تعد القصائد الغزلية من أروع ما قدمه الشعراء العرب، ومن أبرز هذه القصائد ما يلي:
يستعرض الشاعر المعروف عنترة بن شداد في قصيدته تلك:
هلّا سألتِ الخيلَ يا ابنة مالكٍ
إن كنتِ جاهلةً بما لم تعلمي
إذ لا أزالُ على رحالةٍ سابحٍ
نهدٍ تعاوره الكُمات مُكَلِّمِ
طَورًا يُجَرَّدُ للطِعانٍ وتارةً
يَأوي إلى حَصدِ القَسيِ عَرمرمِ
يُخبِركِ من شهدَ الواقعةَ أنني
أغشى الوغى وأعفُ عند المغنمِ
ومُدَجَّجٍ كَرِهَ الكُماتُ نِزالَهُ
لا مُمعِنٍ هَرَبًا ولا مُستَسلِمِ
جادَت له كفّي بعاجل طعنةٍ
بِمُثَقَّفٍ صَدقِ الكعوبِ مُقَوَّمِ
فَشَكَكتُ بالرُمحِ الأَصمِ ثيابهُ
ليسَ الكريمُ على القَنا بمُحَرَّمِ
فَتركتُهُ جزرَ السِباعِ يَنُشنهُ
يقضِمنَ حُسنَ بِنانِهِ والمِعصمِ
ومِشَكِّ سابِغَةٍ هَتَكتُ فُروجَها
بالسيفِ عن حامي الحقيقة مُعلِمِ
ربذٍ يَداهُ بالقِداحِ إذا شَتَى
هَتَّاكِ غاياتِ التِجارِ مُلَوَّمِ
لمّا رآني قَد نَزَلتُ أُريدُهُ
أبدى نَواجِذَهُ لِغَيرِ تَبَسُّمِ
عَهدي بِهِ مَدَّ النَهارِ كَأنَّما
خُضِبَ البَنانُ ورَأسُهُ بالعِظلِمِ
فطَعَنتُهُ بالرُمحِ ثم عَلَوتُهُ
بمُهَندٍ صافي الحَديدَةِ مِخذَمِ
بَطَلٍ كَأَنَّ ثِيابَهُ في سَرحَةٍ
يُحذى نِعالَ السِبتِ لَيسَ بِتَوَأَمِ
يا شاةَ ما قَنَصٍ لمَن حَلَّت لهُ
حُرِمت عَلَيَّ ولَيتَها لم تَحرُمِ
فَبعَثتُ جارِيَتي فَقُلتُ لَها اِذهَبي
فتَجسَّسي أخبارَها لِيَ وَاِعلَمي
قالَت رَأَيتُ منَ الأَعادي غِرَّةً
والشاةُ مُمكِنَةٌ لِمَن هوَ مُرتَمِ
وكأنّما اِلتَفَتَت بِجيدِ جَدايَةٍ
رَشإٍ مِنَ الغِزلانِ حُرٍّ أَرثَمِ
نِبِّئتُ عَمروًا غَيرَ شاكِرِ نِعمَتي
والكُفرُ مَخبَثَةٌ لِنَفسِ المُنعِمِ
وَلَقَد حَفِظتُ وَصاةَ عَمّي بالضُحى
إِذ تَقلِصُ الشَفَتانِ عَن وَضَحِ الفَمِ
في حَومَةِ الحَربِ الَّتي لا تَشتَكي
غَمَراتِها الأَبطالُ غَيرَ تَغَمغُمِ
إِذ يَتَّقونَ بِيَ الأَسِنَّةَ لم أَخِم
عَنها وَلَكِنّي تَضايَقَ مُقدَمي
لمّا رأَيتُ القَومَ أَقبَلَ جَمعُهُم
يَتَذامَرونَ كَرَرتُ غَيرَ مُذَمَّمِ
يَدعونَ عَنتَرَ والرِماحُ كَأَنَّها
أَشطانُ بِئرٍ في لَبانِ الأَدهَمِ
ما زِلتُ أَرميهِم بِثُغرَةِ نَحرِهِ
ولَبَانِهِ حَتّى تَسَرّبَلَ بِالدَمِ
فَازَوَرَّ مِن وَقعِ القَنا بِلَبانِهِ
وشَكا إِلَيَّ بِعَبرَةٍ وَتَحَمحُمِ
لَو كانَ يَدري ما المُحاوَرَةُ اِشتَكى
وَلَكانَ لَو عَلِمَ الكَلامَ مُكَلِّمي
وَلَقَد شَفى نَفسي وَأَذهَبَ سُقمَها
قيلُ الفَوارِسِ وَيكَ عَنتَرَ أَقدِمِ
وَالخَيلُ تَقتَحِمُ الخَبارَ عَوابِساً
مِن بَينِ شَيظَمَةٍ وَآخَرَ شَيظَمِ
