تُعد المساجد بيوت الله -عز وجل- في هذه الأرض، حيث جعلها الله -عز وجل- مكاناً للأمان والسلام، ومجتمعاً لعبادة الله -سبحانه وتعالى- وحده. يقول -تعالى-: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)، وهي أماكن تحمل محبة الله -سبحانه وتعالى- العظيمة.
وقد أوضح رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ذلك بقوله: (أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا)، مشيراً إلى مدى احترام المساجد لدى الله -عز وجل-، وكذلك لدى عباده المؤمنين الصالحين، حتى شبهها النبي -صلى الله عليه وسلم- ببيوتهم، حيث قال: (الْمَسْجِد بَيتُ كُلّ تَقِيّ).
يتجلى اهتمام النبي -صلى الله عليه وسلم- العميق في بناء المساجد عندما وصل إلى حي بني عمرو بن عوف في قباء، حيث بدأ في بناء مسجد قباء، الذي يُعتبر أول مسجد بُني في المدينة. وبعد مواصلته -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، كان أول عمل له هو تخصيص أرض لبناء مسجده -صلى الله عليه وسلم-.
أثنى الله -سبحانه وتعالى- على الذين يعمرون مساجده، فقال -جلَّ جلاله-: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ).
يظهر جلياً اهتمام النبي -صلى الله عليه وسلم- ببناء المساجد والدعوة إلى ذلك من خلال الأحاديث النبوية التي حثَّت أمته على ذلك، لما يعود به من أجر عظيم، أشار إليه الله -سبحانه وتعالى- على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-. ومن أبرز هذه النصوص ما يلي:
يُروى أن عُثمان بن عفان -رضي الله عنه- أراد بناء المسجد وقد كَرِهَ النَّاس ذلك، مفضلين أن يبقى المسجد كما هو. فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (مَن بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ بَنَى اللَّهُ له في الجَنَّةِ مِثْلَهُ).
وأشار الإمام النووي -رحمه الله- إلى معنى هذا الحديث وثوابه، حيث قال: “قوله: مِثْله، يحتمل أمرين؛ الأول: أن يكون بمعنى أن الله -تعالى- يُبنى له مثله في مسمى البيت، وأما صفته في السعة وغيرها فهي معروفة، وأما الثاني: فإن فضله على بيوت الجنة كفضل المسجد على بيوت الدنيا”.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ).
أحدث التعليقات