قصيدة “أريد الحياة”
فقد أضاءت عيونك شعاعًا حزينًا
تراقصت مع الليل في قلب الفضاء
جئت إليك كغصن قديم
تحتضن وجنتيه دماء الألم
عشقتك في الصباح ندى زهرك
وحفظتك في الفجر كسرًا للضوء
وصحوت يومًا من حلمي كطفل
رأيتك كغيرك من النساء
تفتشين عن سجن وقيود ثقيلة
بينما عشت سنواتي كتيم لخيبات الأمل!
أخشى القيود وظلام الزنازين
هل بالإكراه ينتج العطاء؟!
أريد الحياة ربيعًا وفجرًا
وحلمًا يعانق السماء
فما جدوى قيود السنين
إن كبلنا بها الآمال والرجاء؟!
ترى، هل تودين سجنًا كبيرًا
يموت في حناياه الوفاء؟
أريد الحياة كطائر حر
يطمح للشمس مكانًا وللعمر ماء
أريدك صباحًا في كل شيء
كفانا ليل الشقاء مع الخوف.
قصيدة “لحن الحياة”
إذا الشعب يومًا أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي
ولا بد للقيود أن تنكسر
ومن لم يعانق حلم الحياة
تبخر في هوائها واندثر
فويل لمن لم تشقّه الحياة
من صفعة العدم المنتصر
هكذا قالت لي الكائنات
وتحدثني روحها المستتر
ودمدمت الريح بين الفجاج
وفوق الجبال وتحته الشجر:
إذا ما طمحتُ إلى غايةٍ
ركبت المنى ونسيت الحذر
ولم أتحاشى وعور الشِعاب
ولا كُبّة اللهب المستعر
ومن يتهيب صعود الجبال
يعيش أبَدَ الدهر بين الحفر
فعجت في قلبي دماء الشباب
وتهت في صدري ريح عاتية…
وأطرقت، أصغي لقصف الرعود
وعزف الرياح ووقع المطر
سألت الأرض عندما سألت:
أيَّا أم، هل تكرهين البشر؟
أبارك في الناس أهلَ الطموح
ومَن يسعد بركوب الخطر
وألعن من لا يواكب الزمان
ويقنع بعیش كالأنعام الخاسر
إنه الكون حي، يحب الحياة
ويحتقر الميت مهما كان كبيرًا
فلا الأفْق يحتضن ميت الطيور
ولا النحل يلثم ميت الزهر
ولولا أمومة قلبي الرؤوم
لما ضمت الميت تلك الحفر
فويل لمن لم تشقه الحياة
من لعنة العدم المنتصر
وفي ليلة من ليالي الخريف
مثقلة بالأسى والضجر
سُكِرت بها من ضياء النجوم
وغنَّيتُ للحزن حتى سكرْ
سألت الدجى: هل تعيد الحياة
لمّا أذبلت ربيع العمر؟
فلم تتكلم شفاها الظلام
ولم تترنم عذارى السحر
وقالت لي الأرض في رقةٍ
محببة مثل خفق الوتر:
يجئ الشتاء شتاء الضباب
شتاء الثلوج شتاء المطر
فينطفئ السحر، سحر الغصون
وسحر الزهور وسحر الثمر
وسحر السماء، الشجي الوديع
وسحر المروج الشهية العطر
وتهوي الغصون، وأوراقها
وأزهار عهدٍ حبيبٍ نضر
وتلهو بها الريح في كل وادٍ
ويدفنها السيل أنى مرّ
ويفنى الجميع كحلمٍ بديعٍ،
تألق في مهجة واندثر
وتبقى البذور التي حمِّلت
ذخيرة عمرٍ جميل غبار
وذكريات فصول ورؤى الحياة
وأشباح دنيا، تلاشت زمر
معانقةً وهي تحت الضباب
وتحت الثلوج وتحْت المدر
لطيف الحياة الذي لا يُملّ
وقلب الربيع الشذي الأخضر
وحالمةً بأغاني الطيور
وعطر الزهور وطعم الثمر.
قصيدة “إنّ الحياة قصيدة”
ما للقبور كأنّما لا ساكن
فيها، وقد حوت العصور الماضية
طوت الملايين الكثيرة قبلنا
ولسوف تطوينا وتبقى خالية
أين المها وعيونها وفتونها
أين الجبابر والملوك العاتية
زالوا من الدنيا كأن لم يولدوا
سحقتهم كفّ القضاء القاسية
إنّ الحياة قصيدة أعمارنا
أبياتها، والموت فيها قافية
متّع لحظك في النجوم وحسنها
فلسوف تمضي والكواكب باقية.
قصيدة “رصيد الحياة”
رصيدك في بنك الحياة غرورُ
إذا لم يغطيه تقى وضميرُ
وفي (شركات) المال سهمك خاسرٌ
إذا جفّ إحساس ومات شعورُ
أخي إنما الإسلام بِرٌّ ورحمة
وعطفٌ له في راحتيك عبيرُ
ودنياك جسر في الطريق إلى الهدى
ففكّر: إلى ماذا غداً ستصيرُ
فقدّم إلى أخراك ما شئت إنه
لظى جاحمٌ أو نضرةٌ وسرورُ
تُعلمنا الدنيا فننسى دروسها
ونلهو وعند الامتحان نشورُ
حماقةُ طبعٍ آدمي وغفلة
تعاقب أجيال بها وعصورُ
مضت منذ قارون بنا وحياتنا
تدور على أهوائها وتسيرُ
وأنت ملاقٍ كل شيء عملته
جزاء وفاقًا والحساب عسيرُ
كأنّا نسينا الموت وهو حقيقة
لها غدوات بيننا وبكور
ننام ونصحو عابثين ونلتقي
سكارى وأوهام الحياة خمورُ
وننكر أشياء ونأتي بمثلها
وذلك نقصٌ في النهي وقصورُ
أنا لا أذم المال كيما أناله
فحالي بحمد الله منه قريرُ
ولكنني أستهجن المال إن غدا
تقاس به الأقدار وهو حقيرُ
عبدنا حطام المال حتى كأنه
إلهٌ على كل الأمور قديرُ
وسرنا إليه خاضعين كأننا
قطيع شياهٍ ما لهن خفيرُ
رصيد الحياة الخير والبر والتقى
وكل رصيد غيرهن قشورُ
هي الباقيات الصالحات لعاقلٍ
إليها بأشواق الحياة يطيرُ.
أحدث التعليقات