ذُلُلٌ رِكابي حَيثُ شِئتُ مُشايِعي
لُبّي وَأَحفِزُهُ بِأَمرٍ مُبرَمِ
يقول الشاعر السعودي يحيى:
سمراءُ رقي للعليل الباكي
وترفقي بفتى مُناه رضاكِ
ما نام منذ رآكِ ليلة عيده
وسقته من نبع الهوى عيناكِ
أضناه وجدٌ دائمٌ وصبابة
وتسهدٌ وترسمٌ لخطاكِ
أتخادعين وتخلفين وعودَه
وتعذبين مدلّها بهواكِ
وهو الذي بات الليالي ساهرا
يرعى النجوم لعله يلقاكِ
في يوم عيدٍ حافل قابلتِه
فتسارعتْ ترخي الخمارَ يديكِ
أتحرّمين عليه منية قلبه
وتحلين لغيره رؤياكِ
وتسارعين إلى الهروبِ بخفةٍ
كي لا يمتّع عينَه بهاكِ
وتعذبين فؤادَه في قسوةٍ
رحماكِ زاهدة الهوى رحماكِ
ما كان يرضى أن يراكِ عذوله
بين الصبايا تعرضين صباكِ
وتقربين عذوله بعد النوى
وترددين تحية حياكِ
يا منية القلب المعذب رحمة
بالمستجير من الجوى بحماكِ
أحلامه دوما لقاؤكِ خلسة
عند الغدير وعينُه ترعاكِ
ترضيه منك إشارة أو بسمة
أو همسة تشدو بها شفتاكِ
لا تهجري وتقوضي أحلامَه
وتحطمي آمالَه بجفاكِ
وترفقي بفؤادِه وتذكري
قلبي بداية سعده رؤياكِ
قد كان أقسم أن يتوبَ عن الهوى
حتى أسرتِ فؤادَه بصباكِ
سمراءُ عودي واذكري ميثاقنا
بين الخمائل والعيونُ بواكِ
كيف افترقنا … إيه عذراءَ الهوى
لم أنسَ عهدك لا ولن أنساكِ
بين المروج على الغدير تعلقتْ
يني بعينك والفؤادُ طواكِ
ثم التقينا في الخميلة خلسة
وشربتُ حينا من سلافِ لماكِ
وتساءلتْ عيناك بعد تغيبي
أنسيتَ عهدي أيها المتباكي؟
لا والذي فطر القلوب على الهوى
أنا ما نسيتُ ولا سلوتُ هواكِ
لكنّ قلبي والفؤادَ ومهجتي
أسرى لديكِ فأكرمي أسراكِ
سأظل في محراب حبكِ ناسكا
متبتلا مستسلما لقضاكِ
يقول الشاعر أحمد شوقي:
أُداري العُيونَ الفاتِراتِ السَواجِيا
وأَشكو إِلَيها كَيدَ إِلـسانِها لِيا
قَتَلنَ وَمَنَّينَ القَتيلَ بِأَلسُنٍ
مِنَ السِحرِ يُبدِلنَ المَنايا أَمانِيا
وكَلَّمنَ بالأَلحاظِ مَرضى كَليلَةٍ
فَكانَت صِحاحاً في القُلوبِ مَواضِيا
حَبَبتُكِ ذاتَ الخالِ وَالحُبُّ حالَةٌ
إِذا عَرَضَت لِلمَرءِ لَم يَدرِ ماهِيا
وَإِنَّكِ دُنيا القَلبِ مَهما غَدَرتِهِ
أتى لَكِ مَملوءً مِنَ الوَجدِ وافِيا
صُدودُكِ فيهِ لَيسَ يَألوهُ جارِحاً
وَلَفظُكِ لا يَنفَكُّ لِلجُرحِ آسِيا
وَبَينَ الهَوى وَالعَذلِ لِلصَبرِ هِزَّةٌ
كَخَصرِكِ بَينَ النَهدِ وَالرِدفِ واهِيا
وَعَرَّضَ بي قَومي يَقولونَ قَد غَوى
عَدِمتُ عَذولي فيكِ إِن كُنتُ غاوِيا
يَرومونَ سُلواناً لِقَلبي يُريحُهُ
وَمَن لي بِالسُلوانِ أَشريهِ غالِيا
وَما العِشقُ إِلّا لَذَّةٌ ثُمَّ شِقوَةٌ
كَما شَقِيَ المَخمورُ بِالسُكرِ صاحِيا
أحدث التعليقات