أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر بن محمد، المعروف بالمازري، هو إمام فقيه من أئمة المذهب المالكي. وُلِدَ في عام 453هـ بمدينة المهدية في تونس، وكان له دور بارز في عدة مجالات علمية بما في ذلك الأدب والطب والرياضيات. اشتهر المازري بكونه واحداً من أبرز الفقهاء في عصره، حيث تميز بحفظ الأحاديث وشرحها، بالإضافة إلى علمه الواسع وورعه وتواضعه.
اشتهر الإمام المازري بلقب المازري، الذي يعود إلى مدينة مازرة الواقعة على الساحل الجنوبي لجزيرة صقلية مقابل شمال تونس، حيث وُلِدَ ونشأ. منذ صغره، تلقى تعليمه على يد عدد كبير من العلماء، ويُعتقد أنه لم يغادر مدينة المهدية.
من أبرز العلماء الذين تلقى العلم على أيديهم الإمام المازري:
يُعتبر الإمام المازري من العلماء الذين بلغوا مرتبة الاجتهاد، وقد شهد له الكثير من الفقهاء وعلماء عصره بذلك، ومنهم الإمام الذهبي وابن فرحون وآخرون. كان المازري أشعري العقيدة، وقد اتبع خطى الإمام أبي الحسن الأشعري في بيان أصول العقيدة الإسلامية من خلال مؤلفه “المعلم بفوائد مسلم”.
في هذا الكتاب، قدم الإمام المازري العديد من آرائه حول العقيدة، ومنها:
من المهم الإشارة إلى أن مسألة الإيمان كانت موضوع نقاش واسع بين الفرق الإسلامية السنية وغير السنية، حيث لم تتفق هذه الفرق على رؤية موحدة بشأنها. بينما كان الإمام المازري يُعرِّف الإيمان بأنه اليقين والتصديق.
تُعد عقوبة مرتكب المعصية الناطق بالشهادتين موضوع جدل بين الفرق الإسلامية مثل المعتزلة والمرجئة. حيث يعتقد الإمام المازري أن المرجئة ترى أن المعصية لا تؤثر على الإيمان، بينما يصر المعتزلة على أن مرتكب المعصية الكبيرة سيخلد في النار، وهو فاسق. أما الأشاعرة، التي ينتمي إليها المازري، فتعتبر مرتكب المعصية مؤمناً حتى وإن لم يُغفر له وعُذّب، إلا أنه في النهاية سيخرج من النار بفضل الشفاعة.
كان الإمام المازري غزير الإنتاج الفكري، ومن أهم مؤلفاته:
توفي الإمام المازري في يوم 8 من ربيع الأول عام 530هـ، الموافق 12 تشرين الأول 1141م، عن عمر يناهز ثلاثة وثمانين عاماً، قضى معظمها في العلم والعمل. وكانت وفاته في مدينة المهدية في عهد الحسن بن علي بن يحيى بن تميم المعز. وقد خلفت وفاته تأثيراً عميقاً في نفوس الناس، حيث حزن الجميع لفراقه.
نُقل جثمانه بواسطة زورق بحري من مدينة المهدية إلى “المنستير”، حيث يدفن العلماء والصالحون، وقد حضر الجنازة حشد كبير من الناس للصلاة عليه ودفنه. تم إقامة بناء بسيط على ضريحه ظل قائماً حتى أواخر القرن الثاني الهجري.
نظراً لقرب المقبرة من البحر، قرر الناس نقل الجثمان في يوم 23 من شهر ذي القعدة عام 1176هـ، الموافق 9 حزيران 1763م، إلى المقام الذي يوجد حتى اليوم في مقبرة المنستير.
أحدث التعليقات