تُعتبر مدينة دمشق، التي تعد عاصمة الجمهورية العربية السورية، واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم، حيث يعود تاريخ تأسيسها إلى حوالي 11,000 عام، وتحديداً في الألفية الثالثة قبل الميلاد. تمتاز المدينة بوجود العديد من المواقع الأثرية التي تعكس الحضارات المتنوعة التي مرت بها، بدءاً من الحضارة الرومانية ووصولاً إلى السلاجقة الأتراك. تحتوي دمشق على حوالي 125 نصباً تذكارياً وموقعاً تاريخياً، ومن أبرز معالمها هو الجامع الأموي الكبير.
في عام 1979، تم إدراج مدينة دمشق كموقع تراث عالمي، حيث يتناغم الطابع التاريخي لدمشق القديمة مع التكوين الحضاري المعاصر للمدينة. لا تزال المدينة تحتفظ بالطابع التاريخي المميز من خلال الحفاظ على المباني الأثرية العامة مثل المنازل والمراكز التجارية.
تقع مدينة حلب عند تقاطع طرق تجارية شهيرة منذ الألفية الثانية قبل الميلاد، وقد خضعت للعديد من الحضارات مثل الحيثيين والسريانيين والأكاديين والإغريق والرومان والأمويين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين. لذلك، تشتهر حلب بالعديد من المعالم التاريخية مثل حصن حلب، والمسجد الكبير الذي شُيد في القرن الثاني عشر الميلادي، والمدارس الدينية التي تعود للقرنين السادس والسابع عشر، فضلاً عن الكثير من المنازل والخانات والحمامات العامة.
تقع حصن حلب ضمن الأسوار القديمة للمدينة، ويمثل شاهداً على القوة العسكرية العربية خلال الفترة ما بين القرنين الثاني والرابع عشر الميلادي. يحتوي أيضاً على علامات تدل على الحضارات السابقة حتى القرن العاشر قبل الميلاد، بالإضافة إلى بقايا المسجد والقصر والحمامات. كما تضم المدينة بعض المباني المسيحية التي تعود حتى القرن السادس عشر، مع بوابات وأسوار تعود للعصور الوسطى، ومدارس إسلامية من العصور الأيوبية والمملوكية وبعض القصور والمساجد التي تم بناؤها خلال فترة الحكم العثماني.
تشتهر حلب ببعض المواقع التي شهدت فترات الاحتلال، مثل: باب الفرج الذي يقع خارج أسوار المدينة في الاتجاه الشمالي الغربي، وحي الجديدة نحو الشمال، بالإضافة إلى العديد من الأحياء في الجنوب والشرق التي تحتوي على بنايات دينية ومساكن.
ظهر اسم بصرى الشام في رسائل تل العمارنة الشهيرة المكتشفة في مصر، والتي تعود لقرن الرابع عشر قبل الميلاد. تُظهر هذه الرسائل المراسلات بين ملوك الفراعنة والفينيقيين والعموريين. كانت بصرى الشام في السابق العاصمة الشمالية لمملكة الأنباط، وشهدت تحولات كبيرة سنة 106م عند دخولها تحت الحكم الروماني بقيادة سيفيروس ألكسندر، الذي أطلق عليها لقب مستعمرة بصرى.
أصبحت بصرى وجهة تجارية رئيسية للقوافل العربية في ظل الحكم البيزنطي، وكان لأساقفتها دور كبير في بطريركية أنطاكيا. كانت أول مدينة عربية تفتحها العرب في الفتوحات الإسلامية في سنة 634م، وتعتبر المدينة الآن موقعاً أثرياً مهماً يحوي آثاراً رومانية ونبطية وبيزنطية وإسلامية، مثل: المسرح الروماني الذي شُيد في القرن الثاني عشر الميلادي في عهد الإمبراطور الروماني تراجان، والمسجد العمري الذي يعد أقدم مسجد قائم في التاريخ الإسلامي، وكاتدرائية بصرى التي أنشئت في المرحلة المسيحية المبكرة.
تمتاز تدمر بموقعها في وسط الصحراء السورية، وتحتوي على العديد من الآثار الرومانية والإغريقية والفارسية، مما يجعلها واحدة من أكثر الوجهات الجاذبة للسياح في سوريا. وقد اكتسبت أهميتها كمركز رئيسي للقوافل التجارية منذ عام 44 ق.م حتى 272م، كما أضيفت تدمر رسمياً إلى قائمة التراث العالمي في عام 1980.
من أبرز معالم تدمر شارع الأعمدة الكبير الروماني الذي يمتد بطول 1100 متر، والذي يربط معبد بل بساحة معسكر دقلديانوس. كما تحتوي تدمر على الساحة الدائرية، والمسرح الكبير، والعديد من المعابد الرومانية، إضافةً إلى بعض المقابر التي تقع خارج أسوار المدينة في منطقة تُعرف بوادي القبور، وقلعة فخر الدين المعني، المعروفة أيضاً باسم قلعة تدمر، التي تعود إلى القرن الثالث عشر الميلادي.
يُعرف الجامع الأموي أيضاً باسم جامع دمشق الكبير، ويعتبر من بين أقدم وأكبر المساجد في العالم. يُعد هذا المعلم رائداً في العمارة الإسلامية، وقد بُني نمطاً على تصميم جامع النبي محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة. يتكون مبنى المسجد من ثلاثة ممرات مدعومة بأعمدة على الطراز الكورنثي، ويتميز بقبة ومحراب يسهلان على الزوار تحديد اتجاه القبلة.
