لا تنتظر شخصاً خذلك،
بل انتظر إشراقة جديدة يمكن أن تخترق قلبك الجريح،
فتعيد إليك فرحة الأيام وتعيد نبض قلبك الجميل.
لا تحاول أن تبحث عن حلم خذلك،
ولكن اجعل من حالة الانكسار بداية لحلم جديد.
لا تتوقف طويلاً عند الذكريات،
خصوصاً إذا كانت الخفافيش تسكن فيها، والأشباح قد وجدت طريقها.
ابحث عن صوت عصفور،
يتسلل خلف الأفق مع ضوء صباح جديد.
لا تنظر إلى الأوراق التي غيرت لونها،
وبهتت حروفها.. وتاهت سطورها بين الألم والوحشة.
ستكتشف أن هذه السطور ليست الأجمل مما كتبت،
وأن هذه الأوراق ليست آخر ما سطرت.
يفترض بك أن تميز بين من احتفظ بسطورك في عينيه،
ومن ألقاها للرياح.
لم تكن هذه السطور مجرد كلمات عابرة،
بل هي مشاعر قلب عاشها حرفاً بحرف،
ونبض إنسان حملها حلماً،
واشتعل بمرارتها ألماً.
لا تكن كمالك الحزين،
هذا الطائر العجيب الذي يغني أجمل ألحانه وهو ينزف.
فلا شيء في الحياة يستحق نقطة من دمك.
إذا أغلق الشتاء أبواب منزلك،
وحاصرتك تلال الجليد من كل الجهات،
فالانتظار لموسم الربيع، وافتح نوافذك لنسمات الهواء النقي.
انظر بعيداً سترى أسراب الطيور قد عادت تغني،
ورؤية الشمس ترسل الأشعة الذهبية فوق أغصان الأشجار،
لتخلق لك عهداً جديداً، وحلماً جديداً، وقلباً جديداً.
ادفع عمرك كاملاً مقابل إحساس صادق وقلب يحتويك،
ولا تدفع منه لحظة واحدة في سبيل شخص هارب،
أو قلب ابتعد عنك بلا سبب.
لا تذهب إلى الصحراء بحثاً عن الأشجار الجميلة،
ففي الصحراء لن تجد سوى الوحدة.
انظر إلى المئات من الأشجار التي تحيطك بظلها،
وتسعدك بثمارها.. وتبهجك بأغانيها.
لا تحاول إعادة حساب الأمس،
وما فقدته فيه؛ فالعمر، عندما تسقط أوراقه، لن يعود أبداً.
لكن مع كل ربيع جديد ستنبت أوراق جديدة.
فانظر إلى تلك الأوراق التي تغطي وجه السماء،
وتجنب أي شيء سقط على الأرض، لأنه أصبح جزءاً منها.
إذا كان الأمس ضائعاً، فبين يديك اليوم.
وإذا كان اليوم سيجمع أشيائه ويرحل، فالغد في انتظاره.
لا تحزن على الأمس فهو لن يعود،
ولا تأسف على اليوم فهو راحل.
أحياناً نعتاد على الحزن حتى يصبح جزءاً منا، ونصبح جزءاً منه..
في بعض الأحيان، تعتاد عين الإنسان على الألوان القاتمة،
وتفقد القدرة على رؤية ما سواها..
ولو حاول أن يرى ما حوله لوجد أن اللون الأسود جميل،
لكن الأبيض أجمل منه.
وأن لون السماء الرمادي يحرك المشاعر والخيال،
ولكن لون السماء أصفى في زرقته..
فابحث عن الصفاء حتى لو كان لحظة،
وابحث عن الوفاء حتى لو كان شاقاً ومتعباً.
ولا تترك قلبك ومشاعرك وأيامك لأشياء مر عليها الزمن.
وإذا لم تجد من يسعدك، فاجعل سعادتك تعتمد على نفسك،
وإذا لم تجد من يضيء لك الطريق فلا تبحث عن من أخمده.
وإذا لم تجد من يزرع في أيامك وردة،
فلا تلاحق من غرس في قلبك سهماً وولى.
أحياناً يغمرنا الحزن حتى نعتاد عليه وننسى،
أن في الحياة أشياء كثيرة يمكن أن تسعدنا،
وأن هناك وجوهاً عديدة يمكن أن تضئ،
في ظلام حياتنا توجد شمعة، فابحث عن قلب يمنحك الضوء،
ولا تجعل نفسك رهينة أحزان الليالي المظلمة.
في إحدى الليالي الحزينة، وفي ركن من غرفتي الظلماء، أمسكت قلمي لأدون همومي وأحزاني. وإذا بقلمي يسقط مني ويهرب بعيداً، فتوجهت نحوه لأسترده، ولكنه فرّ عن أناملي المرتعشة.
تعجبت وسألته، “ألا يا قلمي المسكين، أتهرب مني أم من قدري الحزين؟” فأجابني بصوت حزين، “سيّدي، تعبت من كتابة معاناتك، ومعانقة هموم الآخرين.” ابتسمت، وقلت له، “يا قلمي الحزين، هل ستترك جراحنا وأحزاننا دون التحدث بها؟” فقال، “اذهب وعبّر عمّا في أعماق قلبك لإنسان عزيز عليك، بدلاً من تعذيب نفسك وتعذيب من ليس له قلب.” سألته، “وإذا كانت هذه الجراح بسبب شخص هو أغلى من الروح، فلمن أبوح؟” فتجهم قلمي في حيرة وأطلق ورقتي البيضاء نحو وجهي. تناولته، وتمكنت منه وهو صامت. كنت أظن أنه قد خضع لي وسيساعدني في كتابة خاطرتي، لكن إذا بالحبر ينفجر من قلمي متدفّقاً. تعجبت.. ونظرت إليه قائلاً، “ماذا تعني؟” قال “سيّدي، لأنني بلا قلب ولا روح، أترغب في أن أخطّ أحزان قلبك دون أن أبكي لفؤادك المجروح؟”
آه، ما أصعب لحظة الفراق.. حينها تنتهي الكلمات وتكتفي الدموع بالتعبير.. حزينة قلب ودمعة عين واسترجاع لكل الذكريات.. الذكريات هي الشيء الذي يبقى لدينا بعد الفراق.. ذكريات قد تمزج بين ابتسامة ودمعة أو تضيف دمعة لدموع الفراق.. ذكريات سنوات قضيناها مع الأحبة نسترجعها في دقائق، والسبب هو الفراق.. وبقدر حبنا لمن نفارقهم تكون صعوبة لحظة الوداع.
قررت الرحيل.. ورحيلي لن يُؤجل.
قررت الرحيل وكان القرار اضطرارياً.
قررت الرحيل.. ولن أعود.
ارحلي!! تلك الكلمة تردّدت في أذني فظننتها مزحة.
ارحلي!!! قيلت لي بصوت عالٍ وبكل جديّة.
سأرحل وسأبتعد.. سأرحل وسأختفي.
سأرحل ولا أدري إلى أين؟؟؟
سأرحل ولا أعلم ما تخبئه لي الأيام القادمة.
أحدث التعليقات