يعتبر موشح “جادك الغيث” من فئة الموشحات الكاملة، ويتألف من مجموعة من الأغصان والأقفال، إلى جانب المطلع والخرجة. وفيما يلي تفاصيل تقسيم أجزائه:
يمثل المطلع القفل الأول في الموشح:
جادَكَ الغيْثُ إذا الغيْثُ هَمى
يا زَمانَ الوصلِ بالأندَلُسِ
لمْ يكُنْ وصْلُكَ إلاّ حُلُما
في الكَرَى أو خِلسَةَ المُخْتَلِسِ
يتكون من الغصن الأول والقفل الثاني:
إذْ يقودُ الدّهْرُ أشْتاتَ المُنَى
تنْقُلُ الخَطْوَ علَى ما يُرْسَمُ
زُفَراً بيْنَ فُرادَى وثُنَى
مثْلَما يدْعو الوفودَ الموْسِمُ
والحَيا قدْ جلّلَ الرّوضَ سَنا
فثُغورُ الزّهْرِ فيهِ تبْسِمُ
ورَوَى النّعْمانُ عنْ ماءِ السّما
كيْفَ يرْوي مالِكٌ عنْ أنسِ
فكَساهُ الحُسْنُ ثوْباً مُعْلَما
يزْدَهي منْهُ بأبْهَى ملْبَسِ
يتألف من الغصن الثاني والقفل الثالث:
في لَيالٍ كتَمَتْ سرَّ الهَوى
بالدُّجَى لوْلا شُموسُ الغُرَرِ
مالَ نجْمُ الكأسِ فيها وهَوى
مُسْتَقيمَ السّيْرِ سعْدَ الأثَرِ
وطَرٌ ما فيهِ منْ عيْبٍ سَوَى
أنّهُ مرّ كلَمْحِ البصَرِ
حينَ لذّ الأنْسُ مَع حُلْوِ اللّمَى
هجَمَ الصُّبْحُ هُجومَ الحرَسِ
غارَتِ الشُّهْبُ بِنا أو ربّما
أثّرَتْ فيها عُيونُ النّرْجِسِ
يتكون من الغصن الثالث والقفل الرابع:
أيُّ شيءٍ لامرِئٍ قدْ خلَصا
فيكونُ الرّوضُ قد مُكِّنَ فيهْ
تنْهَبُ الأزْهارُ فيهِ الفُرَصا
أمِنَتْ منْ مَكْرِهِ ما تتّقيهْ
فإذا الماءُ تَناجَى والحَصَى
وخَلا كُلُّ خَليلٍ بأخيهْ
تبْصِرُ الورْدَ غَيوراً برِما
يكْتسي منْ غيْظِهِ ما يكْتَسي
وتَرى الآسَ لَبيباً فهِما
يسْرِقُ السّمْعَ بأذْنَيْ فرَسِ
يتألف من الغصن الرابع والقفل الخامس:
يا أُهَيْلَ الحيّ منْ وادِي الغضا
وبقلْبي مسْكَنٌ أنْتُمْ بهِ
ضاقَ عْنْ وجْدي بكُمْ رحْبُ الفَضا
لا أبالِي شرْقُهُ منْ غَرْبِهِ
فأعِيدوا عهْدَ أنْسٍ قدْ مضَى
تُعْتِقوا عانِيكُمُ منْ كرْبِهِ
واتّقوا اللهَ وأحْيُوا مُغْرَما
يتَلاشَى نفَساً في نفَسِ
حُبِسَ القلْبُ عليْكُمْ كرَما
أفَتَرْضَوْنَ عَفاءَ الحُبُسِ
يتكون من الغصن الخامس والقفل السادس:
وبقَلْبي منْكُمُ مقْتَرِبٌ
بأحاديثِ المُنَى وهوَ بَعيدْ
قمَرٌ أطلَعَ منْهُ المَغْرِبُ
بشِقوةِ المُغْرَى بهِ وهْوَ سَعيدْ
قد تساوَى مُحسِنٌ أو مُذْنِب
في هَواهُ منْ وعْدٍ ووَعيدْ
ساحِرُ المُقْلَةِ معْسولُ اللّمَى
جالَ في النّفسِ مَجالَ النّفَسِ
سدَّدَ السّهْمَ وسمّى ورَمى
ففؤادي نُهْبَةُ المُفْتَرِسِ
يتكون من الغصن السادس والقفل السابع:
إنْ يكُنْ جارَ وخابَ الأمَلُ
وفؤادُ الصّبِّ بالشّوْقِ يَذوبْ
فهْوَ للنّفْسِ حَبيبٌ أوّلُ
ليْسَ في الحُبِّ لمَحْبوبٍ ذُنوبْ
أمْرُهُ معْتَمَدٌ ممْتَثِلُ
في ضُلوعٍ قدْ بَراها وقُلوبْ
حكَمَ اللّحْظُ بِها فاحْتَكَما
لمْ يُراقِبْ في ضِعافِ الأنْفُسِ
مُنْصِفُ المظْلومِ ممّنْ ظَلَما
ومُجازي البَريءِ منْها والمُسي
يتكون من الغصن السابع والقفل الثامن:
ما لقَلْبي كلّما هبّتْ صَبا
عادَهُ عيدٌ منَ الشّوْقِ جَديدْ
كانَ في اللّوْحِ لهُ مكْتَتَبا
قوْلُهُ إنّ عَذابي لَشديدْ
جلَبَ الهمَّ لهُ والوَصَبا
فهْوَ للأشْجانِ في جُهْدٍ جَهيدْ
لاعِجٌ في أضْلُعي قدْ أُضْرِما
فهْيَ نارٌ في هَشيمِ اليَبَسِ
لمْ يدَعْ في مُهْجَتي إلا ذَما
كبَقاءِ الصُّبْحِ بعْدَ الغلَسِ
