بقلبٍ خافقٍ
للحب، والأفراح، والألحانِ
ولكل ما في الكون من صور المنى
وغرائب الأهوا وتبين الأشجانِ
حتى تحركت السنين، وأقبلت
فتن الحياة بسحرها الفناني
فإذا أنا ما زلت طفلاً مولعاً
بتعقب الأضواء والألوانِ
وإذا التشاؤم في الحياة ورفضُها
ضرٌّ من الوهتان والهذيانِ
إن ابن آدم في قرارة نفسه
عبد الحياة الصادق الإيمان
كتب الشاعر السوري نزار قباني هذه القصيدة بعد وفاة والده:
أمات أبوك؟
ضلال! أنا لا يموت أبي.
ففي البيت منه
روائح رب.. وذكرى نبي
هنا ركنه.. تلك أشياؤه
تفتق عن ألف غصن صبي
جريدته. تبغُه. متكاهُ
كأن أبي – بعد – لم يذهبِ
وصحن الرماد.. وفنجانه
على حاله.. بعد لم يشربِ
ونظارته.. أيسلو الزجاجُ
عيوناً أشفَّ من المغرب؟
بقاياه، في الحجرات الفساحِ
بقايا النسور على الملعبِ
أجول الزوايا عليه، فحيثُ
أمرُّ.. أمرُّ على معشبِ
أشُدُّ يديه.. أميل عليه
أصلّي على صدره المُتعَبِ
أبي.. لم يزل بيننا، والحديثُ
حديث الكؤوس على المشربِ
يسامرنا.. فالدوالي الحبلى
تتوالد من ثغره الطيبِ..
أبي خبراً كان من جنةٍ
ومعنى من الأرخبِ..
وعينا أبي.. ملجأٌ للنجومِ
فهل يذكر الشرق عيني أبي؟
بذاكرة الصيف من والدي
كرومٌ، وذاكرة الكوكبِ..
أبي يا أبي .. إن تاريخ طيبٍ
وراءكَ يمشي، فلا تعتبِ..
على اسمك نمضي، فمن طيبٍ
شهي المجاني، إلى أطيبِ
حملتك في صحو عيني.. حتى
تهيّأ للناس أني أبي..
أشيك حتى بنبرة صوتي
فكيف ذهبت.. ولا زلتَ بي؟
إذا فلة الدار أعطت لدينا
ففي البيت ألف فم مذهَبِ
فتحنا تموز أبوابنا
ففي الصيف لا بد يأتي أبي..
أحدث التعليقات