تقع مدينة أفاميا على الضفة اليمنى لنهر العاصي، على بعد 55 كم شمال شرق مدينة حماة، إذ تطل على سهل الغاب. تذكر المصادر التاريخية أنها أُسست من قبل الملك السلوقي سلوقس نيكاتور في عام 300 ق.م، وأُطلق عليها هذا الاسم نسبةً إلى اسم زوجته.
ازدهرت المدينة وارتفع عدد سكانها ليصل إلى حوالي نصف مليون نسمة. وباعتبارها نقطة التقاء رئيسية للطرق التجارية، كانت مقصدًا للعديد من الشخصيات البارزة مثل الملكة كليوبترا والإمبراطورين الرومانيين سيبتيموس سيفيروس وكاراكلا. كما كانت مركزاً للفكر والفلسفة خلال الفترة المسيحية، واشتهرت بالآثار الرومانية والبيزنطية، الشاهدة على وجود جدران عالية والطريق الرئيسي الممتد بطول 1850 متر وعرض 87 متر، المحاط بأعمدة ذات نهايات معقوفة. لكن الكثير من هذه الأعمدة تدمرت في القرن الثاني عشر الميلادي نتيجة زلازل قوية، بالإضافة إلى أنقاض المسرح الروماني الذي تعرض للاهتزاز بشكل متكرر حتى أصبح مجرد كومة من الحجارة.
تقع شرق أفاميا قلعة المضيق، والتي تضم برجين مرتفعين يطلان على سهل الغاب، إضافةً إلى خان بُني خلال الفترة العثمانية في القرن السادس عشر الميلادي، ويحتوي حالياً على متحف يضم مجموعة من الفسيفساء والرسومات وأكثر من 15,000 لوح مسماري. كما شكلت المدينة سداً دفاعياً طويلاً خلال الحروب مع الصليبيين في القرن الثاني عشر الميلادي، التي انتهت باستسلامها عام 1149م لصالح نور الدين.
توجد قلعة صلاح الدين بين جبال الساحل السوري، عبر 25 كم شرق اللاذقية في الطريق المؤدي إلى مدينة حلب. تعود الآثار المتبقية فيها إلى القرن الثاني عشر الميلادي من الفترة الصليبية. تتميز القلعة بجدرانها الحجرية وأبراجها العالية والخندق المحيط بها، بالإضافة إلى الجزء المتبقي من الجسر الداعم الذي يربط بين أجزاء الموقع، والذي يتكون من قطعة رقيقة من الصخر بطول 28 متراً. استولى صلاح الدين الأيوبي على القلعة في عام 1188م، حيث تعتبر هذه الحملة واحدة من أنجح حملاته العسكرية. ثم جاء حكم المماليك الذين قاموا ببناء مسجد وحَمامات ومدرسة وحوض مياه وخزان داخل القلعة.
تقع قلعة الحصن قرب مدينة حمص، وتعتبر واحدة من أجمل قلاع العصور الوسطى الصليبية في العالم وأقوى الحصون في الشرق. تتكون القلعة من قلعتين متصلتين، حيث تحيط القلعة الخارجية بجدار دفاعي مدعم بأبراج شبه دائرية، بينما تتفوق القلعة الداخلية على الخارجية من حيث الارتفاع.
تشتهر مدينة معلولا بأماكنها الدينية المسيحية البارزة التي تعود للقرن العاشر قبل الميلاد، وتقع المدينة على بعد 50 كم شمال غرب دمشق، على ارتفاع 1500 متر عن سطح البحر. يُعني اسم معلولا المكان المرتفع ذو الهواء المنعش، باللغة السريانية التي لا زالت تُستخدم من قبل سكان المدينة المسلمين والمسيحيين.
تقع مدينة أوغاريت الأثرية على تلة اصطناعية تُدعى رأس شمرا، وتبعد 10 كم شمال اللاذقية، وتطل على السواحل الشمالية للبحر الأبيض المتوسط. اكتُشفت المدينة لأول مرة من قبل فلاح أثناء عمله في ميناء البيضا، مما أطلق العنان لحملات حفريات رسمية قادها علماء آثار فرنسيون تحت إشراف كلود شيفر. تُعتبر حروف كلمة أوغاريت من بين الأكثر تعقيداً في العالم القديم، حيث تتضمن ثلاثين رمزاً.
تقع مدينة دورا أوربوس في الشمال الشرقي من دير الزور، بين مدينة الميادين والبوكمال. تشتهر المدينة بكنيسة دورا أوربوس التي شيدت في عام 232م، وتعتبر أول كنيسة منزلية مكتشفة في العالم. سُمّيت بذلك لأنه في القرون الثلاثة الأولى للكنيسة، كان المسيحيون يجتمعون في المنازل للعبادة بسبب الاضطهاد الذي تعرضوا له قبل صدور مرسوم قسطنطين سنة 313م، الذي أعلن فيه التسامح الديني في جميع أنحاء الإمبراطورية. وتُعد واحدة من أقدم الكنائس المحفوظة، ويُعتقد أن اللوحات الجدارية الموجودة فيها قد تكون من أقدم الرسومات الكنسية في التاريخ.
أحدث التعليقات