يتكون من الغصن الثامن والقفل التاسع:
سلِّمي يا نفْسُ في حُكْمِ القَضا
واعْمُري الوقْتَ برُجْعَى ومَتابْ
دعْكَ منْ ذِكْرى زَمانٍ قد مضى
بيْنَ عُتْبَى قدْ تقضّتْ وعِتابْ
واصْرِفِ القوْلَ الى المَوْلَى الرِّضى
فلَهُم التّوفيقُ في أمِّ الكِتابْ
الكَريمُ المُنْتَهَى والمُنْتَمَى
أسَدُ السّرْحِ وبدْرُ المجْلِسِ
ينْزِلُ النّصْرُ عليْهِ مثْلَما
ينْزِلُ الوحْيُ بروحِ القُدُسِ
يتكون من الغصن التاسع والقفل العاشر:
مُصْطَفَى اللهِ سَميُّ المُصْطَفَى
الغَنيُّ باللّهِ عنْ كُلِّ أحَدِ
مَنْ إذا ما عقَدَ العهْد وَفَى
وإذا ما فتَحَ الخطْبَ عقَدْ
مِنْ بَني قيْسِ بْنِ سعْدٍ وكَفى
حيْثُ بيْتُ النّصْرِ مرْفوعُ العَمَدْ
حيث بيْتُ النّصْرِ محْميُّ الحِمَى
وجَنى الفَضْلَ زكيُّ المَغْرِسِ
والهَوى ظِلٌّ ظَليلٌ خيَّما
والنّدَى هبّ الى المُغْتَرَسِ
يتكون من الغصن العاشر والخرجة:
هاكَها يا سِبْطَ أنْصارِ العُلَى
والذي إنْ عثَرَ النّصْرُ أقالْ
عادَةٌ ألْبَسَها الحُسْنُ مُلا
تُبْهِرُ العيْنَ جَلاءً وصِقالْ
عارَضَتْ لفْظاً ومعْنىً وحُلا
قوْلَ مَنْ أنطَقَهُ الحُبُّ فَقالْ
وهي القفل الحادي عشر.
هلْ دَرَى ظبْيُ الحِمَى أنْ قد حَمَى
قلْبَ صبٍّ حلّهُ عنْ مَكْنِسِ
فهْوَ في خَفْقِ وحَرٍّ مثْلَما
ريحُ الصَّبا بالقَبَسِ
الموشح هو نوعٌ من الشعر يحتوي على أشكال وأغصان وأوزان مختلفة، ويسمح فيه للشاعر بالتنوع في القوافِي، وهو ابتكار أندلسي يُشبه في عرضه الأوشحة بتصميمها وزخارفها. عادةً ما يتكون الموشح من سبعة أجزاء أو أكثر، ويُعتبر “الموشح الغنائي” نوعًا خاصًا يتكون من ثلاثة مقاطع متساوية ومقطع متكرر، مصممة خصيصًا للأداء الغنائي.
تنقسم الموشحات إلى نوعين: الموشح الكامل الذي يحتوي على ستة أقفال، والموشح الأقرع الذي يحتوي على خمسة أقفال. كل نوع يتألف من مجموعة من الأجزاء كما يلي:
يعد المطلع الجزء الأول من الموشح، ويتوازى مع مطلع القصيدة التقليدية. وجوده ليس إلزاميًا؛ إذا زُكر يصبح الموشح كاملاً، وإذا حُذف يُعرف بالموشح الأقرع، وهو يمثل القفل الأول في الموشح.
الجزء الذي يلي المطلع في الموشح التام، ويبدأ به الموشح الأقرع مباشرة، ويتكون من ثلاثة أشطر على الأقل، حيث تتفق أشطر الغصن في القافية ولكنها تختلف مع الأغصان الأخرى.
يأتي هذا الجزء بعد الغصن، ويجب أن يتوافق مع المطلع من حيث الوزن والقافية. يجب الحفاظ على وحدة الوزن والقافية في جميع الأقفال، حيث يتكرر القفل ست مرات في الموشح الكامل، وخمس مرات في الموشح الأقرع.
يمثل مجموع كل غصن مع القفل تابع له، وغالبًا ما تحتوي الموشحات على خمسة أبيات.
يعرف بـ “سمط” وهو كل جزء من أشطار الغصن، ويجب ألا يقل عن ثلاثة أشطر، ويمكن أن تكون بسيطة أو مركبة. عدد الأسماط في الغصن الأول يحدد عددها في الأغصان اللاحقة، وتكون الأسماط داخل كل غصن متوافقة في القافية مع بعضها، ولكن لا تشترط هذه الوحدة مع باقي أسماط الأغصان الأخرى.
هي القفل الأخير في الموشح، وتتسم بأنها جزءًا أساسيًا من هيكله ولا يمكن الاستغناء عنها. يُفضل أن تكون لغة الخرجة مغايرة للغة باقي الموشح لتوسيع دائرة تلقيها بين مختلف الطبقات الشعبية، ويمكن أن تكون دائماً باللهجة المحلية أو بلغة الأعجمية أو بلغة فصيحة غير معربة.
أحدث التعليقات