إليك بعض الأبيات الشعرية التي تحمل معها معاني الجرح.
للشاعر محمود درويش:
واقف تحت النوافذ، في الشارع، واقف
درجات السلم المهجور لا تعرف خطوي
ولا يعرف الشباك
من يد النخلة أصطاد سحابة
عندما تسقط في حلقي ذبابة
وعلى أنقاض إنسانيتي
تعبر الشمس وأقدام العواصف
واقف تحت النوافذ القديمة
من يدي يهرب دوري وأزهار حديقة
اسأليني: كم من العمر مضى
حتى تلاقى كل هذا اللون والموت، تلاقى بدقيقة؟
وأنا أجتاز سردابا من النسيان،
والفلفل، والصوت النحاسي
من يدي يهرب دوري ..
وفي عيني ينوب الصمت عن قول الحقيقة!
عندما تنفجر الريح بجاديو
تكف الشمس عن طهي النعاس
وأسمي كل شيء باسمه،
عندها أبتاع مفتاحا وشباكا جديدا
بأناشيد الحماس!
أيها القلب الذي يحرم من شمس النهار
ومن الأزهار والعيد، كفانا!
علمونا أن نصون الحب بالكره!
وأن نكسو ندى الورد.. غبار!
أيها الصوت الذي رفرف في كل شيء
صفير لهب، علمونا أن نغني، ونحب
كل ما يطلعه الحقل من العشب،
ومن النمل، وما يتركه الصيف على أطلال دار.
علمونا أن نغني، ونداري
حبنا الوحشيّ، كي لا يصبح الترنيم بالحب مملا!
عندما تنفجر الريح بجليدي
سأسمّي كل شيء باسمه
وأدق الحزن والليل بقيدي
يا شبابيكي القديمة..!
للشاعر أدونيس:
الورق النائم تحت الريح
سفينةٌ للجرح
والزمنُ الهالك مجدُ الجرح
والشجر الطالع في أهدابنا
بحيرةٌ للجْرح.
والجرحُ في الجسور
حين يطول القبر
حين يطول الصبر:
بين ضفاف حبنا موتنا، والجْرح
إيماءةٌ والجرحُ في العبور
للّغة المخنوقة الأجراس
أمنح صوت الجُرح
للحَجر المقبل من بعيد
للعالم اليابس لليباس
للزمن المحمول في نقّالة الجليد
أشعل نار الجرح؛
حينما يحترق التاريخ في ثيابي
وتنبت الأظافر الزرقاء في كتبي
وحينما أصيحُ بالنهار
-من أنتَ، من يرميك في دفاتري
في أرضيَ البتول؟
ألمح في دفاتري في أرضيَ البتول
عينين من غبار
أسمع من يقول:
“أنا هو الجرح الذي يصبح
يكبر في تاريخك الصغير”.
سمّيتكَ السحاب
يا جرحُ يا يمامة الرحيل
سميتُك الريشة والكتاب
وها أنا أبتدئُ الحوار
بيني وبين اللغة العريقة
في جُزُر الأسفار
في أرخبيل السقطة العريقة
وها أنا أعلّم الحوار
للريح والنخيل
يا جرحُ يا يمامة الرحيل.
لو كان لي في وطن الأحلام والمرايا
مرافئٌ، لو كان لي سفينة
لو أنّ لي بقايا
مدينةٍ لو أنّ لي مدينة
في وطن الأطفال والبكاء
لَصغْتُ هذا كله للجُرح
أغنيةً كالرمح
تخترق الأشجار والحجار والسماء
لينةٌ كالماء
جامحةً مذهولةً كالفتح.
أمطرْ على صحرائنا
يا عالماً مزيناً بالحلم والحنين
أمطر، ولكن اهتز لنا، نحن، نخيل الجرح
واكسر لنا غصنين
من شجر يعشق صمت الجرح
مقوس الأهداب واليدين.
يا عالماً مزيناً بالحلم والحنين:
يا عالماً يسقط في جبيني
مرتسماً كالجرح
لا تقتربْ، أقربُ منك الجرح
لا تُغْرِني، أجملُ منك الجرح
وذلك السحر الذي رمتْه
عيناك في الممالك الأخيرة
مرّ عليه الجرح
مرّ فلم يترك له شراعاً
يغوي، ولم يترك له جزيرة.
نقدم لك هذه الخواطر التي تعبر عن عمق الألم الذي تحمله الجروح.
ما أصعب أن تشعر بالحزن وكأنه ساكنٌ في داخلك، ألم عميق يجعلك تستمر في السير بلا هدف أو شريك أو رفيق، فتجد نفسك مع الحزن والندم فريقاً واحداً، ويغرق وجهك بين الدموع، ويتحول الأمل المتبقي في حياتك إلى طيف مجروح.
أنا جريح في هذه الحياة… أشعر دائمًا بأن خاطري مكسور. لقد أثقلتني الهموم والمشاكل. من سيجفف دموعي ويخفف ألمي؟ ليس لدي سوى قلمي الذي يخرجني من طريق حيرتي وأحزاني، ومن يأسي ونفسي التي تبكي… آه، صبري… صبرني على الهجر وعلى زمن الخيانة. لقد ضاعت سنين العمر بينما كنت أجمع الروح وأداوي الجروح. فمتى سيأتي يومٌ يستريح فيه هذا الجريح؟
مرت بي السنوات، وكانت من أصعب الفترات في حياتي، تعلمت خلالها أن لا شيء يبقى على حاله، فكل شيء متغير، حتى اللحظات والمشاعر والأشخاص والورود. تعلمت أن الحب هو أن تمنح كل ما لديك للآخر، وأن تدعه يجرحك، وقبول واقع الألم هو الخيار الأفضل الذي قد تلجأ إليه.
أحدث التعليقات